باب ميراث المفقود .
وهو : من إنقطع خبره لغيبة ظاهرها السلامة : كالأسر والخروج للتجارة والسياحة وطلب العلم إنتظر تتمة تسعين سنة منذ ولد في أشهر الروايتين لأن الغالب أنه لا يعيش أكثر من هذا وعنه : ينتظر به حتى يتيقن موته أو يمضي عليه مدة لا يعيش في مثلها وذلك مردود إلى إجتهاد الحاكم وهو قول : الشافعي ومحمد بن الحسن وهو المشهور عن مالك وأبي حنيفة وأبي يوسف لأن الأصل حياته .
فإن فقد إبن تسعين إجتهد الحاكم في تقدير مدة إنتظاره .
وإن كان ظاهرها الهلاك : كمن فقد من بين أهله أو في مهلكه كدرب الحجاز أو فقد بين الصفين أي : صف المسلمين وصف المشركين .
حال الحرب أو غرقت سفينة ونجا قوم وغرق آخرون إنتظر تتمة أربع سنين منذ فقد ثم يقسم ماله في الحالتين لأنها أكثر مدة الحمل ولأنها مدة يتكرر فيها تردد المسافرين والتجار فانقطاع خبره عن أهله إلى هذه الغاية يغلب ظن الهلاك وتعتد زوجته عدة الوفاة وتحل للأزواج بعد ذلك نص عليه لاتفاق الصحابة على ذلك قال أحمد : من ترك هذا القول أي شئ يقول ؟ هو عن خمسة من الصحابة وقال : يروى عن عمر من ثمانية أوجه قيل : زعموا أن عمر رجع قال : هؤلاء الكذابون .
قيل : فيروى من وجه ضعيف أن عمر قال بخلافه قال : لا إلا أن يكون إنسان يكذب ولا تفتقر إمرأة المفقود إلى حكم حاكم بضرب المدة وعدة الوفاة لأن الظاهر موته أشبه ما لو قامت به بينة ولا يفتقر أيضا إلى طلاق ولي زوجها بعد عدة الوفاة لتعتد بعد ذلك بثلاثة قروء لأنه لا ولاية لوليه في طلاق إمرأته وما روي عن عمر - أنه أمر ولي المفقود أن يطلقها - قد خالفه قول ابن عباس وابن عمر وقال عبيد بن عمير : [ فقد رجل في عهد عمر فجاءت إمرأته إلى عمر فذكرت ذلك له فقال : إنطلقي فتربصي أربع سنين ففعلت ثم أتته فقال : إنطلقي فاعتدي أربعة أشهر وعشرا ففعلت ثم أتته فقال : أين ولي هذا الرجل ؟ فجاء وليه فقال : طلقها ففعل فقال عمر : إنطلقي فتزوجي من شئت فتزوجت ثم جاء زوجها الأول فقال له عمر : أين كنت ؟ فقال : إستهوتني الشياطين فوالله ما أدري في أي أرض كنت عند قوم يستعبدونني حتى غزاهم قوم مسلمون فكنت فيمن غنموه فقالوا لي : أنت رجل من الإنس وهؤلاء الجن فما لك وما لهم ؟ فأخبرتهم خبري فقالوا : بأية أرض الله تحب أن تصبح ؟ فقلت : بالمدينة : هي أرضي فأصبحت وأنا أنظر إلى الحرة - وزاد البيهقي قال : - فأما الليل فلا يحدثوني وأما النهار فإعصار ريح أتبعها إلى آخره .
فخيره عمر : إن شاء إمرأته وإن شاء الصداق فاختار الصداق ] رواه الأثرم والجوزجاني وقضى بذلك عثمان وعلي وابن الزبير وهو قول ابن عباس وهذه قضايا إنتشرت ولم تنكر فكانت إجماعا قاله في الكافي وإذا ثبت ذلك في النكاح مع الإحتياط للأبضاع ففي المال أولى قال الإمام أحمد : إذا أمرت زوجته أن تتزوج قسمت ماله .
فإن قدم بعد القسم أخذ ما وجده بعينه لتبين عدم إنتقال ملكه عنه .
ورجع بالباقي أي : ببدله على من أخذه لتعذر رده بعينه .
فإن مات مورث هذا المفقود في زمن إنتظاره أي : في المدة التي قلنا : ينتظر به فيها .
أخذ كل وارث غير المفقود .
اليقين أي : ما لا يمكن أن ينقص عنه مع حياة المفقود أو موته .
ووقف له الباقي حتى يتبين أمره أو تنقضي مدة الإنتظار فإن قدم المفقود أخذه وإلا فحكمه كبقية ماله .
ومن أشكل نسبه ورجي إنكشافه .
فكالمفقود في أنه إذا مات أحد الواطئين لأمه وقف له منه نصيبه على تقدير إلحاقه به فإن لم يرج إنكشافه : بأن لم ينحصر الواطئون لأمه أو عرض على القافة فأشكل عليهم ونحوه لم يوقف له شئ