فصل .
وتملك الهبة بالعقد لما روي عن علي وابن مسعود أنهما قالا : الهبة إذا كانت معلومة فهي جائزة قبضت أو لم تقبض فيصح تصرف الموهوب له فيها قبل القبض على المذهب نص عليه والنماء للمتهب قاله في الإنصاف .
وتلزم بالقبض بشرط أن يكون القبض بأذن الواهب قال المروزي : إتفق أبو بكر وعمر وعثمان وعلي أن الهبة لا تجوز إلا مقبوضة وقال الصديق لما حضرته الوفاة لعائشة : [ يا بنية إني كنت نحلتك جاد عشرين وسقا ولو كنت جددتيه واحتزتيه كان لك وإنما هو اليوم مال الوارث فاقتسموه على كتاب الله تعالى ] رواه مالك في الموطأ .
وتبطل بموت متهب قبل قبضها لقوله A لأم سلمة : [ إني قد أهديت إلى النجاشي حلة وأواقي مسك ولا أرى النجاشي إلا قد مات ولا أرى هديتي إلا مردودة علي فإن ردت فهي لك قالت : فكان ما قال رسول الله A وردت عليه هديته فأعطى كل إمرأة من نسائه أوقية من مسك وأعطى أم سلمة بقية المسك والحلة ] رواه أحمد .
فقبض ما وهب بكيل أو وزن أو عد أو ذرع بذلك وقبض الصبرة وما ينقل بالنقل وقبض ما يتناول بالتناول وقبض غير ذلك بالتخلية كقبض مبيع .
ويقبل ويقبض لصغير ومجنون وليهما وهو أب أو وصيه أو الحاكم أو أمينه كالبيع والشراء قال أحمد : لا أعرف للأم قبضا ولا يحتاح أب وهب موليه إلى توكيل لانتفاء التهمة قال ابن المنذر : أجمع كل من نحفظ عنه أن الرجل إذا وهب لولده الطفل دارا بعينها أو عبدا بعينه وقبض له من نفسه وأشهد عليه : أنها تامة وأن الإشهاد فيها يغني عن القبض وصحح في المغني : أن الأب وغيره في هذا سواء لانتفاء التهمه هنا بخلاف البيع .
ويصح أن يهب شيئا ويستثني نفعه مدة معلومة نحو شهر وسنة كالبيع .
وأن يهب حاملا ويستثني حملها كالعتق .
وإن وهبه وشرط الرجوع متى شاء لزمت ولغى الشرط لأنه شرط ينافيها فتصح هي مع فساد الشرط كالبيع بشرط أن لا يخسر .
وإن وهب دينه لمدينه أو أبرأه منه أو تركه له صح ولزم بمجرده ولو قبل حلوله لأن تأجيله لا يمنع ثبوته في الذمة .
وتصح البراءة ولو مجهولا لهما أو لأحدهما لقوله A للرجلين : [ إقتسما وتوخيا الحق واستهما ثم تحالا ] .
ولا تصح هبة الدين لغير من هو عليه لأنه غير مقدور على تسليمه .
إلا إن كان ضامنا فإنها تصح لتعلقه في ذمته