فصل .
وشروط الوقف سبعة : .
1 - كونه من مالك جائز التصرف فلا يصح من محجور عليه ولا من مجنون .
أو ممن يقوم مقامه كوكيله فيه .
2 - كون الموقوف عينا يصح بيعها فلا يصح وقف أم ولد وكلب وخمر ومرهون .
وينتفع بها نفعا مباحا مع بقاء عينها كالعقار والحيوان والسلاح قال الإمام أحمد : إنما الوقف في الأرضين والدور على ما وقف أصحاب رسول الله A وقال فيمن وقف خمس نخلات على مسجد : لا بأس به وقال النبي A [ أما خالد فقد إحتبس أدراعه وأعتاده في سبيل الله ] متفق عليه قال الخطابي : الأعتاد : ما يعده الرجل من مركوب وسلاح وآلة الجهاد وعن أبي هريرة مرفوعا : [ من احتبس فرسا في سبيل الله إيمانا واحتسابا فإن شبعه وروثه وبوله في ميزانه حسنات ] رواه البخاري [ وقالت أم معقل : يا رسول الله : إن أبا معقل جعل ناضحه في سبيل الله فقال : إركبيه فإن الحج من سبيل الله ] رواه أبو داود وروى الخلال عن نافع [ أن حفصة إبتاعت حليا بعشرين ألفا حبسته على نساء آل الخطاب فكانت لا تخرج زكاته ] .
فلا يصح وقف مطعوم ومشروب غير الماء ولا وقف دهن وشمع وأثمان وقناديل نقد على المساجد ولاعلى غيرها لأن ما لا ينتفع به إلا بإتلافه لا يصح وقفه لأنه يراد للدوام ليكون صدقة جارية ولا يوجد ذلك فيما لا تبقى عينه .
3 - كونه على جهة بر وقربة : كالمساكين والمساجد والقناطر والأقارب والسقايات وكتب العلم لأنه شرع لتحصيل الثواب فإذا لم يكن على بر لم يحصل مقصوده الذي شرع لأجله قال في الكافي : فإن قيل : كيف جاز الوقف على المساجد وهي لا تملك ؟ قلنا : الوقف إنما هو على المسلمين لكن عين نفعا خاصا لهم .
فلا يصح على الكنائس ولا على اليهود والنصارى ولا على جنس الأغنياء والفساق وقطاع الطريق لأن ذلك إعانة على المعصية [ وقد غضب النبي A حين رأى مع عمر صحيفة فيها شئ من التوراة وقال : أفي شك أنت ياابن الخطاب ؟ ألم آت بها بيضاء نقية ؟ لو كان أخي موسى حيا ما وسعه إلأ اتباعي ] وقال أحمد في نصارى وقفوا على البيعة ضياعا كثيرة وماتوا ولهم أبناء نصارى فأسلموا والضياع بيد النصارى فلهم أخذها وللمسلمين عونهم حتى يستخرجوها من أيديهم .
لكن لو وقف على ذمي أو فاسق أو غني معين صح لما روي [ أن صفية بنت حيي زوج النبي A وقفت على أخ لها يهودي ] .
4 - كونه على معين غير نفسه يصح أن يملك فلا يصح الوقف على مجهول كرجل ومسجد ولا على أحد هذين الرجلين أو المسجدين لتردده كبعتك أحد هذين العبدين ولأن تمليك غير المعين لا يصح .
ولا على نفسه عند الأكثر نقل حنبل وأبو طالب عن الإمام أحمد : ما سمعت بهذا ولا أعرف الوقف إلا ما أخرجه لله تعالى ويصرف في الحال لمن بعده كمنقطع الإبتداء وعنه : يصح قال في التنقيح : إختاره جماعة منهم ابن أبي موسى والشيخ تقي الدين وصححه ابن عقيل والحارثي وأبو المعالي في النهاية وغيرهم .
وعليه العمل في زمننا وقبله عند حكامنا وهو أظهر وفي الإنصاف : وهو الصواب وفيه مصلحة عظيمة وترغيب في فعل الخير إنتهى وإن وقف شيئا على غيره واستثنى غلته أو بعضها مدة حياته أو مدة معينة له أو لولده صح الوقف والشرط .
إحتج أحمد بما روي عن حجر المدري أن في صدقة رسول الله A أن يأكل أهله منها بالمعروف غير المنكر ويدل له أيضا قول عمر لما وقف : [ لا جناح على من وليها أن يكل منها أو يطعم صديقا غير متمول فيه ] وكان الوقف في يده إلى أن مات ثم بنته حفصة ثم ابنه عبدالله .
ولا على من لا يملك كالرقيق ولو مكاتبا والملائكة والجن والبهائم والأموات لأن الوقف تمليك فلا يصح على من لا يملك .
ولا على الحمل إستقلالا لأنه لا يملك إذا .
بل تبعا كقوله : وقفت كذا على أولادي ثم على أولادهم وفيهم حمل فيشمله .
5 - كون الوقف منجزا أي : غير معلق ولا موقت ولا مشروط فيه خيار أو نحوه .
فلا يصح تعليقه إلا بموته فيلزم من حين الوقف إن خرج من الثلث إحتج بقول عمر : [ إن حدث بي حدث الموت فإن ثمغا صدقة ] وذكر الحديث ورواه أبو داود بنحوه ووقفه هذا كان بأمر النبي A واشتهر في الصحابة فلم ينكر فكان إجماعا وثمغ : بالفتح مال بالمدينة لعمر وقفه قاله في القاموس .
6 - أن لا يشترط فيه ما ينافيه كقوله : وقفت كذا على أن أبيعه أو أهبه متى شئت أو بشرط الخيار لي أو بشرط أن أحوله من جهة إلى جهة فإذا شرط أن يبيعه متى شاء أو يهبه أو يرجع فيه بطل الوقف والشرط قاله في الشرح وغيره لمنافاته لمقتضاه .
7 - أن يقفه على التأبيد فلا يصح : وقفته شهرا أو إلى سنة ونحوها لأنه إخراج مال على سبيل القربة فلم يجز إلى مدة كالعتق قاله في الكافي .
ولا يشرط تعيين الجهة فلو قال : وقفت كذا وسكت صح وكان لورثته من النسب لا ولاء ولا نكاحا .
على قدر إرثهم وقفا عليهم لأن الوقف مصرفه البر وأقاربه أولى الناس ببره فكأنه عينهم لصرفه فإن عدموا فهو للفقراء والمساكين وقفا عليهم لأنهم مصرف الصدقات ونصه يصرف في مصالح المسلمين