فصل .
وللراهن الرجوع في الراهن ما لم يقبضه المرتهن وبه قال الشافعي .
فإن قبض لزم لقوله تعالى { فرهان مقبوضة } [ البقرة : 283 ] وعنه في غير المكيل والموزون : أنه يلزم بمجرد العقد قياسا على البيع ونص عليه في رواية الميموني وقال القاضي في التعليق : هذا قول أصحابنا قال في التلخيص : هذا أشهر الروايتين وهو المذهب عند ابن عقيل وغيره وعليه العمل وقال مالك : يلزم الرهن بمجرد العقد كالبيع وقال الشافعي : استدامة القبض ليست شرطا قاله في الشرح .
فلا يصح تصرفه فيه بلا إذن المرتهن لأنه محبوس على استيفاء حقه فتصرف الراهن فيه يفوت عليه حقه وقال ابن المنذر : أجمع أهل العلم على أن للمرتهن منع الراهن من وطء أمته المرهونة .
إلا بالعتق فإنه يصح مع الاثم لأنه مبني على السراية والتغليب نص عليه لأنه إعتاق من مالك تام الملك .
وعليه قيمته مكانه تكون رهنا كبدل أضحية ونحوها لأنه أبطل حق المرتهن من الوثيقة بغير إذنه فلزمته قيمته كما لو أبطلها أجنبي وعنه : لا ينفذ عتق المعسر لأنه عتق في ملكه يبطل به حق غيره فاختلف فيه الموسر والمعسر وهو مذهب مالك .
وكسب الرهن ونماؤه رهن لأنه تابع له ولأنه حكم ثبت في العين بعقد المالك فيدخل فيه النماء والمنافع قال في الشرح : وأما الحديث فنقول به وإن غنمه وكسبه ونماءه للراهن ولكن يتعلق به حق المرتهن ومؤنته على الراهن انتهى .
وهو أمانة بيد المرتهن لا يضمنه إلا لتفريط نص عليه لقوله A : [ لا يغلق الرهن من صاحبه الذي رهنة له غنمه وعليه غرمه ] رواه الشافعي والدارقطني وقال : إسناده حسن متصل ورواه الأثرم بنحوه وروي عن علي Bه وبه قال عطاء والزهرى والشافعي ولأنه لو ضمن لامتنع الناس منه خوفا من ضمانه فتتعطل المداينات وفيه ضرر عظيم .
ويقبل قوله بيمينه في تلفه وأنه لم يفرط لأنه أمين فأشبه المودع .
وإن تلف بعض الرهن فباقيه رهن بجميع الحق لأن الدين كله متعلق بجميع أجزاء الرهن .
ولا ينفك منه شئ حتى يقضي الدين كله لأن الرهن وثيقة بالدين كله فكان وثيقة بكل جزء منه كالضمان قال ابن المنذر : أجمع كل من أحفظ عنه على أن من رهن شيئا بمال فأدى بعضه وأراد إخراج بعض الرهن أن ذلك ليس له حتى يوفيه آخر حقه أو يبرئه .
وإذا حل أجل الدين وكان الراهن قد شرط للمرتهن أنه إن لم يأته بحقه عند الحلول وإلا فالرهن له لم يصح الشرط لحديث [ لا يغلق الرهن ] رواه الأثرم قال أحمد : معناه لا يدفع رهنا إلى رجل يقول : إن جئتك بالدراهم إلى كذا وكذا وإلا فالرهن لك قال ابن المنذر : هذا معنى قوله : لا يغلق الرهن عند مالك والثوري وأحمد وفي حديث معاوية بن عبد الله بن جعفر [ أن رجلا رهن دارا بالمدينة إلى أجل مسمى فمضى الأجل فقال الذي ارتهن : منزلي فقال النبي A : لا يغلق الرهن ] ولأنه علق البيع على شرط مستقبل فلم يصح كما لو علقه على قدوم زيد ويصح الرهن نصره أبو الخطاب لأنه A قال : [ لا يغلق الرهن ] فسماه رهنا ولم يحكم بفساده قاله في الشرح .
بل يلزمه الوفاء كالدين الذي لا رهن به .
أو يأذن للمرتهن في بيع الرهن أو يأذن لغيره فيبيعه لأنه مأذون له .
أو يبيعه هو بنفسه ليوفيه حقه من ثمنه لأنه المقصود ببيعه .
فإن أبى حبس أوعزر فإن أصر باعه الحاكم - نص عليه - بنفسه أو أمينه لقيامه مقام الممتنع ووفى دينه لأنه حق تعين عليه فقام الحاكم مقامه فيه وكذا إن غاب راهن ولا يبيعه مرتهن إلا بإذن ربه أوإذن الحاكم