باب الرهن .
وهو المال يجعل وثيقة بالدين ليستوفى منه إن تعذر وفاؤه من المدين ويجوز في السفر لقوله تعالى : { وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة } [ البقرة : 283 ] أوفي الحضر قال ابن المنذر : لا نعلم أحدا خالف فيه إلا مجاهدا وعن عائشة [ أن النبي A اشترى من يهودي طعاما ورهنه درعه ] متفق عليه فأما ذكر السفر فإنه خرج مخرج الغالب .
يصح بشروط خمسة : كونه منجزا فلا يصح معلقا كالبيع .
وكونه مع الحق أو بعده للآية فإنه جعله بدلا عن الكتابة فيكون في محلها وهو بعد وجوب الحق ويصح مع ثبوته لأن الحاجة داعية إليه ولا يصح قبله في ظاهر المذهب اختاره أبو بكر والقاضي لأنه تابع للدين فلا يجوز قبله كالشهادة قاله في الكافي وقال في الشرح : واختار أبو الخطاب صحته وهو مذهب أبي حنيفة ومالك انتهى .
وكونه ممن يصح بيعه لأنه نوع تصرف في المال فلم يصح إلا من جائز التصرف كالبيع .
وكونه ملكه أومأذونا له في رهنه قال ابن المنذر : أجمع كل من نحفظ عنه أن الرجل إذا استعار شيئا يرهنه على دنانير معلومة عند رجل قد سماه إلى وقت معلوم ففعل : أن ذلك جائز ومتى شرط شيئا من ذلك فخالف ورهن بغيره لم يصح وهذا إجماع أيضا حكاه ابن المنذر وإن رهنه بأكثر احتمل أن يبطل في الكل واحتمل أن يصح في المأذون ويبطل في الزائد كتفريق الصفقة فإن أطلق الإذن في الرهن فقال القاضي : يصح وله رهنه بما شاء وهو أحد قولي الشافعي والآخر لا يجوز حتى يبين قدره وصفته وحلوله وتأجيله فإن تلف ضمنه الراهن نص عليه لأن العارية مضمونة فإن فك المعير الرهن بغير إذن الراهن محتسبا بالرجوع فهل يرجع ؟ على روايتين بناء على ما إذا قضى دينه بغير إذنه قاله في الشرح .
وكونه معلوما جنسه وقدره وصفته لأنه عقد على مال فاشترط العلم به كالمبيع وكونه بدين واجب كفرض وثمن وقيمة متلف أو مآله إلى الوجوب فيصح بعين مضمونة كغصب وعارية ومقبوض على وجه السوم أوبعقد فاسد لا على دين كتابة ودية على عاقلة قبل الحول ولا بعهدة مبيع لأنه ليس له حد ينتهي إليه فيعم ضرره .
وكل ما صح بيعه صح رهنه لأن المقصود الاستيثاق للدين باستيفائه من ثمنه عند تعذر استيفائه من الراهن وهذا يحصل مما يجوز بيعه ولا يصح رهن المشاع لذلك .
إلا المصحف فلا يصح رهنه ولو لمسلم لأنه وسيلة إلى بيعه المحرم .
وما لا يصح بيعه كحر وأم ولد ووقف وكلب وآبق ومجهول .
لا يصح رهنه لأنه لا يمكن بيعها وإيفاء الدين منها وهو المقصود بالرهن .
إلا الثمرة قبل بدو صلاحها والزرع قبل اشتداد حبه فيصح رهنهما لأن النهي عن بيعهما لعدم أمن العاهة وبتقدير تلفها لا يفوت حق المرتهن من الدين لتعلقه بذمة الراهن .
والقن دون رحمه المحرم لأن الرهن لا يزيل الملك فلا يحصل به التفريق فإن احتيج إلى بيعه بيع رحمه معه لأن التفريق بينهما محرم والجمع بينهما في البيع جائز فتعين وللمرتهن من الثمن بقدر قيمة المرهون قال معناه في الكافي .
ولا يصح رهن مال اليتيم للفاسق لأنه تعريض به للهلاك لأنه قد يجحده الفاسق أو يفرط فيه فيضيع