باب أهل الزكاة .
وهم ثمانية أصناف لا يجوز صرفها في غيرهم من بناء المساجد والقناطر وسد البثوق وتكفين الموتى ووقف المصاحف وغيرها من جهات الخير لقوله تعالى : { إنما الصدقات للفقراء والمساكين } الآية .
أحدهم الفقراء وهم أشد حاجة من المساكين لأن الله بدأ بهم وإنما يبدأ بالأهم فالأهم فهم من لا يجدون شيئا من الكفاية أو يجدون بعض الكفاية أي دون نصفها وإن تفرغ قادر على التكسب للعلم لا للعبادة وتعذر الجمع أعطي .
و الثاني : المساكين الذين يجدون أكثرها أي أكثر الكفاية أو نصفها فيعطى الصنفان تمام كفايتهما مع عائلتهما سنة ومن ملك - ولو من أثمان - ما لا يقوم بكفايته فليس بغني .
و الثالث : العاملون عليها وهم السعاة الذين يبعثهم الإمام لأخذ الزكاة من أربابها كـ جباتها وحفاظها وكتابها وقسامها وشرط كونه مكلفا مسلما أمينا كافيا من غير ذوي القربى ويعطى قدر أجرته منها ولو غنيا ويجوز كون حاملها وراعيها ممن منع منها .
الصنف الرابع : المؤلفة قلوبهم جمع مؤلف وهو السيد المطاع في عشيرته ممن يرجى إسلامه أو كف شره أو يرجى بعطيته قوة إيمانه أو إسلام نظيره أو جبايتها ممن لا يعطيها أو دفع عن المسلمين ويعطى ما يحصل به التأليف عند الحاجة فقط فترك عمر عثمان وعلي إعطاءهم لعدم الحاجة إليه في خلافتهم لا لسقوط سهمهم فإن تعذر الصرف إليهم رد على بقية الأصناف .
الخامس : الرقاب وهم المكاتبون فيعطى المكاتب وفاء دينه لعجزه عن وفاء ما عليه ولو مع قدرته على التكسب ولو قبل حلول نجم ويجوز أن يشتري منها رقبة لا تعتق عليه فيعتقها لقول ابن عباس .
و يجوز أن يفك منها الأسير المسلم لأن فيه فك رقبة من الأسر لا أن يعتق قنه أو مكاتبه عنها .
السادس : الغارم وهو نوعان أحدهما : غارم لإصلاح ذات البين أي الوصل بأن يقع بين جماعة عظيمة كقبيلتين أو أهل قريتين تشاجر في دماء وأموال ويحدث بسببها الشحناء والعداوة فيتوسط الرجل بالصلح بينهما ويلتزم في ذمته مالا عوضا عما بينهم ليطفىء النائرة فهذا قد أتى معروفا عظيما فكان من المعروف حمله عنه من الصدقة لئلا يجحف ذلك بسادات القوم المصلحين أو يوهن عزائمهم فجاء الشرع بإباحة المسألة فيها وجعل لهم نصيبا من الصدقة ولو مع غنى إن لم يدفع من ماله .
النوع الثاني : ما أشير إليه بقوله : أو تدين لنفسه في شراء من كفار أو مباح أو محرم وتاب مع الفقر ويعطى وفاء دينه ولو لله ولا يجوز له صرفه في غيره ولو فقيرا وإن دفع إلى الغارم لفقره جاز أن يقضي منه دينه .
السابع : في سبيل الله وهم الغزاة المتطوعة أي الذين لا ديوان لهم أو لهم دون ما يكفيهم فيعطى ما يكفيه لغزوه ولو غنيا ويجوز أن يعطى منها لحج فرض فقير وعمرته لا أن يشثري منها فرشا يحبسها أو عقارا يقفه على الغزاة وإن لم يغز رد ما أخذه نقل عبدالله : إذا خرج في سبيل الله أكل من الصدقة .
الثامن : ابن السبيل وهو المسافر المنقطع به أي بسفره المباح أو المحرم إذا تاب دون المنشط للسفر من بلده إلى غيرها لأنه ليس في سبيل لأن السبيل هي الطريق فسمي من لزمها ابن السبيل كما يقال : ولد الليل لمن يكثر خروجه فيه وابن الماء لطيره لملازمته له .
فيعطى ابن السبيل ما يوصله إلى بلده ولو وجد مقرضا وإن قصد بلدا واحتاج قبل وصوله إليها أعطي ما يصل به إلى البلد الذي قصده وما يرجع به إلى بلده وإن فضل مع ابن سبيل أو غاز أو غارم أو مكاتب شئ رده وغيرهم يتصرف بما شاء لملكه له مستقرا .
ومن كان ذا عيال أخذ ما يكفيهم لأن كل واحد من عائلته مقصود دفع حاجته ويقلد من ادعى عيالا أو فقرا ولم يعرف بغنى .
ويجوز صرفها أي الزكاة إلى صنف واحد لقوله تعالى : { وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم } ولحديث معاذ حين بعثه النبي A إلى اليمن فقال : [ أعلمهم أن الله قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم ] متفق عليه فلم يذكر في الآية والخبر إلا صنف واحد ويجزئ الاقتصار على إنسان واحد ولو غريمه أو مكاتبه إن لم يكن حيلة لأنه A أمر بني زريق بدفع صدقتهم إلى سلمة بن صخر وقال لقبيصة : أقم يا قبيصة حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها .
ويسن دفعها إلى أقاربه الذين لا تلزمه مؤونتهم كخاله وخالته على قدر حاجتهم الأقرب فالأقرب لقوله A : [ صدقتك على ذي القرابة صدقة وصلة ]