باب إخراج الزكاة .
يجوز لمن وجبت عليه الزكاة الصدقة تطوعا قبل إخراجها .
ويجب إخراج الزكاة على الفور مع إمكانه كنذر مطلق وكفارة لأن الأمر المطلق يقتضي الفورية وكما لو طالب بها الساعي ولأن حاجة الفقير ناجزة والتأخير يخل بالمقصود وربما أدى إلى الفوات إلا لضرر كخوف رجوع ساع أو على نفسه أو ماله ونحوه وله تأخيرها لأشد حاجة وقريب وجار ولتعذر إخراجها من المال لغيبة ونحوها .
فإن منعها أي الزكاة جحدا لوجوبها كفر عارف بالحكم وكذا جاهل عرف فعلم وأصر وكذا جاحد وجوبها ولو لم يمتنع من أدائها وأخذت الزكاة منه وقتل لردته بتكذيبه لله ورسوله بعد أن يستتاب ثلاثا أو بخلا أي ومن منعها بخلا من غير جحد أخذت منه فقط قهرا كدين الآدمي ولم يكفر وعزر إن علم تحريم ذلك وقوتل إن احتيج إليه ووضعها الإمام مواضعها ولا يكفر بقتاله للإمام ومن ادعى أداءها أو بقاء الحول أو نقص النصاب أو أن ما بيده لغيره ونحوه صدق بلا يمين .
وتجب الزكاة في مال صبي ومجنون لما تقدم فيخرجها وليهما في مالهما كصرف نفقة واجبة عليهما لأن ذلك حق تدخله النيابة ولذلك صح التوكيل فيه .
ولا يجوز إخراجها أي الزكاة إلا بنية من مكلف لحديث : [ إنما الأعمال بالنيات ] والأولى قرن النية بدفع وله تقديمها بزمن يسير كصلاة فينوي الزكاة أو الصدقة الواجبة ونحو ذلك وإذا أخذت منه قهرا أجزأت ظاهرا وان تعذر وصول إلى المالك لحبس أو نحوه فأخذها الإمام أو نائبه أجزأت ظاهرا وباطنا .
الأفضل أن يفرقها بفسه ليكون على يقين من وصولها إلى مستحقها وله دفعها إلى الساعي ويسن إظهارها و أن يقول عند دفعها : هو أي : مؤديها وآخذها ما ورد فيقول دافعها : اللهم اجعلها مغنما ولا تجعلها مغرما ويقول آخذها : أجرك الله فيما أعطيت وبارك لك فيما أبقيت وجعله لك طهورا .
وإن وكل مسلما ثقة جاز وأجزأت نية موكل مع قرب وإلا نوى موكل عند دفع لوكيل ووكيل عند دفع لفقير ومن علم أهلية آخذ كره إعلامه بها ومع عدم عادته لا يجزئه الدفع له إلا إن أعلمه .
والأفضل إخراج زكاة كل مال في فقراء بلده ويجوز نقلها إلى دون مسافة قصر من بلد المال لأنه في حكم بلد واحد ولا يجوز نقلها مطلقا إلى ما تقصر فيه الصلاة لقوله A - لمعاذ لما بعثه لليمن - : [ أعلمهم أن الله قد افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم ] بخلاف نذر وكفارة ووصية مطلقة فإن فعل أي نقلها مسافة قصر أجزأت لأنه دفع الحق إلى مستحقه فبرىء من عهدته ويأثم إلا أن يكون المال في بلد أو مكان لا فقراء فيه فيفرقها في أقرب البلاد إليه لأنهم أولى وعليه مؤونة نقل ودفع وكيل ووزن .
فإن كان المالك في بلد وماله في بلد آخر أخرج زكاة المال في بلده أي بلد به المال كل الحول أو أكثره دون ما نقص عن ذلك لأن الأطماع إنما تتعلق به غالبا بمضي زمن الوجوب أو ما قاربه .
و أخرج فطرته في بلد هو فيه وإن لم يكن له به مال لأن الفطرة إنما تتعلق بالبدن كما تقدم .
ويجب على الإمام بعث السعاة قرب زمن الوجوب لقبض زكاة المال الظاهر كالسائمة والزرع والثمار لفعله A وفعل الخلفاء Bهم بعده .
ويجوز تعجيل الزكاة لحولين فأقل لما روى أبو عبيد في الأموال بإسناده عن علي [ أن النبي A تعجل من العباس صدقة سنتين ] ويعضده رواية مسلم [ فهي علي ومثلها ] وإنما يجوز تعجيلها إذا كمل النصاب لا عما يستفيده وإذا تم الحول والنصاب ناقص قدر ما عجله صح وأجزأه لأن المعجل كالموجود في ملكه فلو عجل عن مائتي شاة شاتين فنتجت عند الحول سخلة لزمته ثالثة وإن مات قابض معجلة أو استغنى قبل الحول أجزأت لا إن دفعها إلى من يعلم غناه فافتقر اعتبارا بحال الدفع .
ولا يستحب تعجيل الزكاة ولمن أخذ الساعي منه زيادة أن يعتد بها من قابلة قال الموفق : إن نوى التعجيل