باب الوكالة .
بفتح الواو وكسرها : التفويض تقول : وكلت أمري إلى الله أي : فوضته إليه .
واصطلاحا : استنابة جائز التصرف مثله فيما تدخله النيابة .
تصح الوكالة بكل قول يدل على الإذن كـ : افعل كذا أو أذنت لك في فعله ونحوه وتصح مؤقتة ومعلقة بشرط كوصية واباحة أكل وولاية قضاء وإمارة .
ويصح القبول على الفور والتراخي بأن يوكله في بيع شئ فيبيعه بعد سنة أو يبلغه أنه وكله بعد شهر فيقول : قبلت بكل قول أو فعل دال عليه أي دال على القبول لأن قبول وكلائه A كان بفعلهم وكان متراخيا عن توكيله إياهم قاله في المبدع ويعتبر تعيين الوكيل .
ومن له التصرف في شئ لنفسه فله التوكيل فيه والتوكل فيه أي جاز أن يستنيب غيره وأن ينوب عن غيره لانتفاء المفسدة والمراد فيما تدخله النيابة ويأتي .
ومن لا يصح تصرفه بنفسه فنائبه أولى فلو وكله في بيع ما سيملكه أو طلاق من يتزوجها لم يصح ويصح توكيل امرأة في طلاق نفسها وغيره وأن يتوكل واجد الطول في قبول نكاح أمة لمن تباح له وغني لفقير في قبول زكاة وفي قبول نكاح أخته و نحوها لأجنبي .
ويصح التوكيل في كل حق آدمي من العقود [ لأنه A وكل عروة بن الجعد في الشراء ] وسائر العقود كالإجارة والقرض والمضاربة والإبراء ونحوها في معناه والفسوخ كالخلع والإقالة والعتق والطلاق لأنه يجوز التوكيل في الإنشاء فجاز في الإزالة بطريق الأولى والرجعة وتملك المباحات من الصيد والحشيش ونحوه كإحياء الموات لأنها تملك مال بسبب لا يتعين عليه فجاز كالابتياع .
لا الظهار لأنه قول منكر وزور واللعان والأيمان والنذر والقسامة والقسم بين الزوجات والشهادة والرضاع والالتقاط والاغتنام والغصب والجناية فلا تدخلها النيابة .
و تصح الوكالة أيضا في كل حق لله تدخله النيابة من العبادات كتفرقة صدقة وزكاة ونذر وكفارة لأنه A كان يبعث عماله لقبض الصدقات وتفريقها وكذا حج وعمرة على ما سبق .
وأما العبادات البدنية المحضة كالصلاة والصوم والطهارة من الحدث فلا يجوز التوكيل فيها لأنها تتعلق ببدن من هي عليه لكن ركعتا الطواف تتبع الحج .
و تصح في الحدود في اثباتها واستيفائها لقوله A : [ اغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها فاعترفت فأمر بها فرجمت ] متفق عليه .
ويجوز الاستيفاء في حضرة الموكل وغيبته .
وليس للوكيل أن يوكل فيما وكل فيه إذا كان يتولاه مثله ولم يعجزه لأنه لم يأذن له في التوكيل ولا تضمنه إذنه لكونه يتولى مثله إلا أن يجعل إليه بأن يأذن له في التوكيل أو يقول له : اصنع ما شئت .
ويصح توكيل عبد بإذن سيده .
والوكالة عقد جائز لأنها من جهة الموكل إذن ومن جهة الوكيل بذل نفع وكلاهما غير لازم فلكل واحد منهما فسخها .
وتبطل بفسخ أحدهما وموته وجنونه المطبق لأن الوكالة تعتمد الحياة والعقل فإذا انتفيا انتفت صحتها وإذا وكل في طلاق الزوجة ثم وطئها أو في عتق العبد ثم كاتبه أو دبره بطلت .
و تبطل أيضا بـ عزل الوكيل ولو قبل علمه لأنه رفع عقد لا يفتقر إلى رضى صاحبه فصح بغير علمه كالطلاق ولو باع أو تصرف فادعى أنه عزله قبله لم يقبل إلا ببينة .
و تبطل أيضا بحجر السفيه لزوال أهلية التصرف لا بالحجر لفلس لأنه لم يخرج عن أهلية التصرف لكن إن حجر على الموكل وكانت في أعيان ماله بطلت لانقطاع تصرفه فيها .
ومن وكل في بيع أو شراء لم يبع ولم يشتر من نفسه لأن العرف في البيع بيع الرجل من غيره فحملت الوكالة عليه ولأنه تلحقه تهمة و لا من ولده ووالده وزوجته ومكاتبه وسائر من لا تقبل شهادته له لأنه متهم في حقهم ويميل إلى ترك الاستقصاء عليهم في الثمن كتهمته في حق نفسه .
وكذا حاكم وأمينه وناظر وقف ووصي ومضارب وشريك عنان ووجوه .
ولا يبيع الوكيل بعرض ولا نساء ولا بغير نقد البلد لأن عقد الوكالة لم يقتضه فإن كان في البلد نقدان باع بأغلبهما رواجا فإن تساويا خير .
وإن باع بدون ثمن المثل إن لم يقدر له ثمن أو باع بـ دون ما قدره له الموكل صح أو اشترى له بكثر من ثمن المثل وكان لم يقدر له ثمنا أو مما قدره له صح الشراء لأن من صح منه ذلك بثمن مثله صح بغيره وضمن النقص في مسألة البيع و ضمن الزيادة في مسألة الشراء لأنه مفرط والوصي وناظر الوقف كالوكيل في ذلك ذكره الشيخ تقي الدين وإن قال : بعه بدرهم فباعه بدينار صح لأنه زاده خيرا .
وإن باع الوكيل بأزيد مما قدره له الموكل صح أو قال الموكل : بع بكذا مؤجلا فباع الوكيل به حالا صح أو قال الموكل : اشتر بكذا حالا فاشترى به مؤجلا ولا ضرر فيهما أي فيما إذا باع بالمؤجل حالا أو اشترى بالحال مؤجلا صح لأنه زاده خيرا فهو كما لو وكله في بيعه بعشرة فباعه بأكثر منها .
وإلا فلا أي وإن لم يبع أو يشتر بمثل ما قدره له بلا ضرر بأن قال : بعه بعشرة مؤجلة فباعه بتسعة حالة أو بعه بعشرة حالة فباعه بأحد عشر مؤجلة وعلى الموكل ضرر بحفظ الثمن في الحال أو قال : اشتره بعشرة حالة فاشتراه بأحد عشر مؤجلة أو بعشرة مؤجلة مع ضرر لم ينفذ تصرفه لمخالفته موكله وقدم في الفروع أن الضرر لا يمنع الصحة وتبعه في المنتهى و التنقيح في مسألة البيع وهو ظاهر المنتهى أيضا في مسألة الشراء وقد سبق لك أن بيع الوكيل بأنقص مما قدر له وشراءه بأكثر منه صحيح ويضمن