فصل .
في المحجور عليه لحظه .
ويحجر على السفيه والصغير والمجنون لحظهم إذ المصلحة تعود عليهم بخلاف المفلس والحجر عليهم عام في ذممهم ومالهم ولا يحتاج لحاكم فلا يصح تصرفهم قبل الإذن .
ومن أعطاهم ماله بيعا أو قرضا أو وديعة ونحوها رجع بعينه إن بقي لأنه ماله وإن تلف في أيديهم أو أتلفوه لم يضمنوا لأنه سلطهم عليه برضاه علم بالحجر أو لا لتفريطه .
ويلزمهم أرش الجناية إن جنوا لأنه لا تفريط من المجني عليه والإتلاف يستوي فيه الأهل وغيره .
و يلزمهم أيضا ضمان مال من لم يدفعه إليهم لأنه لا تفريط من المالك والإتلاف يستوي فيه الأهل وغيره .
وإذا تم لصغير خمس عشرة سنة حكم ببلوغه لما روى ابن عمر قال : [ عرضت على النبي A يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة سنة فلم يجزني وعرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني ] متفق عليه .
أو نبت حول قبله شعر خشن حكم ببلوغه لأن سعد بن معاذ لما حكم في بني قريظة : بقتلهم وسبي ذراريهم أمر أن يكشف عن مؤتزرهم فمن أنبت فهو من المقاتلة ومن لم ينبت فهو من الذرية وبلغ ذلك النبي A فقال : [ لقد حكمت بحكم الله من فوق سبعة أرقعة ] متفق عليه .
أو أنزل حكم ببلوغه لقوله تعالى : { وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا } .
أو عقل مجنون ورشد أي من بلغ وعقل أو رشد سفيه زال حجرهم لزوال علته قال تعالى : { فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم } بلا قضاء حاكم لأنه ثبت بغير حكمه فزال لزوال موجبه بغير حكمه .
وتزيد الجارية على الذكر في البلوغ بالحيض لقوله A : [ لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار ] رواه الترمذي وحسنه .
وان حملت الجارية حكم ببلوغها عند الحمل لأنه دليل إنزالها لأن الله تعالى أجرى العادة بخلق الولد من مائها فإذا ولدت حكم ببلوغها من ستة أشهر لأنه اليقين .
ولا ينفك الحجر عنهم قبل شروطه السابقة بحال ولو صار شيخا والرشد : الصلاح في المال لقول ابن عباس في قوله تعالى : { فإن آنستم منهم رشدا } أي : صلاحا في أموالهم فعلى هذا يدفع إليه ماله وإن كان مفسدا لدينه ويؤنس رشده بأن يتصرف مرارا فلا يغبن غبنا فاحشا غالبا ولا يبذل ماله في حرام كخمر وآلات لهو أو في غير فائدة كغناء ونفط لأن من صرف ماله في ذلك عد سفيها .
ولا يدفع إليه أي الصغير حتى يختبر ليعلم رشده قبل بلوغه بما يليق به لقوله تعالى : { وابتلوا اليتامى } الآية والاختبار يختص بالمراهق الذي يعرف المعاملة والمصلحة .
ووليهم أي ولي السفيه الذي بلغ سفيها واستمر والصغير والمجنون حال الحجر : الأب الرشيد العدل ولو ظاهرا لكمال شفقته ثم وصيه لأنه نائبه ولو بجعل وثم متبرع ثم الحاكم لأن الولاية انقطعت من جهة الأب فتعينت للحاكم .
ومن فك عنه الحجر فسفه أعيد عليه ولا ينظر في ماله إلا الحاكم كمن جن بعد بلوغ ورشد .
ولا يتصرف لأحدهم وليه إلا بالأحظ لقوله تعالى : { ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن } والسفيه والمجنون في معناه .
ويتجر ولي المحجور عليه له مجانا أي إذا إتجر ولي اليتيم في ماله كان الربح كله لليتيم لأنه نماء ماله فلا يستحقه غيره إلا بعقد ولا يعقد الولي لنفسه .
وله دفع ماله لمن يتجر فيه مضاربة بجزء معلوم من الربح للعامل لأن عائشة أبضعت مال محمد بن أبي بكر Bهم ولأن الولي نائب عنه فيما فيه مصلحة وله البيع نساء والقرض برهن وإيداعه وشراء العقار وبناؤه لمصلحة وشراء الأضحية لموسر وتركه في المكتب بأجرة ولا يبيع عقاره إلا لضرورة أو غبطة .
ويأكل الولي الفقير من مال موليه لقوله تعالى : { ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف } الأقل من كفايته أو أجرته أي أجرة عمله لأنه يستحق بالعمل والحاجة جميعا فلم يجز أن يأخذ إلا ما وجدا فيه مجانا فلا يلزمه عوضه إذا أيسر لأنه عوض عن عمله فهو فيه كالأجير والمضارب .
ويقبل قول الولي بيمينه والحاكم بغير يمين بعد فك الحجر في النفقة وقدرها ما لم يخالف عادة وعرفا ولو قال : أنفقت عليك منذ سنتين فقال : منذ سنة قدم قول الصبي لأن الأصل موافقته قاله في المبدع .
و يقبل قول الولي أيضا في وجود الضرورة والغبطة إذا باع عقاره وادعاهما ثم أنكره .
و يقبل قول الولي أيضا في التلف وعدم التفريط لأنه أمين والأصل براءته .
و يقبل قوله أيضا في دفع المال إليه بعد رشده لأنه أمين وإن كان بجعل لم يقبل قوله في دفع المال لأنه قبضه لنفعه كالمرتهن ولولي مميز وسيده أن يأذن له في التجارة فينفك عنه الحجر في قدر ما أذن له فيه .
وما استدان العبد لزم سيده أداؤه إن أذن له في استدانته ببيع أو قرض لأنه غر الناس بمعاملته وإلا يكن استدان بإذن سيده ف ما استدانه في رقبته يخير سيده بين بيعه وفدائه بالأقل من قيمته أو دينه ولو أعتقه وإن كانت العين باقية ردت لربها كاستيداعه أي أخذه وديعة فيتلفها وأرش جنايته وقيمة متلفه فيتعلق ذلك كله برقبته ويخير سيده كما تقدم .
ولا يتبرع المأذون له بدراهم ولا كسوة بل بإهداء مأكول إعارة دابة وعمل دعوة بلا إسراف .
ولغير الماذون له الصدقة من قوته بنحو رغيف إذا لم يضره .
وللمرأة الصدقة من بيت زوجها بذلك ما لم تضطرب العادة أو يكن بخيلا وتشك في رضاه