باب الصلح .
هو لغة : قطع المنازعة .
وشرعا : معاقدة يتوصل بها إلى إصلاح بين متخاصمين .
والصلح في الأموال قسمان : على إقرار وهو المشار إليه بقوله : إذا أقر له بدين أو عين فأسقط عنه من الدين بعضه أو وهبه من العين البعض وترك الباقي أي لم يبرئ منه ولم يهبه صح لأن الإنسان لا يمنع من إسقاط بعض حقه كما لا يمنع من استيفائه لأنه A كلم غرماء جابر ليضعوا عنه .
ومحل صحة ذلك إن لم يكن بلفظ الصلح فإن وقع بلفظه لم يصح لأنه صالح عن بعض ماله ببعض فهوهضم للحق .
ومحله أيضا إن لم يكن شرطاه بأن يقول بشرط أن تعطيني كذا أو على أن تعطيني أو تعوضني كذا ويقبل على ذلك فلا يصح لأنه يقتضي المعاوضة فكأنه عاوض عن بعض حقه ببعض واسم يكن ضمير الشأن وفي بعض النسخ : إن لم يكن شرطا أي بشرط .
ومحله أيضا أن لا يمنعه حقه بدونه وإلا بطل لأنه أكل لمال الغير بالباطل .
و محله أيضا أن لا يكون ممن لا يصح تبرعه كمكاتب وناظر وقف وولي صغير ومجنون لأنه تبرع وهؤلاء لا يملكونه إلا إن أنكر من عليه الحق ولا بينة لأن استيفاء البعض عند العجز عن استيفاء الكل أولى من تركه .
وإن وضع رب دين بعض الدين الحال وأجل باقيه صح الإسقاط فقط لأنه أسقط عن طيب نفسه ولا مانع من صحته ولم يصح التأجيل لأن الحال لا يتأجل وكذا لو صالحه عن مائة صحاح بخمسين مكسرة فهو إبراء من الخمسين ووعد في الأخرى ما لم يقع بلفظ الصلح فلا يصح كما تقدم .
وإن صالح عن المؤجل ببعضه حالا لم يصح في غير الكتابة لأنه يبذل القدر الذي يحطه عوضا عن تعجيل ما في ذمته وبيع الحلول والتأجيل لا يجوز .
أو بالعكس بأن صالح عن الحال ببعضه مؤجلا لم يصح إن كان بلفظ الصلح كما تقدم فإن كان بلفظ الإبراء ونحوه صح الإسقاط دون التأجيل وتقدم .
أو أقر له ببيت ادعاه فصالحه على سكناه ولو مدة معينة كسنة أو على أن يبني له فوقه غرفة أو صالحه على بعضه لم يصح الصلح لأنه صالح عن ملكه على ملكه أو منفعته وإن فعل ذلك كان تبرعا متى شاء أخرجه وإن فعله على سبيل المصالحة معتقدا وجوبه عليه بالصلح رجع عليه بإجرة ما سكن وأخذ ما كان بيده من الدار لأنه أخذه بعقد فاسد .
أو صالح مكلفا ليقر له بالعبودية أي بأنه مملوكه لم يصح .
أو صالح امرأة لتقر له بالزوجية بعوض لم يصح الصلح لأن ذلك صلح يحل حراما لأن إرقاق النفس وبذل المرأة نفسها بعوض لا يجوز .
وإن بذلاهما أي دفع العبد المدعى عليه العبودية والمرأة المدعى عليهما الزوجية عوضا له أي للمدعي صلحا عن دعواه صح لأنه يجوز أن يعتق عبده ويفارق امرأته بعوض ومن علم بكذب دعواه لم يبح له أخذ العوض لأنه أكل لمال الغير بالباطل .
وإن قال : أقر لي بديني وأعطيك منه كذا ففعل أي فأقر بالدين صح الإقرار لأنه أقر بحق يحرم عليه إنكاره و لا يصح الصلح لأنه يجب عليه الإقرار بما عليه من الحق فلم يحل له أخذ العوض عليه فإن أخذ شيئا رده وإن صالحه عن الحق بغير جنسه كما لو اعترف له بعين أو دين فعوضه عنه ما يجوز تعويضه فإن كان بنقد عن نقد فصرف وإن كان بعرض فبيع يعتبرله مايعتبرفيه .
ويصح بلفظ صلح وما يؤدي معناه وإن كان بمنفعة كسكنى دار فإجارة .
وإن صالحت المعترفة بدين أو عين بتزويج نفسها صح ويكون صداقا وإن صالح عما في الذمة بشئ في الذمة لم يجز التفرق قبل القبض لأنه بيع دين بدين .
وإن صالح عن دين بغير جنسه جاز مطلقا وبجنسه لا يجوز بأقل أو أكثر على وجه المعاوضة ويصح الصلح عن مجهول تعذر علمه من دين أو عين بمعلوم فإن لم يتعذر علمه فكبراءة من مجهول