فصل .
القسم الثاني : صلح على إنكار وقد ذكره بقوله : ومن ادعي عليه بعين أو دين فسكت أو أنكر وهو يجهله أي يجهل ما ادعي به عليه ثم صالح عنه بمال حال أو مؤجل صح الصلح لعموم قوله A : [ الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا حرم حلالا أو أحل حراما ] رواه أبو داود والترمذي وقال : حديث حسن صحيح وصححه الحاكم .
ومن ادعي عليه بوديعة أو تفريط فيها أو قراض فأنكر وصالح على مال فهو جائز ذكره في الشرح وغيره .
وهو أي صلح الإنكار للمدعي بيع لأنه يعتقده عوضا عن ماله فلزمه حكم اعتقاده يرد معيبه أي معيب ما أخذه من العوض وبفسخ الصلح كما لو اشترى شيئا فوجده معيبا ويؤخد منه العوض إن كان شقصا بشفعة لأنه بيع .
وإن صالح ببعض عين المدعى به فهو فيه كمنكر .
و الصلح للأخر المنكر ابراء لأنه دفع المال افتداء ليمينه وإزالة للضرر عنه لا عوضا عن حق يعتقده فلا رد لما صالح عنه بعيب يجده فيه و لا شفعة فيه لاعتقاده أنه ليس بعوض وإن كذب أحدهما في دعواه أو إنكاره وعلم بكذب نفسه لم يصح الصلح في حقه باطنا لأنه عالم بالحق قادر على إيصاله لمستحقه غير معتقد أنه محق وما أخذه حرام عليه لأنه أكل للمال بالباطل .
وإن صالح عن المنكر أجنبي بغير إذنه صح ولم يرجع عليه ويصح الصلح عن قصاص وسكنى دار وعيب بقليل وكثير .
ولا يصح الصلح بعوض عن حد سرقة وقذف أو غيرهما لأنه ليس بمال ولا يؤول إليه ولا عن حق شفعة أو خيار لأنهما لم يشرعا لاستفادة مال وإنما شرع الخيار للنظر في الأحظ والشفعة لإزالة الضرر بالشركة و لا عن ترك شهادة بحق أو باطل .
وتسقط الشفعة إذا صالح عنها لرضاه بتركها ويرد العوض و كذا حكم الحد الخيار .
وإن صالحه على أن يجري على أرضه أو سطحه ماء معلوما صح لدعاء الحاجة إليه فإن كان بعوض مع بقاء ملكه فإجارة والا فبيع ولا يشترط في الإجارة هنا بيان المدة له للحاجة .
ويجوز شراء ممر في ملكه وموضع في حائط يجعله بابا و بقعة يحفرها بئرا وعلو بيت يجني عليه بنيانا موصوفا ويصح فعله صلحا أبدا وإجارة مدة معلومة .
وإن حصل غصن شجرته في هواء غيره الخاص به أو المشترك أو حصل غصن شجرته في قراره أي قرار غيره الخاص أو المشترك أي في أرضه وطالبه بإزالة ذلك أزاله وجوبا إما بقطعه أو ليه إلى ناحية أخرى فإن أبى مالك الغصن إزالته لواه مالك الهواء إن أمكن وإلا يمكن فله قطعه لأنه أخلى ملكه الواجب إخلاؤه ولا يفتقر إلى حاكم ولا يجبر المالك على إزالته لأنه ليس من فعله وإن أتلفه مالك الهواء مع إمكان ليه ضمنه وإن صالحه على بقاء الغصن بعوض لم يجز وان اتفقا على أن لثمرة بينهما ونحوه صح جائزا وكذا حكم عرق شجرة حصل في أرض غيره .
ويجوز في الدرب النافذ فتح الأبواب للاستطراق لأنه لم يتعين له مالك ولا ضرر فيه على المجتازين .
و لا يجوز اخراج روشن على أطراف خشب أو نحوه مدفونة في الحائط و لا إخراج ساباط وهو المستوفي للطريق كله على جدارين و لا اخراج دكة - بفتح الدال - وهي الدكان والمصطبة بكسر الميم و لا إخراج ميزاب ولو لم يضر بالمارة إلا أن يأذن إمام أو نائبه ولا ضرر لأنه نائب المسلمين فجرى مجرى إذنهم .
ولا يفعل ذلك أي لا يخرج روشنا ولا ساباطا ولا دكة ولا ميزابا في ملك جار ودرب مشترك غير نافذ بلا إذن المستحق أي الجار أو أهل الدرب لأن المنع لحق المستحق فإذا رضي بإسقاطه جاز ويجوز نقل باب في درب غير نافذ الى أوله بلا ضرر لا إلى داخل إن لم يأذن من فوقه ويكون اعارة .
وحرم أن يحدث بملكه ما يضر بجاره كحمام ورحى وتنور وله منعه كدق وسقي يتعدى .
وحرم أن يتصرف في جدار جار أو مشترك بفتح طاق أو ضرب وتد ونحوه الا باذنه .
وليس له وضع خشبة على حائط جاره أو حائط مشترك إلا عند الضرورة فيجوز إذا لم يمكن التسقيف إلا به ولا ضرر لحديث أبي هريرة يرفعه [ لا يمنعن جار جاره أن يضع خشبة على جداره ثم يقول أبو هريرة : مالي أراكم عنها معرضين والله لأرمين بها بين أكتافكم ] متفق عليه .
وكذلك حائط المسجد وغيره كحائط نحو يتيم فيجوز لجاره وضع خشبة عليه إذا لم يمكن تسقيف إلا به بلا ضرر لما تقدم .
واذا انهدم جدارهما المشترك أو سقفهما أو خيف ضرره بسقوطه فطلب أحدهما أن يعمره الأخر معه أجبر عليه إن امتنع لقوله A : [ لاضرر ولا ضرار ] فإن أبى أخذ حاكم من ماله وأنفق عليه وإن بناه شريك شركة بنية الرجوع رجع .
وكذا النهر والدولاب والقناة المشتركة إذا احتاجت لعمارة ولا يمنع شريك من عمارة فإن فعل فالماء على الشركة وإن أعطى قوم قناتهم أو نحوها لمن يعمرها وله منها جزء معلوم صح .
ومن له علو لم يلزمه عمارة سفله إذا انهدم بل يجبر عليه مالكه ويلزم الأعلى سترة تمنع مشارفة الأسفل فإن استويا اشتركا