باب الحوالة .
مشتقة من التحول لأنها تحول الحق من ذمة إلى ذمة أخرى وتنعقد بـ : [ أحلتك وأتبعتك بدينك على فلان ونحوه ] .
و لا تصح الحوالة إلا على دين مستقر إذ مقتضاها إلزام المحال عليه بالدين مطلقا وما ليس بمستقر عرضة للسقوط فلا تصح على مال مكاتبة أو سلم أو صداق قبل دخول أو ثمن مبيع مدة خيار ونحوها وإن أحاله على من لا دين عليه فهي وكالة والحوالة على ماله في الديوان أو الوقف إذن في الاستيفاء .
ولا يعتبر استقرار المحال فيه فإن أحال المكاتب سيده أو الزوج زوجته صح لأن له تسليمه وحوالته تقوم مقام تسليمه .
ويشترط أيضا للحوالة اتفاق الدينين أي تماثلهما جنسا كدنانير بدنانير أو دراهم بدراهم فإن أحال من عليه ذهب بفضة أو عكسه لم يصح ووصفا كصحاح بصحاح أو مضروبة بمثلها فإن اختلفا لم يصح ووقتا أي حلولا أو تأجيلا أجلا واحدا فلو كان أحدهما حالا والآخر مؤجلا أو أحدهما يحل بعد شهر والآخر بعد شهرين لم تصح وقدرا فلا يصح بخمسة على ستة لأنها إرفاق كالقرض فلو جوزت مع الاختلاف لصار المطلوب منها الفضل فتخرج عن موضوعها .
ولا يؤثر الفاضل في بطلان الحوالة فلو أحال بخمسة من عشرة على خمسة أو بخمسة على خمسة من عشرة صحت لاتفاق ما وقعت فيه الحوالة والفاضل باق بحاله لربه .
وإذا صحت الحوالة بأن اجتمعت شروطها نقل الحق إلى ذمة المحال عليه وبرئ المحيل بمجرد الحوالة فلا يملك المحتال الرجوع على المحيل بحال سواء أمكن استيفاء الحق أو تعذر لمطل أو فلس أو موت أوغيرهما وإن تراضى المحتال والمحال عليه على خير من الحق أو دونه في الصفة أو تعجيله أو تأجيله أو عوضا جاز .
ويعتبر لصحة الحوالة رضاه أي رضا المحيل لأن الحق عليه فلا يلزمه أداؤه من جهة الدين على المحال عليه .
ويعتبر أيضا علم المال وأن يكون مما يثبت مثله في الذمة بالإتلاف من الأثمان والحبوب ونحوها .
و لا يعتبر رضا المحال عليه لأن للمحيل أن يستوفي الحق بنفسه بوكيله وقد أقام المحتال مقام نفسه في القبض فلزم المحال عليه الدفع إليه .
ولا رضا المحتال إن أحيل على مليء ويجبر على اتباعه لحديث أبي هريرة يرفعه [ مطل الغني ظلم وإذا اتبع أحدكم على ملىء فليتبع ] متفق عليه وفي لفظ [ من أحيل بحقه على مليء فليحتل ] والملىء القادر بماله وقوله وبدنه فماله القدرة على الوفاء وقوله أن لا يكون مماطلا وبدنه إمكان حضوره إلى مجلس الحاكم قاله الزركشي .
وإن كان المحال عليه مفلسا ولم يكن المحتال رضي الحوالة عليه رجع به أي بدينه على المحيل لأن الفلس عيب ولم يرض به فاستحق الرجوع كالمبيع لمعيب فإن رضي بالحوالة عليه فلا رجوع له إن لم يشترط الملاءة لتفريطه .
ومن أحيل بثمن مبيع بأن أحال المشتري البائع به على من له عليه دين فبان البيع باطلا فلا حوالة أو أحيل به أي بالثمن عليه بأن أحال البائع على المشترى مدينه بالثمن فبان البيع باطلا بأن بان المبيع مستحقا أو حرا أو خمرا فلا حوالة لظهور أن لا ثمن على المشتري لبطلان البيع والحوالة فرع على لزوم الثمن ويبقى الحق على ما كان عليه أولا .
وإذا فسخ البيع بتقايل أو خيار عيب أو نحوه لم تبطل الحوالة لأن عقد البيع لم يرتفع فلم يسقط الثمن فلم تبطل الحوالة وللمشتري الرجوع على البائع لأنه لما رد المعوض استحق الرجوع بالعوض .
ولهما أن يحيلا أي للبائع أن يحيل المشتري على من أحاله المشتري عليه في الصورة الأولى وللمشتري أن يحيل المحتال عليه على البائع في الثانية .
وإذا اختلفا فقال : أحلتك قال بل وكلتني أو بالعكس فقول مدعي الوكالة وإن اتفقا على أحلتك أو أحلتك بديني وادعى أحدهما إرادة الوكالة صدق وإن أتفقا على أحلتك بدينك فقول مدعي الحوالة .
وإذا طالب الدائن المدين فقال : أحلت فلانا الغائب وأنكر رب المال قبل قوله مع يمينه ويعمل بالبينة