كتاب النفقات .
باب نفقة الزوجات : .
يجب على الرجل نفقة زوجته وكسوتها بالمعروف إذا سلمت نفسها إليه ومكنته من الاستمتاع بها لما روى جابر : أن رسول الله A قال : [ اتقوا الله في النساء فإنهن عوان عندكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف ] رواه مسلم فإن امتنعت من تسليم نفسها كما يجب عليها أو مكنت من استمتاع دون استمتاع أو في منزل دون منزل أو في بلد دون بلد ولم تكن شرطت دارها ولا بلدها فلا نفقة لها لأنه لم يوجد التمكين التام فأشبه البائع إذا امتنع من تسليم المبيع أو تسليمه في موضع دون موضع وإن عرضت عليه وبذلت له التمكين التام وهو حاضر لزمته النفقة لأنها بذلت الواجب عليها وإن كان غائبا لم تجب حتى يقدم هو أو وكيله أو يمضي زمن ولو سار لقدر على أخذها لأنه لا يوجد التمكين إلا بذلك وإن لم تسلم إليه ولم تعرض عليه فلا نفقة عليه لأن النبي A تزوج عائشة فلم ينفق عليها حتى أدخلت عليه ولأنه لم يوجد التمكين فلا تجب النفقة كما لو منعت نفسها .
فصل : .
ولو عرضت عليه وهي صغيرة لا يوطأ مثلها فلا نفقة لها لأنه لم يوجد التمكين من الاستمتاع لأمر من جهتها وإن كانت كبيرة والزوج صغير وجبت نفقتها لأن التمكين وجد من جهتها وإنما تعذر من جهته فوجبت النفقة كما لو سلمت إليه وهو كبير فهرب منها وإن سلمت إليه وهو مجبوب أو مريض لا يمكنه الوطء وجبت النفقة كذلك وإن سلمت إليه وهي رقتاء أو نحيفة أو مريضة لا يمكن وطؤها وحبت نفقتها لأن تعذر الاستمتاع لسبب لا تنسب إلى التفريط فيه .
فصل : .
وإن سافرت زوجته بغير إذنه لغير واجب أو انتقلت من منزله فلا نفقة لها وإن كان غائبا لأنها خرجت عن قبضته وطاعته فأشبهت الناشز وإن سافرت بإذنه فعلى ما ذكرناه في القسم وإن أحرمت بحج أو عمرة في الوقت الواجب من الميقات لم تسقط نفقتها لأنها فعلت الواجب بأصل الشرع فأشبه ما لو صامت رمضان وإن تطوعت بالإحرام بغير إذنه أو أحرمت بالواجب قبل الوقت أو قبل الميقات بغير إذنه فلا نفقة لها لأنها منعته الاستمتاع بما لا يجب عليها فهو كسفرها بغير إنه وإن فعلته بإذنه فهو كسفرها لحاجتها وإن أحرمت بالحج المنذور فقال أصحابنا : لها النفقة وينبغي أن يقال : إن كان النذر قبل النكاح فلها النفقة لأنه وجب قبل النكاح فكان مقدما على حقه فيها وإن كان بعد النكاح بإذن الزوج فلها النفقة لأنه إذن في إلزامها إياه فكان راضيا بموجبه وإن كان بغير إذنه فلا نفقة لها لأنها فوتت التمكين اختيارا منها بغير رضاه فأشبه السفر لحاجتها .
فصل : .
وصوم رمضان لا يسقط النفقة لأنه واجب معين والحكم في صوم النذر والتطوع والاعتكاف المنذور والتطوع كالحكم في الحج الذي كذلك وأما قضاء رمضان فإن ضاق وقته لم يمنع النفقة لأنه واجب مضيق أشبه رمضان وإن كان وقتا متسعا فهو كالإحرام قبل الوقت .
فصل : .
وإذا أسلمت زوجة الكافر بعد الدخول فلها نفقة العدة لأن الإسلام واجب عليها مضيق أشبه الإحرام بالحج الواجب في وقته وإن أسلم هو دونها وهي غير كتابية فلا نفقة لها لأنها منعته بمعصيتها وإقامتها على كفرها وإن ارتدت مسلمة فلا نفقة لها كذلك وإن كان هو المرتد فعليه النفقة لأنه الممتنع بردته وإن عادت المرتدة إلى الإسلام فلها النفقة من حين عادت ولو كان غائبا لأن سقوط نفقتها لردتها فعادت بزوالها وإن نشزت الزوجة ثم عادت إلى الطاعة والزوج غائب فلا نفقة لها حتى يمضي زمن لو سار فيه لقدر على استمتاعها لأن سقوط نفقتها لعدم التمكين ولم يحصل بعودها إلى الطاعة .
فصل : .
وللأمة المزوجة النفقة في الزمن الذي تسلم نفسها فيه فإن سلمت إليه ليلا ونهارا فلها النفقة كلها كالحرة وإن سلمت ليلا دون النهار فلها نصف نفقتها لأنها سلمت نفسها في الزمن الذي يلزمها تسليم نفسها فيه فكان لها نفقتها فيه كالحرة في جميع الزمان .
فصل : .
ولا تجب النفقة في النكاح الفاسد لأنه ليس بنكاح شرعي