باب نفقة المعتدة .
وهي ثمانية أقسام : .
أحدها : الرجعية فلها النفقة السكنى لأنها باقية على الزوجية غير مانعة له من الاستمتاع أشبه ما قبل الطلاق .
الثاني : البائن بفسخ الطلاق فإن كانت حاملا فلها النفقة والسكنى لقول الله تعالى : { أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن } وهل تجب النفقة للحمل أو للحامل ؟ فيه وجهان : .
أحدهما : للحمل لأنها تجب بوجوده وتسقط بعدمه .
والثاني : تجب لها بسببه لأنها تجب مع الإعسار ونفقة الولد لا تجب على معسر وإن كانت حائلا فلا نفقة لها لدلالة الآية بدليل خطابها على عدمها وفي السكنى روايتان : .
إحداهما : تجب للآية والأخرى : لا تجب لحديث فاطمة بنت قيس وهو مفسر للآية فإن قلنا : تجب النفقة للحمل فلا نفقة لزوجة العبد ولا للأمة الحامل لأنه لا تجب نفقة ولدهما على أبيه وإن قلنا : تجب للحامل وجبت نفقتهما كما تجب في صلب النكاح .
فصل : .
الثالث : المعتدة في الوفاة فإن كانت حائلا فلا نفقة لها ولا سكنى لأن ذلك يجب للتمكين من الاستمتاع وقد فات بالوفاة وإن كانت حاملا ففي وجوبهما روايتان : .
إحداهما : لا تجبان كذلك .
والثانية : تجبان لأنها معتدة في نكاح صحيح أشبهت البائن في الحياة .
فصل : .
الرابع : المعتدة في اللعان فإن كانت حائلا أو منفيا حملها فلا سكنى لها ولا نفقة لما روى ابن عباس أن النبي A : ( فرق بين المتلاعنين ) وقضى : أن لا بيت عليها ولا قوت رواه أبو داود ولأنها بائن لا ولد له معها فأشبهت المختلعة الحائل وإن كانت حامل حملا يلحقه نسبه فلها السكنى والنفقة لأن ذلك يجب للحمل أو لسببه وهو موجود فإن نفاه فأنفقت وسكنت ثم استلحقه لحقه ولزمه ما أنفقت وأجرة رضاعها ومسكنها لأنها فعلت ذلك على أنه لا أب له وقد بان خلافه .
فصل : .
الخامس : المعتدة من وطء شبهة أو نكاح فاسد إذا فرق بينهما فلا سكنى لها بحال لأنه إنما تجب بسبب النكاح ولا نكاح هاهنا ولا نفقة لها إن كانت حائلا وإن كانت حاملا وقلنا بوجوب النفقة للحمل وجبت لأن الحمل هاهنا لاحق به فأشبه الحمل في النكاح الصحيح وإن قلنا : تجب للحامل فلا نفقة لها لأن حرمته هاهنا غير كاملة .
فصل : .
السادس : الزانية : لا نفقة لها ولا سكنى بحال لأنه لا نكاح بينهما ولا يلحقه نسب حملها .
فصل : .
السابع : زوجة المفقود لها النفقة لمدة التربص لأنها محبوسة عليه في بيته فإذا حكم لها بالفرقة انقطعت نفقتها لزوال نكاحها حكما فإذا قدم فردت عليه فلها النفقة لما يستقبل دون ما مضى لأنها خرجت بمفارقتها إياه عن قبضته فلا تجب إلا بعودها إليه وإن لم ترد إليه فلا نفقة لها بحال .
فصل : .
الثامن : زوجة العبد والأمة المزوجة وقد تقدم بيان حكمهما .
فصل : .
ومن وجبت لها النفقة للحمل وجب دفعها إليها يوما بيوم لقول الله تعالى : { فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن } ولأن الحمل يتحقق حكما في منع النكاح والأخذ في الزكاة ووجوب الدفع في الدية والرد بالعيب فكذلك في وجوب النفقة لها وقال أبو الخطاب : ويحتمل أنه لا يجب دفع النفقة إليها حتى تضع الحمل لأنه لا يتحقق ولذلك لم يصح اللعان عليه قبل وضعه على إحدى الروايتين والمذهب : .
الأول : فإن أنفق عليها ثم تبين أنها غير حامل رجع عليها لأنه دفعها إليها على أنها واجبة فجع عليها كما لو قضاها دينا ثم تبين براءته منه وعنه : لا يرجع عليها لأنه لو كان النكاح فاسدا فأنفق عليها ثم فرق بينهما لم يرجع كذا هاهنا وإن لم ينفق عليها لظنه أنها حائل ثم تبين أنها حامل رجعت عليه لأننا تبينا استحقاقها له فرجعت به عليه كالدين وإن ادعت الحمل لتأخذ النفقة أنفق عليها ثلاثة أشهر ثم ترى القوابل فإن بان أنها حامل فقد أخذت حقها وإن بان خلافه رجع عليها