كتاب الرضاع .
إذا ثاب للمرأة لبن على ولد فأرضعت به طفلا دون الحولين خمس رضعات متفرقات صارت أمه وهو ولدها في تحريم النكاح وإباحة النظر والخلوة وثبوت الحرمية وصارت أمهاتها جداته وآباؤها أجداده وأولادها إخوته وأخواتها وإخوتها أخواله وأخواتها خالاته لقول الله تعالى : { وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة } نص على هاتين في المحرمات فدل على ما سواهما وروت عائشة أن النبي A قال : [ الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة ] وعن ابن عباس قال : قال رسول الله A في ابن حمزة : [ لا تحل لي من يحرم من الرضاع ما يحرم بالنسب وهي ابنة أخي من الرضاعة ] متفق عليهما .
فصل : .
وإن كان الولد الذي ثاب اللبن بولادته ثابت النسب من رجل صار الطفل ولدا له وأولاده أولاد ولده وصار الرجل أبا له وآباؤه أجداده وأمهاته جداته وأولاده إخوته وإخوانه وأخواته أعمامه وعماته لما روت عائشة Bها : أن أفلح أخا أبي القعيس استأذن علي بعدما أنزل الحجاب فقلت : والله لا آذن له حتى أستأذن رسول الله A فإن أخا أبي القعيس ليس هو الذي أرضعني ولكن أرضعتني امرأة أبي القعيس فدخل علي رسول الله A فقلت : يا رسول الله إن الرجل ليس هو أرضعني ولكن أرضعتني امرأة أخيه فقال : [ ائذني له فإنه عمك تربت يمينك ] متفق عليه ولأن اللبن حدث للولد والولد ولدهما فكان المرضع بلبنه ولدهما فإن لم يكن الولد ثابت النسب من رجل كولد الزنا والمنفي باللعان فمفهومه كلام الخرقي أنه لا ينشر الحرمة بينهما لأن النسب لم يثبت فالتحريم المتفرع عليه أولى وهذا قول ابن حامد ولكن إن كان المرتضع أنثى حرمت تحريم المصاهرة لأنها ربيبة الملاعن وابنة موطوءة الزاني وكذلك أولادها وأولاد الطفل إن كان ذكرا وقال أبو بكر : ينشر الحزمة بينه وبين الواطئ والزوج الملاعن لأن التحريم ثابت بينهما وبين المولود فكذلك في المرتضع لأنه فرعه ولأنه أحد المتواطئين فتنتشر الحرمة إليه كالمرأة ويحتمل أن ينشر الحرمة بين الزاني وبين المرتضع لأن الولد منه حقيقة فكان اللبن منه لا ينشر من المرتضع والملاعن فإن اللبن لم يثبت منه حقيقة ولا حكما .
فصل : .
وتنتشر الحرمة من الولد إلى أولاده وإن سفلوا لأنهم أولاد أولاد المرضعة ولا تنتشر إلى من هو في درجته وأعلى منه كإخوته وأخواته وأمهاته وآبائه وأعمامه وعماته وأخواله وخالاته فللمرضعة نكاح أب الطفل وأخيه ولزوجها نكاح أمه وأخته ولإخوته وأخواته من النسب نكاح إخوته وأخواته من الرضاع لأن حرمة النسب تختص به وبأولاده دون إخوته وأخواته ومن أعلى منه كذلك الرضاع المتفرع عليه .
فصل : .
ولا تثبت الحرمة بالرضاع بعد الحولين لقول الله تعالى : { والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة } فجعل تمامها في الحولين فدل على أنه لا حكم للرضاع بعدهما وعن أم سلمة Bها قالت : قال رسول الله A : [ لا يحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء وكان قبل الفطام ] قال الترمذي : هذا حديث صحيح .
فصل : .
واختلفت الرواية في قدر المحرم من الرضاع فروي : أن قليله و كثيره يحرم كالذي يفطر الصائم لقول الله تعالى : { وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم } وقول النبي A : [ يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ] وروي : أن التحريم لا يثبت إلا بثلاث رضعات لما روت عائشة Bها : أن النبي A قال : [ لا تحرم المصة ولا المصتان ] وعن أم الفضل بنت الحارث قالت : قال نبي الله A : [ لا تحرم الإملاجة ولا الإملاجتين ] رواهما مسلم وروى : لا يتثبت التحريم إلا بخمس رضعات وهي ظاهر المذهب لما روي عن عائشة قالت : أنزل في القرآن : ( عشر رضعات معلومات يحرمن ) فنسخ من ذلك خمس وصار الأمر إلى خمس رضعات يحرمن فتوفي رسول الله A والأمر على ذلك رواه مسلم وهذا الخبر يفسر الرضاعة المحرمة في الآية ويقدم على الخبر الآخر لأنه إنما يدل بدليل خطابه والمنطوق أقوى منه فإن شك في عدد الرضاع أو في وجوده لم يثبت التحريم لأن الأصل الإباحة فلا تزول بالشك .
فصل : .
واختلف أصحابنا في الرضعة فقال أبو بكر : متى شرع في الرضاع وخرج الثدي من فيه فهي رضعة سواء قطع اختيارا أو لعارض في تنفس أو أمر يلهيه أو انتقال من ثدي إلى آخر أو قطعت المرضعة عليه فإذا عاد فهي رضعة ثانية وقال ابن أبي موسى : حد الرضعة أن يمص ثم يمسك عن الامتصاص لنفس أو غيره سواء خرج الثدي من فيه أو لم يخرج لأن قول النبي A : [ لا تحرم المصة ولا المصتان والإملاجة ولا الإملاجتان ] يدل على أن لكل مصة أثرا ولأنه لو تباعد ما بينهما كانا رضعتين فكذلك إذا تقاربا ولأن القليل من الوجور والسعوط رضعة فالامتصاص أولى وقال ابن حامد إن قطع لعارض أو قطع عليه ثم عاد في الحال فهما رضعة واحدة وإن تباعدا أو انتقل من امرأة إلى أخرى فهما رضعتان لأن الآكل لو قطع الأكل للشرب أو عارض وعاد في الحال كان أكلة واحدة فكذلك الرضاع .
فصل : .
ويثبت التحريم بالوجور وهو أن يصيب اللبن في حلقه لأنه ينشز العظم وينبت اللحم فأشبه الارتضاع وبالسعوط وهو أن يصب على أنفه لأنه سبيل لفطر الصائم فكان سبيلا للتحريم بالرضاع كالفم وعنه : لا يتثبت التحريم بهما لأنهما ليسا برضاع وإن جمد اللبن فجعل جبنا وأكله الصبي فهو كالوجور ولا يثبت التحريم بالحقنة في المنصوص عنه لأنها تراد للإسهال لا للتغذي فلا تنبت لحما ولا تنشز عظما وقد روى ابن مسعود : أن النبي A قال : [ لا رضاع إلا ما أنشز العظم وأنبت اللحم ] رواه أبو داود وقال ابن حامد وابن أبي موسى : ينشر الحرمة لأنه واصل إلى الجوف أشبه الواصل من الأنف وإن قطر في إحليله لم ينشر الحرمة وجها واحدا لأنه ليس برضاع ولا في معناه .
فصل : .
إذا حلبت في إناء دفعة واحدة أو في دفعات ثم سقته صبيا في أوقات خمسة فهو خمس رضعات وإن سقته في وقت واحد فهو رضعة واحدة لأن الاعتبار بشرب الصبي فإن التحريم يثبت به فاعتبر تفرقه واجتماعه وإن سقته الجميع في وقت واحد جرعة بعد جرعة فعلى قول ابن حامد : هو رضعة واحدة لما ذكرنا في الرضاع وإن حلبت امرأتان في إناء واحد وسقتاه صبيا في خمسة أوقات صار ابنهما لأن ذلك لا يزيد على اللبن المشوب وهو ينشر الحرمة .
فصل : .
واللبن المشوب كالمحض في نشر الحرمة ذكره الخرقي وهذا إن كانت صفات اللبن باقية فإن صب في ماء كثير لم يتغير به لم يثبت التحريم لأن هذا لا يسمى لبنا مشوبا ولا ينشز عظما ولا ينبت لحما وقال أبو بكر : قياس قول أحمد أن المشوب لا ينشر الحرمة لأنه وجور وحكي عن ابن حامد : إن غلب اللبن حرم وإن غلب خلطه لم يحرم لأن الحكم للأغلب ويزول حكم المغلوب والأول أصح لأن ما تعلق الحكم به غالبا تعلق به مغلوبا كالنجاسة والخمر وسواء شيب بمائع كالماء والعسل أو بجامد مثل أن يعجن به أقراص ونحوهما لأنه مشوب .
فصل : .
ويحرم لبن الميتة لأنه لبن آدمية ثابت على ولد فأشبه لبن الحية وقال الخلال : لا ينشر الحرمة لأنه معنى تتعلق به الحرمة في الحياة فلم تتعلق في حال الموت كالوطء وإن حلبته في إناء ثم سقي منه صبي بعد موتها كان حكمه كحكم ما لو سقي في حياتها لأنه انفصل عنها في الحياة .
فصل : .
ولا تثبت الحرمة بلبن البهيمة لأن الأخوة فرع على الأمومة ولا تثبت الأمومة بهذا الرضاع فالأخوة أولى ولا تثبت بلبن رجل لأنه لا يجعل غذاء للمولود فأشبه لبن البهيمة ولا بلبن خنثى مشكل لأنه لا يعلم أنه امرأة فلا يثبت التحريم بالشك وقال ابن حامد : يقف الأمر حتى ينكشف أمر الخنثى فإن أيس من انكشافه بموت أو غيره ثبت الحل لما ذكرنا وإن ثاب لامرأة لبن من غير حمل فقال أبو الخطاب : نص أحمد على أنه لا ينشر الحرمة لأنه نادر أشبه لبن الرجل وذكر ابن أبي موسى فيه روايتين : .
إحداهما : ينشر الحرمة لأنه لبن آدمية أشبه لبن ذات الحمل وهذا قول ابن حامد لأنه جعل لبن الخنثى موقوفا ولو كان تقدم الحمل شرطا في التحريم لما وقف أمره لأننا تيقنا عدمه .
فصل : .
إذا ثاب للمرأة لبن من غير حمل وقلنا : إنه ينشر الحرمة فأرضعت به طفلا صار ابنا لها ولم يصر ابنا لزوجها لأنه لم يثبت بوطئه فلم يكن منه وإن وطئ رجلان امرأة فأتت بولد فأرضعت بلبنه طفلا صار ولدا لمن ثبت نسب المولود منه وينتفي عمن ينتفي عنه سواء ثبت بالقافة أو بغيرها لأن اللبن تابع للولد فإن ألحقته القافة بهما فالمرتضع ولدهما وإن أشكل أو لم يوجد قافة ثبت الحرمة بينه وبينهما لأنه ولد لهما أو ولد لأحدهما فتحرم عليه بنات من هو ولد له وقد اشتبهت الأنساب المحرمة بغيرها فيحرمان كما لو اختلطت أخته بأجنبيات ولا يتثبت المحرمية بينه وبين واحدة منهن كذلك .
فصل : .
ولو طلق الرجل زوجة له منها لبن فتزوجت صبيا رضيعا فأرضعته صار ابنها وابن طليقها فينفسخ نكاحها لأنها صارت أمه وتحرم على المطلق لأنها صارت من حلائل أبنائه لما أرضعت الصبي الذي تزوجته ولو زوج رجل أم ولده صغيرا مملوكا فأرضتعه بلبن سيدها انفسخ نكاحها وحرمت على سيدها كذلك وإن زوجها صبيا حرا لم يصح نكاحه لأن من شرط نكاح الإماء خوف العنت وهو معدوم في الصبي فإن أرضعته لم تحرم على سيدها لأنه ليس بزوج في الحقيقة وإن تزوجت صغيرا ثم فسخت نكاحه لعيب ثم تزوجت كبيرا فأولدها وأرضعت بلبنه الصغير الذي فسخت نكاحه حرمت على زوجها على التأبيد لأنها صارت من حلائل أبنائه .
فصل : .
وإن طلق الرجل زوجته وهي ذات لبن منه فتزوجت آخر ولم تحمل منه فاللبن للأول سواء زاد بوطء الثاني أو لم يزد لأن اللبن للولد وإن حملت من الثاني ولم تلد ولم ينقطع لبن الأول ولم يزد فهو للأول أيضا كذلك وإن ولدت من الثاني فاللبن له وحده انقطع لبن الأول أو اتصل زاد أو لم يزد لأن حاجة المولود إلى اللبن تمنع كونه لغيره وإن لم تلد من الثاني واتصل لبن الأول وزاد بالحمل من الثاني فاللبن منهما لأن اتصال لبن الأول دليل على أنه منه وزيادته عند حدوث الحمل دليل على أنها منه فيضاف إليهما وإن انقطع لبن الأول ثم ثاب بالحمل من الثاني فقال أبو بكر : هو منهما لأن الظاهر أن لبن الأول عاد وسببه وطء الثاني فيضاف إليهما كالتي قبلها وقال القاضي : يحتمل أنه من الثاني وحده لأن لبن الأول ذهب حكمه بانقطاعه وحدث بحمل الثاني فيكون منه وهذا اختيار أبي الخطاب .
فصل : .
إذا كان لرجل خمس أمهات أولاد لهن لبن منه فارتضع طفل من كل واحدة منهن رضعة أو ثلاث زوجات فارتضع من كل واحدة رضعتين لم يصرن أمهات له لأنه لم يكمل رضاعه من واحدة منهن وصار السيد والزوج أبا له في أصح الوجهين لأنه ارتضع من لبنه خمس رضعات فكمل رضاعه من لبنه فصار أبا له كما لو أرضعته واحدة خمسا .
والثاني : لا يصير أبا له لأنه رضاع لم تثبت به الأمومة فلم تثبت به الأبوة كلبن البهيمة ولو أرضعته بغير لبن السيد لم يصر السيد أبا له بحال ولا يحرم أحدهما على الآخر في أصح الوجهين لأن تحريمه عليه فرع كونه ولدا لهن ولم يثبت وفي الآخر يحرم لأنه كمل له الرضاع من موطوءات السيد فيحرم عليه كما لو كمل له من واحدة ولو كان للمرأة خمس بنات لهن لبن فارتضع طفل من كل واحدة رضعة لم يصرن أمهات له وهل تصير المرأة جدة له وزوجها جدا وابنها خالا له ؟ على الوجهين فإن قلنا بالوجه الأول حرمت أمهات الأولاد على الطفل في المسألة الأولى لأنهن موطوءات أبيه وبنات المرأة في الثانية لأنهن بنات جده وجدته وإن كن ستا فارتضع من كل واحدة رضعة صارت كل واحدة منهن خالته لأنه قد ارتضع من أخواتها خمس رضعات وإن قلنا بالوجه الثاني لم يحرمن لعدم الأسباب المحرمة وإن كمل الطفل خمس رضعات من أم رجل وأخته وزوجته وابنته وزوجة ابنه وزوجة أبيه خرج على الوجهين فأما إن أرضعت امرأة طفلا ثلاث رضعات من لبن زوج ثم انقطع لبنها وتزوجت آخر فصار لها منه لبن فأرضعت منه الطفل رضعتين صارت له أما وجها واحدا لأنه كمل رضاعه من لبنها ولم يصر الرجلان أبوين له لأنه لم يكمل رضاعه من لبن واحد منهما لكنه يحرم عليها لأنه ربيبهما .
فصل : .
إذا تزوجت رجل صغير فأرضعتها زوجة له كبرى بلبنه حرمتا عليه على التأبيد لأن الصغرى بنته والكبرى من أمهات نسائه وإن أرضعتها بلبن غيره بعد دخوله بها حرمتا أيضا على التأبيد لأن الكبرى من أمهات نسائه والصغرى ربيبته المدخول بأمها وإن كان ذلك بعد طلاقهما أو طلاق إحداهما فكذلك لما ذكرناه ولو تزوج رجلان زوجتين كبرى وصغرى ثم طلقاهما وتزوج كل واحدة منهما زوجة الآخر فأرضعت الكبرى والصغرى حرمت الكبرى عليهما لأنها من أمهات نسائهما وتحرم الصغرى على من دخل بالكبرى لأنها ربيبته مدخول بأمها ولا تحرم على الآخر لعدم دخوله بأمها وإن أرضعت زوجته الكبرى زوجته الصغرى بلبن غيره ولم يكن دخل بالكبرى حرمت الكبرى وفي الصغرى وجهان : .
أحدهما : ينفسخ نكاحها لأنها اجتمعت مع أمها في النكاح فانفسخ نكاحهما كما لو صارتا أختين .
والثاني : لا ينفسخ نكاحها اختاره الخرقي لأن الكبرى أولى بفسخ نكاحها لتحريمها على التأبيد فتبقى هذه منفردة به بخلاف الأختين فإنه ليس واحدة منهما أولى من الأخرى .
فصل : .
وإن أرضعتها بنت الكبرى فهو كرضاع الكبرى سواء لأنها صارت بنت بنتها وإن أرضعتها أمها صارت زوجتاه أختين فانفسخ نكاحهما كذلك وإن أرضعتها جدتها صارت الصغرى خالة الكبرى أو عمتها وإن أرضعتها أختها صارت الكبرى خالتها وإن أرضعتها امرأة أخيها بلبنه صارت عمتها وينفسخ نكاحها في جميع ذلك وله نكاح من شاء منهما .
فصل : .
وإن تزوج صغيرتين فأرضعتهما امرأة واحدة معا أو إحداهما بعد الأخرى انفسخ نكاحهما معا لأنهما صارتا أختين وله أن ينكح من شاء منهما وإن أرضعتهما زوجة له كبرى مدخول بها حرم الكل عليه على الأبد وإن لم يدخل بها فأرضعتهما معا انفسخ نكاحهما وإن أرضعت واحدة بعد الأخرى ففيه وجهان : .
أحدهما : ينفسخ نكاح الأولى لأنها اجتمعت مع أمها في النكاح ويثبت نكاح الثانية لأنها لم تصر أختا للأولى إلا بعد فسخ نكاحها .
والثاني : لا ينفسخ نكاح الأولى برضاعها فإذا أرضعت الثانية صارتا أختين فانفسخ نكاحهما وإن تزوج ثلاث صغار فأرضعتهن امرأة معا أو أرضعت واحدة منفردة واثنتين بعد ذلك معا انفسخ نكاحهن جميعا لأنهن صرن أخوات وإن أرضعتهن منفردات انفسخ نكاح الأوليين لأنهما صارتا أختين في نكاحه وثبت نكاح الثالثة لأنها لم تصر أختا لهما إلا بعد فسخ نكاحهما وإن أرضعتهن امرأته الكبرى قبل دخوله بها فكذلك في قول الخرقي وفي الوجه الآخر ينفسخ نكاح الجميع .
فصل : .
وكل من تحرم عليه ابنتها كأمه وابنته وأخته وجدته وزوجة أخيه بلبن أخيه إذا أرضعت زوجته الصغرى حرمتها عليه على التأبيد وفسخت نكاحها كذلك لأنها تجعلها بنتا لها ومن لا تحرم ابنتها كعمته وخالته وامرأة عمه وخاله لا يضر رضاعها شيئا لأن ابنتها حلالا له ولو تزوج ابنة عمه أو بنت عمته أو بنت خاله أو خالته وهما صغيران فارتضع أحدهما من جدتهما انفسخ النكاح بينهما لأن أحدهما يصير عم صاحبه أو خاله .
فصل : .
ومن أفسد نكاح امرأة بالرضاع قبل الدخول فعليه للزوج ما يلزمه من صداقها وهو النصف لأنه قرره عليه بعد أن كان يعرض للسقوط وفرق بينه وبين زوجته فلزمه ذلك كشهود الطلاق إذا رجعوا وإن اشترك في الإفساد جماعة فالضمان بينهم مقسوما على عدد الرضعات لاشتراكهم في السبب وإن كانت المرأة هي المفسدة لنكاحها فلا صداق لها فإن أرضعت زوجته الكبرى الصغرى ففسد نكاحهما فلا مهر للكبرى ويرجع عليها بنصف صداق الصغرى وإن دبت الصغرى فارتضعت من الكبرى وهي نائمة فلا مهر للصغرى ويرجع عليها بنصف صداق الكبرى وإن ارتضعت منها رضعتين وهي نائمة ثم انتبهت فأرضعتها ثلاث رضعات فعليه للصغرى خمس صداقها وعشره يرجع على الكبرى وللكبرى خمس صداقها يرجع به على الصغرى وإن أفسدت نكاح نفسها بعد الدخول فلها المهر لأنه استقر بالدخول فلم يسقط كما لو ارتدت وإن أفسد نكاحها غيرها فلا شيء عليه كذلك والمنصوص عن أحمد : أنه يرجع عليه بصداقها لأنه نكاح أفسد فوجب على المفسد غرامة ما وجب على الزوج كقبل الدخول .
فصل : .
إذا أقر الزوج أن زوجته أخته من الرضاع انفسخ نكاحه لأنه مقر على نفسه ثم إن صدقته وكان قبل الدخول فلا مهر لها لأنه نكاح باطل لا دخول فيه وإن كذبته لم يسقط صداقها ولزمه نصفه لأن الأصل الحل وصحة النكاح وإن كان بعد الدخول فلها المهر بما استحل من فرجها وإن كانت هي التي قالت : هو أخي من الرضاع فأكذبها فهي زوجته في الحكم ولم يقبل قولها في فسخ نكاحه لأنه حق له عليها لكن إن طلقها قبل الدخول فلا مهر لها لاعترافها بسقوطه وإن قال الزوج : هذه ابنتي من الرضاع وهي مثله أو أكبر منه لم تحرم عليه لأننا نتحقق كذبه