باب الشروط في الطلاق .
يصح تعليق الطلاق بشرط كدخول الدار ومجيء زيد ودخول سنة فإن علقه بشرط تعلق به فمتى وجد الشرط وقع وإن لم يوجد لم يقع لأنه إزالة ملك بني على التغليب والسراية أشبه العتق ولو قال : عجلت ما علقته لم تطلق لأنه تعلق بالشرط فلم يتغير فإن قال : أردت الطلاق في الحال وإنما سبق لساني إلى الشرط طلقت في الحال لأنه أقر على نفسه ما يوجب التغليظ من غير تهمة وإن قال : أنت طالق ثم قال : أردت إذا دخلت الدار دين وهل يقبل في الحكم ؟ يخرج على روايتين .
فصل : .
وأدوات الشرط المستعملة في الطلاق والعتاق ستة : إن ومن وإذا ومتى وأي وكلما وليس فيها ما يقتضي التكرار إلا ( كلما ) فإذا قال : إن قمت أو إذا قمت أو متى قمت أو أي وقت قمت أو من قام منكن فهي طالق فقامت طلقت وإن تكرر القيام لم يتكرر الطلاق لأن اللفظ لا يقتضي التكرار وإن قال : كلما قمت فأنت طالق فقامت طلقت وإن تكرر القيام تكرر الطلاق لأن اللفظ يقتضي التكرار وقال أبو بكر : في ( متى ) ما يقتضي تكرارها لأنها تستعمل للتكرار قال الشاعر : .
( متى تأته تعشو إلى ضوء ناره ... تجد خير نار عندها خير موقد ) .
والصحيح : أنها لا تقتضيه لأنها اسم زمان فأشبهت إذا وكل هذه الأدوات على التراخي إذا خلت من حروف لم كانت إن على التراخي و ( إذا ) فيها وجهان : .
أحدهما : هي على الفور لأنها اسم زمان فأشبهت ( متى ) .
والثاني : هي على التراخي لأنها أخلصت للشرط فهي بمعنى ( إن ) وإن احتملت الأمرين لم يقع الطلاق بالشك وسائر الأدوات على الفور لأنها تقتضيه فإذا قال : إن لم أطلقك فأنت طالق ولم ينو وقتا بعينه ولا دلت عليه قرينة لم يقل الطلاق إلا عند قربه منه وذلك في آخر جزء من حياة أحدهما وإن قال : متى لم أطلقك أو أي وقت لم أطلقك فأنت طالق أو من لم أطلقها منكن فهي طالق فمضى زمن يمكن طلاقها ولم يطلقها طلقت وإن قال : إذا لم أطلقك فأنت طالق فهل تطلق قي الحال أو في آخر حياة أحدهما ؟ على وجهين وإن قال : كلما لم أطلقك فأنت طالق فمضى زمن يمكن طلاقها ثلاثا ولم يطلقها طلقت ثلاثا لأن معناه : كلما سكت عن طلاقك فأنت طالق وقد سكت ثلاث سكتات في ثلاثة أوقات .
فصل : .
وإن قال : إن دخلت الدار أنت طالق لم تطلق حتى تدخل كما لو قال : أنت طالق إن دخلت الدار ويحتمل أن يقع في الحال لأن جواب الشرط إذا تأخر عنه لم يكن إلا بالفاء أو بإذا وإن قال : إن دخلت الدار وأنت طالق طلقت في الحال لأن الواو ليست جوابا للشرط فإن قال : أردت بها الجزاء أو أردت أن أجعلهما شرطين لشيء ثم أمسكت دين لأنه محتمل لما قاله وهل يقبل في الحكم ؟ يخرج على روايتين فإن قال : أنت طالق وإن دخلت الدار طلقت لأنه معناه : ولو دخلت كقوله E : [ من قال لا إله إلا الله دخل الجنة وإن زنى وإن سرق ] وإن قال : أنت طالق لو دخلت الدار طلقت لأن لو تستعمل بعد الإثبات لغير المنع كقوله تعالى : { وإنه لقسم لو تعلمون عظيم } وإن قال : أردت الشرط قبل لأنه محتمل وإن قال : أنت طالق أن دخلت بفتح الهمزة طلقت عند أبي بكر لأن ( أن ) للتعليل لا للشرط كقوله تعالى : { يمنون عليك أن أسلموا } وقال القاضي : قياس قول أحمد أنه كان نحويا وقع طلاقه لذلك وإن كان عاميا فهي للشرط لأن العامي لا يريد بها إلا الشرط فأجرى عليه حكمه وحكي عن الخلال : أن النحوي إذا لم يكن له نية فهو كالعامي .
فصل : .
فإن قال : أنت طالق إن شربت إذا أكلت أو متى أكلت لم تطلق حتى تشرب بعد الأكل لأن إدخال الشرط على الشرط يقتضي تقديم المؤخر وإن قال : أنت طالق إن شربت إن أكلت فكذلك لما ذكرناه وإن قال : أنت طالق إن شربت فأكلت أو إن شربت ثم أكلت لم تطلق حتى تأكل بعد الشرب لأنهما حرفا ترتيب وإن قال أنت طالق إن شربت وأكلت طلقت بوجودهما على أي صفة لأن الواو للجمع ولا تقتضي ترتيبا ولا تطلق بوجود أحدهما لأنها للجمع وإن قال : أنت طالق إن أكلت أو شربت طلقت بوجد أحدهما لأن ( أو ) تقتضي تعليق الجزاء على واحدة من المذكورين لقوله تعالى : { فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر } .
فصل : .
إذا قال : إن حضت فأنت طالق طلقت بأول جزء من الحيض فإن رأت دما وتبينت أنه ليس بحيض تبين أن الطلاق لم يقع فإن قالت : قد حضت فكذبها قبل قولها بغير يمين وعنه : لا يقبل قولها ويختبرها النساء بإدخال قطنة في الفرج فإن ظهر الدم فهي حائض وإلا فلا والمذهب الأول لقول الله تعالى : { ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن } فلولا أن قولهن مقبول ما حرم عليهن كتمانه ولأنه لا يعرف إلا من جهتها وإن قال : قد حضت فأنكرته طلقت بإقراره وإن قال : إن حضت فضرتك طالق فقالت : قد حضت فكذبها لم تطلق ضرتها لأن قولها يقبل في حقها دون غيرها وإن قال الزوج قد حضت فكذبته طلقت بإقراره فإن قال : إن حضت فأنت وضرتك طالقتان فقالت : قد حضت فصدقها طلقتا وإن كذبها طلقت وحدها ولم تطلق الضرة وإن صدقها وإن قال : إن حضتما فأنتما طالقتان فصدقهما طلقتا وإن كذبهما لم تطلق واحدة منهما لأن طلاق كل واحدة منهما معلق على محيضهما ولا يقبل قول واحدة منهما في حق ضرتها وإن صدق إحداهما وحدها لم تطلق لأن قول المكذبة غير مقبول في حقها وطلقت المكذبة لأنها مقبولة القول في نفسها وقد صدق الزوج صاحبتها فوجد الشرطان في طلاقها فطلقت وإن قال لأربع نسوة له : إن حضتن فأنتن طوالق فقد علق طلاق كل واحدة منهن بحيض الأربع فإن قلن : قد حضنا فصدقهن طلقن لأنه قد وجد حيضهن بتصديقه وإن كذبهن أو كذب ثلاثا أو اثنتين لم تطلق واحدة منهن لأن قول كل واحدة لا يقبل إلا في حق نفسها فلم يوجد الشرط وإن صدق ثلاثا طلقت المكذبة لما ذكرنا في الاثنتين إذا صدق إحداهما فإن قال : كلما حاضت إحداكن فضرائرها طوالق فقد جعل حيض كل واحدة شرطا لطلاق البواقي فإن قلن : قد حضنا فصدقهن طلق ثلاثا ثلاثا لأن لكل واحدة ثلاث ضرائر فتطلق بحيض كل واحدة طلقة وإن كذبهن لم تطلق واحدة منهن وإن صدق واحدة منهن طلقت كل واحدة من ضرائرها طلقة لأن حيضها ثبت بتصديقه ولم تطلق المصدقة لأنه ليس لها صاحبة تثبت حيضها وإن صدق اثنتين طلقت كل واحدة منهن طلقة لأن لكل واحدة منهما ضرة مصدقة وطلقت كل واحدة من المكذبتين طلقتين لأن لكل واحدة منهما ضرتين مصدقتين فإن صدق ثلاثا طلقت المكذبة ثلاثا وطلقت كل واحدة من المصدقات طلقتين لما ذكرنا .
فصل : .
إذا قال لحائض : إذا حضت فأنت طالق لم تطلق حتى تطهر ثم تحيض لأن إذا اسم لزمن مستقبل فتقضي فعلا مستقبلا وإن قال لها : إذا طهرت فأنت طالق طلقت بانقطاع الدم نص عليه لأنه ثبت لها أحكام الطهر من وجوب الغسل والصلاة وصحة الصوم وذكر أبو بكر قولا آخر : أنها لا تطلق حتى تغتسل لأن بعض أحكام الحيض باقية وإن قال لطاهر : إذا طهرت فأنت طالق لم تطلق حتى تحيض ثم تطهر لما ذكرنا وإن قال لها : إذا حضت حيضة فأنت طالق لم تطلق حتى تحيض ثم تطهر نص عليه لأنها لا تحيض حيضة كاملة إلا بذلك وإن قال : إن حضت نصف حيضة فأنت طالق احتمل أن تطلق إذا مضى نصف عادتها لأن الأحكام تعلقت بالعادة واحتمل أنه متى مضت حيضها تبينا وقوع الطلاق في نصفها وحكي عن القاضي : أنه يلغو قوله : نصف حيضة ويتعلق الطلاق بأول الدم وقيل عنه : تطلق بمضي سبعة أيام ونصف لأنه نصف أكثر الحيض يعني - والله أعلم - أنه ما دام حيضها باقيا لا يحكم بوقوع طلاقها حتى يمضي نصف أكثر الحيض لأن ما قبل ذلك لا يتيقن به مضي نصف الحيضة فلا يقع الطلاق بالشك فإن طهرت بدون ذلك تبينا وقوع الطلاق ونصف الحيضة قلت أو كثرت لأننا تبينا مضي نصف الحيضة بمضيها كلها فإن قال لزوجتيه : إذا حضتما حيضة واحدة فأنتما طلقتان لغا قوله : حيضة واحدة لاستحالة ذلك وصار كقوله : إذا خضتما فأنتما طالقتان فإن قال : أردت إذا حاضت كل واحدة منهما حيضة قبل لأنه محتمل لما قاله .
فصل : .
إذا قال لمن لطلاقها سنة وبدعة - وهي المدخول بها من ذوات الأقراء - أنت طالق للسنة وهي في طهر لم يصبها فيه طلقت في الحال لوجود الصفة وإن كانت حائضا أو في طهر أصابها فيه لم تطلق في الحال لعدم الصفة فإذا طهرت الحائض أو حاضت المصابة ثم طهرت طلقت لوجود الصفة حينئذ وإن قال لها : أنت طالق للبدعة وهي حائض أو في طهر أصابها فيه طلقت في الحال وإن كانت في طهر لم يصبها فيه لم تطلق لعدم الصفة فإذا حاضت أو جامعها طلقت وإن قال لها : أنت طالق للسنة إن كنت الآن ممن يطلق للسنة وكانت في زمن السنة طلقت لوجود الصفة وإلا لم تطلق بحال لأنه شرط لوقوعه كونها الآن ممن يطلق للسنة ولم يوجد ذلك وإن قال : أنت طالق طلقة للسنة وطلقة للبدعة طلقت في الحال واحدة فإذا صارت إلى ضد حالها طلقت الأخرى وإن قال : طلقت للسنة والبدعة لغا قوله : للسنة وللبدعة لاستحالة اجتماعهما وطلقت في الحال وإن قال : أنت طالق ثلاثا للسنة فعلى قول الخرقي تطلق ثلاثا في طهر لم يصيبها فيه لأنه وقت السنة وعلى قول أبي بكر تطلق واحدة في طهر لم يصيبها فيه وتطلق الثانية والثالثة في طهرين في نكاحين إن وجدا لأن السنة تطليقة واحدة ثم يدعها حتى تنقضي عدتها وإن قال : أنت طالق ثلاثا بعضهن للسنة وبعضهن للبدعة طلقت طلقتين في الحال والثالثة في الحال الأخرى لأن قسط الحال الأولى طلقة ونصف فكمل فصار طلقتين وإن قال : أردت في هذه الحال واحدة والباقي في الأخرى قبل قوله لأن البعض يقع على الطلقة الواحدة حقيقة فلم تخالف دعواه الظاهر فقبلت .
فصل : .
وإن كان له امرأة صغيرة لا تحيض أو آيسة أو حامل تبين حملها أو غير مدخول بها فلا سنة لطلاقها ولا بدعة فإذا قال : أنت طالق لا للسنة ولا للبدعة طلقت لوجود الصفة وإن قال : أنت طالق للسنة أو للبدعة أو للسنة والبدعة طلقت في الحال لأنه وصفها بصفة لا تتصف بها فلغت الصفة ووقع الطلاق فإن قال : أردت إيقاعه بها إذا صارت من أهل سنة الطلاق وبدعته دين وهل يقبل في الحكم ؟ يخرج على روايتين .
فصل : .
إذا قال لمن لطلاقها سنة وبدعة : أنت طالق أحسن الطلاق وأجمله وأعدله وما أشبه هذا من الصفات الجميلة طلقت للسنة وإن قال : أقبح الطلاق وأسمجه وما أشبه من صفات الذم طلقت للبدعة فإن قال : أردت بالأول طلاق البدعة وبالثاني طلاق السنة لأنه الأليق بها فإن كان أغلظ عليه قبل قوله لأنه مقر على نفسه وإن كان أخف عليه دين وهل يقبل في الحكم ؟ يخرج على روايتين وإن قال : أنت طالق طلاق الحرج فهو طلاق البدعة لأنه يأثم به وإن قال : أنت طالق طلقة حسنة قبيحة طلقت في الحال على أي صفة كانت لأنه وصف الطلقة بما لا تتصف به فلغت الصفة ووقع الطلاق وإن قال لها : أنت طالق في كل قرء طلقة وهي ممن لطلاقها سنة وبدعة طلقت في كل حيضة طلقة إلا على قولنا : الأقراء : الأطهار فإنه يقع في كل طهر طلقة وإن كانت ممن لا سنة لطلاقها ولا بدعة طلقت في الحال طلقة ثم إن كانت ممن يتجدد لها أقراء طلقت في كل قرء منها طلقة ويحتمل أن لا تطلق في الحال شيئا لأن القرء والطهر بين الحيضتين وليس ذلك لها .
فصل : .
إذا قال لها : إن كنت حاملا فأنت طالق حرم وطؤها نص عليه لأنه يحتمل أن تكون حاملا فيغلب التحريم وحكى أبو الخطاب رواية أخرى : لا يحرم وطؤها لأن الأصل عدم الحمل ثم إن ولدت لأقل من ستة أشهر تبينا وقوع الطلاق لأنها كانت حاملا وإن ولدت لأكثر من أربع سنين لم تطلق لأننا علمنا أنها لم تكن حاملا وإن ولدت فيما بين ستة أشهر وأربع سنين ولم يكن لها من يطؤها طلقت لأنها كانت حاملا وإن كان لها زوج يطأها فولدت لأقل من ستة أشهر من حين وطء طلقت لأننا علمنا أنه ليس من الوطء وإن ولدته لأكثر من ستة أشهر من وطئه لم تطلق لأن الأصل الحمل والطلاق و إن قال لها : إن لم تكوني حاملا فأنت طالق حرم وطؤها قبل استبرائها لأن الأصل عدم الحمل وكل موضع يقع الطلاق في التي قبلها لا يقع هاهنا وكل موضع لا يقع ثم وقع هاهنا لأنها ضدها إلا إذا أتت بولد لأكثر من ستة أشهر وأقل من أرع سنين فهل يقع الطلاق هنا ؟ فيه وجهان : .
أحدهما : تطلق لأن الأصل عدم الحمل قبل الوطء .
والثاني : لا تطلق لأن الأصل بقاء النكاح ويحصل الاستبراء بحيضة نص عليه لأن براءة الرحم تحصل بحيضة وذكر القاضي رواية أخرى : أنها تستبرئ بثلاثة قروء لأنه استبراء حرة فأشبهت عدتها والأولى أصح لأن المقصود معرفة براءتها من الحيض وهو يحصل بحيضة وأما عدة الحرة بثلاثة قروء ففيها نوع من التعبد ولذلك يجب مع علمنا ببراءة الرحم مثل أن يكون زوجها غائب عنها سنين وقد حاضت قبل طلاقه حيضات كثيرة فلا يجوز تعديتها إلى محل لم يرد الشرع بالتعبد فيه ولهذا كفى استبراؤها قبل يمينه وإن استبرأها قبل عقد اليمين أجزأ لأن معرفة براءة الرحم تحصل به وهو المقصود ولو قال : إن كنت حاملا بذكر فأنت طالق واحدة وإن كنت حاملا بأنثى فأنت طالق اثنتين فولدت ذكرا وأنثى طلقت ثلاثا وإن قال إن كان حملك أو ما في بطنك ذكرا فأنت طالق واحدة وإن كنت حاملا بأنثى فأنت طالق اثنتين فولدت ذكرا وأنثى طلقت ثلاثا وإن قال : إن كان حملك أو ما في بطنك ذكرا فأنت طالق واحدة وإن كان أنثى فأنت طالق اثنتين فولدت ذكرا وأنثى لم تطلق لأن الشرط أن يكون جميع حملها أو ما في بطنها ذكرا أو أنثى ولم يوجد .
فصل : .
إذا قال : إذا ولدت ولدا فأنت طالق فولدت ولدا حيا أو ميتا ذكرا أو أنثى أو خنثى طلقت لأنه ولد وإن قال : كلما ولدت ولدا فأنت طالق فولدت ثلاثة دفعة واحدة طلقت ثلاثا لأن صفة الثلاث قد وجدت وهي زوجة وإن ولدتهم واحدا بعد واحد من حمل واحد طلقت بالأول طلقة وبالثاني أخرى وبانت بالثالث ولم تطلق به ذكره أبو بكر لأن العدة انقضت بوضعه فصادفها الطلاق بائنا فلم يقع كما لو قال : إذا مت فأنت طالق وقال ابن حامد : تطلق به الثالثة لأن من زمن الوقوع زمن البينونة ولا تنافي بينهما والأول أصح وعليه التفريع فلو قال : إن ولدت ذكرا فأنت طالق واحدة وإن ولدت أنثى فأنت طالق اثنتين فولدتهما دفعة واحدة طلقت ثلاثا فإن ولدتهما واحدا بعد واحد وقع بالأول ما علق عليه وبانت بالثاني ولم تطلق به فإن أشكل الأول منهما طلقت واحدة بيقين ولم تلزمه الثانية بالشك وقال القاضي : قياس المذهب أن يقرع بينهما فمن خرجت قرعته فهو الأول ولو قال : إن كان أول ما تلدين ذكرا فأنت طالق واحدة وإن كانت أنثى فأنت طالق اثنتين فولدتهما دفعة واحدة لم تطلق لأن لا أول فيهما ومتى ادعت الولادة فصدقها أو ادعى هو ولادتها وأنكرته طلقت بإقراره فإن ادعته المرأة فأنكرها لم تطلق إلا ببينة لأن هذا يمكن إقامة البينة عليه بخلاف الحيض .
فصل : .
إذا قال لمدخول بها : إذا طلقتك فأنت طالق ثم طلقها طلقت طلقتين واحدة بالمباشرة وأخرى بالصفة فإن قال : أردت أنك تطلقين بما أوقعه من طلاقك لأجعله شرطا دين و هل يقبل في الحكم ؟ على روايتين لأن الظاهر جعله شرطا وإن وكل من طلقها فهو كمباشرته لأن فعل الوكيل كفعل الموكل وإن قال : إذا طلقتك فأنت طالق ثم قال : إن قمت فأنت طالق فقامت طلقت طلقتين واحدة بقيامها وأخرى بالصفة لأن الصفة تطليقة لها وتعليقه لطلاقها بقيامها إذا اتصل به القيام تطليق لها وإن قال مبتدئا : إن قمت فأنت طالق ثم قال : إذا طلقتك فأنت طالق فقامت طلقت واحدة بقيامها ولم تطلق الأخرى لأن هذا يقتضي ابتداء إيقاع ووقوع الطلاق هاهنا بالقيام إنما هو وقوع بصفة سابقة لعقد الطلاق شرطا ولو قال : إذا قمت فأنت طالق ثم قال : إذا قمت فأنت طالق فقامت طلقت اثنتين لأن قوله : أوقعت عليك الطلاق كقوله : طلقتك وقال القاضي : لا تطلق إلا طلقة بقيامها ولا تطلق بالصفة لأن ذلك يقتضي مباشرتها به لا وقوعه بالصفة وإن قال : كلما طلقتك فأنت طالق ثم قال : أنت طالق طلقت طلقتين إحداهما بقوله : أنت طالق والأخرى بالصفة ولا تقع الثالثة لأن الصفة إيقاع الطلاق ولم يتكرر فلم يتكرر الطلاق وإن قال : كلما وقع عليك طلاقي فأنت طالق ثم وقع عليها طلاقه بمباشرة أو صفة طلقت ثلاثا لأن الثانية طلقة واقعة عليها فتقع عليها الثالثة وإن قال : كلما وقع عليك طلاقي فأنت طالق قبله ثلاثا ثم قال : أنت طالق فقال ابن عقيل : تطلق واحدة بالمباشرة ويلغو ما علي عليها لأنه طلاق في زمن ماض فأشبه قوله : أنت طالق أمس وقال القاضي : تطلق ثلاثا لأنه وصف المعلق بصفة يستحيل وصفه بها فإنه يستحيل وقوعها بالشرط قبله فلغت صفتها بالقبلية وصار كأنه قال : إذا وقع عليك طلاقي فأنت طالق ثلاثا فإن قال لزوجتيه : كلما طلقت حفصة فعمرة طالق وكلما طلقت عمرة فحفصة طالق ثم طلق إحداهما طلقتا جميعا إحداهما بالمباشرة و الأخرى بالصفة فإن كانت المباشرة به حفصة لم تزد واحدة منهما على طلقة لأنه ما أحدث في عمرة طلاقا إنما طلقت بالصفة السابقة وإن كانت المباشرة عمرة طلقت الأخرى بالصفة الحادثة بعد تعليقه طلاقها وإن قال لحفصة : كلما طلقت عمرة فأنت طالق وقال لعمرة : كلما طلقت حفصة فأنت طالق ثم طلق عمرة طلقت كل واحدة واحدة وإن طلق حفصة طلقة طلقت طلقتين وطلقت عمرة واحدة وإن قال لأربع نسائه : أيتكن وقع عليها طلاقي فضرائرها طوالق ثم وقع بإحداهن طلاقه طلق الجميع ثلاثا .
فصل : .
وإن كان له أربع نساء وعبيد فقال : كلما طلقت امرأة فعبد من عبيدي حر وكلما طلقت اثنتين فعبدان حران وكلما طلقت ثلاثا فثلاثة أحرار وكلما طلقت أربعا فأربعة أحرار ثم طلق الأربع متفرقات أو متجمعات فإنه يعتق من عبيده خمسة عشر يعتق بطلاق الواحد واحد وبطلاق الثانية ثلاث لأنها واحدة وهي إلى صاحبتها اثنتان ويعتق بطلاق الثالثة أربعة لأنها واحدة وهي مع صاحبتيها ثلاث ويعتق بطلاق الرابعة سبعة لأنها واحدة وهي مع الثالثة اثنتان وهي مع صواحبها أربع وإن شئت قلت : فيهن أربع صفات هن أربع فيعتق لذلك أربع وهن أربعة آحاد فيعتق بذلك أربعة أخر وهن اثنتان واثنتان فيعتق بذلك أربعة أخر وفيهن ثلاث فذلك خمسة عشر وقيل : يعتق عشرة بالواحدة واحد وبالثانية اثنان وبالثالثة ثلاثة وبالرابعة أربعة والأول أصح لأن الصفة إذا تكررت تكرر الجزاء وإن كان في محل واحد ولذلك لو قال : إن كلمت رجلا فأنت طالق وإن كلمت أسود فأنت طالق وإن كلمت طويلا فأنت طالق فكلمت رجلا أسودا طويلا طلقت ثلاثا ولو قال : كلما أكلت رمانة فأنت طالق وكلما أكلت نصف رمانة فأنت طالق فأكلت رمانة طلقت ثلاثا واحدة لكونها رمانة واثنتان بأكلها نصفين ولو قال : إذا ولدت ولدا فأنت طالق وإذا ولدت غلاما فأنت طالق وإذا ولدت أسود فأنت طالق فولدت غلاما أسود طلقت ثلاثا