فصل : واي قربة فعلها وجعل ثوابها للميت نفعه ذلك .
فصل : وأي قربة فعلها وجعل ثوابها للميت المسلم نفعه ذلك ان شاء الله أما الدعاء والاستغفار والصدقة وأداء الواجبات فلا أعلم فيه خلافا اذا كانت الواجبات مما يدخله النيابة وقد قال الله تعالى : { والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان } وقال الله تعالى : { واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات } ودعا النبي A لأبي سلمة حين مات وللميت الذي صلى عليه في حديث عوف بن مالك ولكل ميت صلى عليه وسأل رجل النبي A فقال : يا رسول الله إن أمي ماتت فينفعها ان تصدقت عنها قال : نعم رواه أبو داود وروي ذلك عن سعد بن عبادة [ وجاءت امرأة الى النبي A فقالت يا رسول الله ان فريضة الله في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يستطيع أن يثبت على الراحلة أفأحج عنه ؟ قال : أرأيت لو كان على أبيك دين أكنت قاضيته قالت : نعم قال : فدين الله أحق أن يقضى ] و [ قال للذي سأله أن أمي ماتت وعليها صوم شهر أفأصوم عنها : قال نعم ] وهذه أحاديث صحاح وفيها دلالة على انتفاع الميت بسائر القرب لأن الصوم والحج والدعاء والاستغفار عبادات بدنية وقد أوصل الله نفعها الى الميت فكذلك ما سواها مع ما ذكرنا من الحديث في ثواب من قرأ يس وتخفيف الله تعالى عن أهل المقابر بقراءته وروى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده [ أن رسول الله A قال لعمرو بن العاص : لو كان أبوك مسلما فأعتقتم عنه أو تصدقتم عنه أو حججتم عنه بلغه ذلك ] وهذا عام في حج التطوع وغيره ولأنه عمل بر وطاعة فوصل نفعه وثوابه كالصدقة والصيام والحج الواجب وقال الشافعي : ما عدا الواجب والصدقة والدعاء والاستغفار لا يفعل عن الميت ولا يصل ثوابه اليه لقول الله تعالى : { وأن ليس للإنسان إلا ما سعى } وقول النبي A : [ اذا مات ابن آدم انقطع عمله الا من ثلاث : صدقة جارية أو علم ينتفع به من بعده أو ولد صالح يدعو له ] ولأن نفعه لا يتعدى فاعله فلا يتعدى ثوابه وقال بعضهم اذا قرىء القرآن عند الميت أو أهدي اليه ثوابه كان الثواب لقارئه ويكون الميت كأنه حاضرها وترجى له الرحمة .
ولنا ما ذكرناه وانه إجماع المسلمين فانهم في كل عصر ومصر يجتمعونه ويقرأون القرآن ويهدون ثوابه الى موتاهم من غير نكير ولأن الحديث صح عن النبي A : [ ان الميت يعذب ببكاء أهله عليه ] والله أكرم من أن يوصل عقوبة المعصية اليه ويحجب عنه المثوبة ولأن الموصل لثواب ما سلموه قادر على إيصال ثواب ما منعوه والآية مخصوصة بما سلموه وما اختلفنا فيه في معناه فنقيسه عليه ولا حجة لهم في الخبر الذي احتجوا به فإنما دل على انقطاع عمله فلا دلالة فيه عليه ثم لو دل عليه كان مخصوصا بما سلموه وفي معناه ما منعوه فيتخصص به أيضا بالقياس عليه وما ذكروه من المعنى غير صحيح فان تعدي الثواب ليس بفرع لتعدي النفع ثم هو باطل بالصوم والدعاء وليس له أصل يعتبر به والله أعلم