مسألة وفصول : استحباب خلع النعال في المقابر والجلوس ونحوه على القبر وزيارة القبور وما يستحب منها والقراءة عندها .
مسألة : قال : ويخلع النعال اذا دخل المقابر .
هذا مستحب لما [ روى بشير بن الخصاصية قال : بينا أنا أماشي رسول الله A اذا رجل يمشي في القبور عليه نعلان فقال : ياصاحب السبتيتين الق سبتيتيك فنظر الرجل فلما عرف رسول الله A خلعهما فرمى بهما ] رواه أبو داود وقال أحمد : اسناد حديث بشير بن الخصاصية جيد اذهب اليه الا من علة وأكثر أهل العلم لا يرون بذلك بأسا [ قال جرير بن حاز : رأيت الحسن و ابن سيرين يمشيان بين القبور في نعالهما ومنهم من احتج بقول النبي A إن العبد اذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه أنه يسمع قرع نعالهم ] رواه البخاري وقال ابو الخطاب : يشبه أن يكون النبي A إنما كره للرجل المشي في نعليه لما فيهما من الخيلاء فان نعال السبت من لباس أهل النعيم قال عنتر : * يحذي نعال السبت ليس بتوأم * .
ولنا أمر النبي A في الخبر الذي تقدم وأقل أحواله الندب ولأن خلع النعلين أقرب الى الخشوع وزي أهل التواضع واحترام أموات المسلمين وأخبار النبي A بأن الميت يسمع قرع نعالهم لا ينفي الكراهة فانه يدل على وقوع هذا منهم ولا نزاع في وقوعه وفعلهم اياه مع كراهيته فأما أن كان للماشي عذر يمنعه من خلع نعليه مثل الشوك يخافه على قدميه أو نجاسة تمسهما لم يكره المشي في النعلين قال أحمد في الرجل يدخل المقابر وفيها شوك يخلع نعليه : هذا يضيق على الناس حتى يمشي الرجل في الشوك وان فعله فحسن هو أحوط وان لم يفعله رجل يعني لا بأس وذلك لأن العذر يمنع الوجوب في بعض الأحوال والاستحباب أولى ولا يدخل في الاستحباب نزع الخفاف لأن نزعها يشق وقد روي عن أحمد أنه كان اذا أراد أن يخرج الى الجنازة لبس خفيه مع أمره بخلع النعال وذكر القاضي أن الكراهة لا تتعدى النعال الى الشمشكات ولا غيرها لأن النهي غير معلل فلا يتعدى محله .
فصل : ويكره المشي على القبور وقال الخطابي : ثبت أن النبي A نهى أن توطأ القبور وروى ابن ماجة قال : قال رسول الله A : [ لأن أمشي على جمرة أو سيف أو أخصف نعلي برجلي أحب الي من أن أمشي على قبر مسلم وما أبالي أوسط القبور - كذا قال - قضيت حاجتي أو وسط السوق ] لأنه كره المشي بينها بالنعلين فالمشي عليها أولى .
فصل : ويكره الجلوس عليها والاتكاء عليها لما روى أبو يزيد قال : قال رسول الله A : [ لأن يجلس أحدكم على جمرة تحرق ثيابه فتخلص الى جلده خير له من أن يجلس على قبر ] رواه مسلم قال الخطابي : وروي [ أن النبي A رأى رجلا قد اتكأ على قبر فقال : لا تؤذ صاحب القبر ] .
مسألة : قال : ولا بأس أن يزور الرجال المقابر .
لا نعلم بين أهل العلم خلافا في إباحة زيارة الرجال القبور وقال علي بن سعيد سألت أحمد : عن زيارة القبور تركها أفضل عندك أو زيارتها ؟ قال : زيارتها وقد صح عن النبي A أنه قال : [ كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فانها تذكركم الموت ] رواه مسلم و الترمذي بلفظ : فانها تذكر الآخرة .
فصل : واذا مر بالقبور أو زارها استحب أن يقول ما روى مسلم عن بريدة قال : كان رسول الله A يعلمهم اذا خرجوا إلى المقابر فكان قائلهم يقول السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا ان شاء الله بكم للاحقون نسأل الله لنا ولكم العافية وفي حديث عائشة : [ ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين ] وفي حديث آخر : [ اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم ] وان أراد قال : اللهم اغفر لنا ولهم كان حسنا .
فصل : قال : ولا بأس بالقراءة عند القبر وقد روي عن أحمد أنه قال : اذا دخلتم المقابر اقرأوا آية الكرسي وثلاث مرار قل هو الله أحد ثم قل اللهم ان فضله لأهل المقابر وروي عنه أنه قال : القراءة عند القبر بدعة وروي ذلك عن هشيم قال أبو بكر : نقل ذلك عن أحمد جماعة ثم رجع رجوعا أبان به عن نفسه فروى جماعة أن أحمد نهى ضريرا أن يقرأ عند القبر وقال له إن القراءة عند القبر بدعة فقال له محمد بن قدامة الجوهري يا أبا عبد الله ما تقول في مبشر الحلبي ؟ قال ثقة فأخبرني مبشر عن أبيه أنه أوصى اذا دفن يقرأ عنده بفاتحة البقرة وخاتمتها وقال سمعت ابن عمر يوصي بذلك قال أحمد بن حنبل فارجع فقل للرجل يقرأ وقال الخلال : حدثني أبو علي الحسن بن الهيثم البزاز شيخنا الثقة المأمون قال رأيت أحمد بن حنبل يصلي خلف ضرير يقرأ على القبور وقد روي عن النبي A أنه قال : [ من دخل المقابر فقرأ سورة يس خفف عنهم يومئذ وكان له بعدد من فيها حسنات ] وروي عنه عليه السلام : [ من زار قبر والديه فقرأ عنده أو عندهما يس غفر له ]