مسألة وفصلان : قص شارب الميت وأظافره وختانه .
مسألة : قال : وإن كان شاربه طويلا أخذ وجعل معه .
وجملته أن شارب الميت إن كان طويلا استحب قصه وهذا قول الحسن و بكر بن عبد الله و سعيد بن جبير و إسحاق وقال أبو حنيفة و مالك : لا يؤخذ من الميت شيء فإنه قطع شيء منه فلم يستحب كالختان واختلف أصحاب الشافعي كالقولين .
ولنا قول النبي A : [ اصنعوا بموتاكم كما تصنعون بعرائسكم ] والعروس يحسن ويزال عنه ما يستقبح من الشارب وغيره ولأن تركه يقبح منظره فشرعت إزالته كفتح عينيه وفمه شرع ما يزيله ولأنه فعل مسنون في الحياة لا مضرة فيه فشرع بعد الموت كالاغتسال ويخرج على هذا الختان لما فغيه من المضرة فإذا أخذ الشعر جعل معه في أكفانه لأنه من الميت فيستحب جعله في أكفانه كأعضائه وكذلك كل ما أخذ من الميت من شعر أو ظفر أو غيرهما فإنه يغسل ويجعل معه في أكفانه كذلك .
فصل : فأما الأظافر إذا طالت ففيها روايتان : أحدهما لا تقلم قال أحمد : لا تقلم أظفاره وينقى وسخها وهو ظاهر كلام الخرقي لقوله : و الخلال يستعمل إن احتيج إليه و الخلال يزال به ما تحت الأظفار لأن الظفر لا يظهر كظهور الشارب فلا حاجة إلى قصه والثانية يقص إذا كان فاحشا نص عليه لأنه من السنة ولا مضرة فيه فيشرع أخذه كالشارب ويمكن أن تحمل الرواية الأولى على ما إذا لم تكن فاحشة وأما العانة فظاهر كلام الخرقي أنها لا تؤخذ لتركه ذكرها وهو قول ابن سيرين و مالك و أبي حنيفة لأنه يحتاج في أخذها إلى كشف العورة ولمسها وهتك الميت وذلك محرم لا يفعل لغير واجب ولأن العورة مستورة يستغنى بسترها عن إزالتها وروي عن أحمد أن أخذها مسنون وهو قول الحسن و بكر بن عبد الله و سعيد بن جبير و إسحاق لأن سعد بن أبي وقاص جز عانة ميت ولأنه شعر إزالته من السنة فأشبه الشارب والأول أولى ويفارق الشارب العانة لأنه ظاهر يتفاحش لرؤيته ولا يحتاج في أخذه إلى كشف العورة ولا مسها فإذا قلنا : يأخذها فإن حنبلا روى أن أحمد سئل ترى أن تستعمل النورة ؟ قال : الموسى أو مقراض يؤخذ به الشعر من عانته وقال القاضي : تزال بالنورة لأنه أسهل ولا يمسها ووجه قول أحمد أنه فعل سعد والنورة لا يؤمن أن تتلف جلد الميت .
فصل : فأما الختان فلا يشرع لأنه إبانة جزء من أعضائه وهذا قول أكثر أهل العلم وحكي عن بعض الناس أنه يختن حكاه الإمام أحمد والأول أولى لما ذكرناه ولا يحلق راس الميت لأنه ليس من السنة في الحياة وإنما يراد لزينة أو نسك ولا يطلب شيء من ذلك هاهنا