مسألة وفصلان : حكم ما ينفصل من بدن الميت وما يخشى تقطعه بالغسل .
مسألة : قال : وإن سقط من الميت شيء غسل وجعل معه في أكفانه .
وجملته أنه إذا بان من الميت شيء وهو موجود غسل وجعل معه في أكفانه قاله ابن سيرين ولا نعلم فيه خلافا وقد روي عن أسماء أنها غسلت ابنها فكانت تنزعه أعضاء كلما غسلت عضوا طيبته وجعلته في كفنه ولأن في ذلك جمع أجزاء الميت في موضع واحد وهو أولى من تفريقها .
فصل : فإن لم يوجد إلا بعض الميت فالمذهب أنه يغسل ويصلى عليه وهو قول الشافعي ونقل ابن منصور عن أحمد أنه لا يصلى على الجوارح قال الخلال ولعله قول قديم لـ أبي عبد الله والذي استقر عليه قول أبي عبد الله أنه يصلى على الأعضاء وقال أبو حنيفة و مالك : إن وجد الأكثر صلي عليه وإلا فلا لأنه بعض لا يزيد على النصف فلم يصل عليه كالذي بان في حياة صاحبه والشعر والظفر .
ولنا إجماع الصحابة Bهم قال أحمد : صلى أبو أيوب على رجل وصلى عمر على عظام بالشام وصلى أبو عبيدة على رؤوس بالشام رواهما عبد الله بن أحمد بإسناده وقال الشافعي : ألقى طائر يدا بمكة من وقعة الجمل فعرفت بالخاتم وكانت يد عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد فصلى عليها أهل مكة وكان ذلك بمحضر من الصحابة ولم نعرف من الصحابة مخالفا في ذلك ولأنه بعض من جملة تجب الصلاة عليهما فيصلى عليه كالأكثر وفارق ما بان في الحياة لأنه من جملة لا يصلى عليها والشعر والظفر لا حياة فيه .
فصل : وإن وجد الجزء بعد دفن الميت غسل وصلى عليه ودفن إلى جانب القبر أو نبش بعض القبر ودفن فيه ولا حاجة إلى كشف الميت لأن ضرر نبش الميت وكشفه أعظم من الضرر بتفرقة أجزائه .
فصل : والمجدور والمحترق والغريق إذا أمكن غسله غسل وإن خيف تقطعه بالغسل صب عليه الماء صبا ولم يمس فإن خيف تقطعه بالماء لم يغسل وييمم إن أمكن كالحي الذي يؤذيه الماء وإن تعذر غسل الميت لعدم الماء يمم وإن تعذر غسل بعضه دون بعض غسل ما أمكن غسله ويمم الباقي كالحي سواء .
فصل : فإن مات في بئر ذات نفس فأمكن معالجة البئر بالأكسية المبلولة تدار في البئر حتى تجتذب بخاره ثم ينزل من يطلعه أو أمكن إخراجه بكلاليب من غير مثلة لزم ذلك لأنه أمكن غسله من غير ضرر فلزم كما لو كان على ظهر الأرض وإذا شك في زوال بخاره أنزل إليه سراج أو نحوه فإن انطفأ فالبخار باق وإن لم ينطفئ فقد زال فإنه يقال : لا تبقى النار إلا فيما يعيش فيه الحيوان وإن لم يمكن إخراجه إلا بمثلة ولم يكن إلى البئر حاجة طمت عليه فكانت قبره وإن كان طمها يضر بالمارة أخرج بالكلاليب سواء أفضى إلى المثلة أو لم يفض لأن فيه جمعا بين حقوق كثيرة نفع المارة وغسل الميت وربما كانت المثلة في بقائه أعظم لأنه يتقطع وينتن فإن نزل على البئر قوم فاحتاجوا إلى الماء وخافوا على أنسهم فلهم إخراجه وجها واحدا وإن حصلت مثلة لأن ذلك أسهل من تلف نفوس الأحياء ولهذا لو لم يجد من السترة إلا كفن الميت واضطر الحي إليه قدم الحي ولأن حرمة الحي وحفظ نفسه أولى من حفظ الميت عن المثلة لأن زوال الدنيا أهون على الله من قتل مسلم ولأن الميت لو بلع مال غيره شق بطنه لحفظ مال الحي وحفظ النفس أولى من حفظ المال والله أعلم