مسألة وفصل : حكم خطبة الجمعة ووقتها واتجاه المستمعين بوجوههم .
مسألة : قال : فإذا فرغوا من الأذان خطبهم قائما .
وجملة ذلك أن الخطبة شرط في الجمعة لا تصح بدونها كذلك قال عطاء و النخعي و قتادة و الثوري و الشافعي و إسحق و أبو ثور وأصحاب الرأي ولا نعلم فيه مخالفا إلا الحسن قال : تجزئهم جميعهم خطب الإمام أو لم يخطب لأنها صلاة عيد فلم تشترط لها الخطبة كصلاة الأضحى .
ولنا قول الله تعالى : { فاسعوا إلى ذكر الله } والذكر هو الخطبة ولأن النبي A ما ترك الخطبة للجمعة في حال وقد قال : [ صلوا كما رأيتموني أصلي ] وعن عمر Bه أنه قال : قصرت الصلاة لأجل الخطبة وقول عائشة نحو من هذا وقال سعيد بن جبير : كانت الجمعة أربعا فجعلت الخطبة مكان الركعتين وقوله خطبهم قائما يحتمل أنه أراد اشتراط القيام في الخطبة وأنه متى خطب قاعدا لغير عذر لم تصح ويحتمله كلام أحمد C قال الأثرم : سمعت أبا عبد الله يسأل عن الخطبة قاعدا أو يقعد في إحدى الخطبتين فلم يعجبه وقال : قال الله تعالى : { وتركوك قائما } و [ كان النبي A يخطب قائما ] فقال له الهيثم بن خارجة كان عمر بن عبد العزيز يجلس في خطبته فظهر منه إنكار وهذا مذهب الشافعي وقال القاضي : يجزيه الخطبة قاعدا وقد نص عليه أحمد وهو مذهب أبي حنيفة لأنه ذكر ليس من شرطه الاستقبال فلم يجب له القيام كالأذان ووجه الأول ما روى ابن عمر [ أن النبي A كان يخطب خطبتين وهو قائم يفصل بينهما بجلوس ] متفق عليه وقال جابر بن سمرة : [ إن رسول الله A كان يخطب قائما ثم يجلس ثم يقوم فيخطب قائما فمن نبأك أنه يخطب جالسا فقد كذب فقد والله صليت معه أكثر من ألفي صلاة ] أخرجه مسلم و أبو داود و النسائي فأما إن قعد لعذر من مرض أو عجز عن القيام فلا بأس فإن الصلاة تصح من القاعد العاجز عن القيام فالخطبة أولى ويستحب أن يشرع في الخطبة عند فراغ المؤذن من أذانه لأن النبي A كان يفعل ذلك .
فصل : ويستحب أن يستقبل الناس الخطيب إذا خطب قال الأثرم : قلت لـ أبي عبد الله يكون الإمام متباعدا فإذا أردت أن أنحرف إليه حولت وجهي عن القبلة فقال : نعم تنحرف إليه وممن كان يستقبل الإمام ابن عمر وأنس وهو قول شريح و عطاء و مالك و الثوري و الأوزاعي و سعيد بن عبد العزيز و ابن جابر و يزيد بن أبي مريم و الشافعي و إسحق وأصحاب الرأي قال ابن المنذر : هذا كالإجماع وروي عن الحسن أنه استقبل القبلة ولم ينحرف إلى الإمام وعن سعيد بن المسيب أنه كان لا يستقبل هشام بن إسماعيل إذا خطب فوكل به هشام شرطيا يعطفه إليه والأول أولى لما روى عدي بن ثابت عن أبيه عن جده قال : [ كان النبي A إذا قام على المنبر استقبله أصحابه بوجوههم ] رواه ابن ماجة وعن مطيع بن يحيى المدني عن أبيه عن جده قال : [ كان رسول الله A إذا قام على المنبر أقبلنا بوجوهنا إليه ] أخرجه الأثرم ولأن ذلك أبلغ في سماعهم فاستحب كاستقبال الإمام إياهم