فصل : الذهب والفضة والمضببة بهما .
فصل : ويحرم اتخاذ آنية الذهب والفضة وحكي عن الشافعي أن ذلك لا يحرم لأن الخبر إنما ورد بتحريم الاستعمال فلا يحرم الاتخاذ كما لو اتخذ الرجل ثياب الحرير .
ولنا : أن ما حرم استعماله مطلقا حرم اتخاذه على هيئة الاستعمال كالطنبور وأما ثياب الحرير فإنها لا تحرم مطلقا فإنها تباح للنساء وتباح للتجارة فيها ويحرم استعمال الآنية مطلقا في الشرب والأكل وغيرهما لأن النص ورد بتحريم الشرب والأكل وغيرهما في معناهما ويحرم ذلك على الرجل والنساء لعموم النص فيهما ووجود معنى التحريم في حقهما وإنما أبيح التحلي في حق المرأة لحاجتها إلى التزين للزوج والتجمل عنده وهذا يختص الحلي فتختص الإباحة به .
فصل : فأما المضبب بالذهب أو الفضة فإن كان كثيرا فهو محرم بكل حال ذهبا كان أو فضة لحاجة ولغيرها وبهذا قال الشافعي وأباح أبو حنيفة المضبب وإن كان كثيرا لأنه صار تابعا للمباح فأشبه المضبب باليسير .
ولنا : أن هذا فيه سرف وخيلاء فأشبه الخالص ويبطل ما قاله بما إذا اتخذ أبوابا من فضة أو ذهب أو رفوفا فإنه يحرم وإن كان تابعا أو فارق اليسير فإنه لا يوجد فيه المعنى المحرم إذا ثبت هذا فاختلف أصحابنا فقال أبو بكر يباح اليسير من الذهب والفضة لما ذكرنا وأكثر أصحابنا على أنه لا يباح اليسير من الذهب ولا يباح منه إلا ما دعت الضرورة إليه كأنف الذهب وما ربط به أسنانه .
وأما الفضة فيباح منها اليسير لما روى أنس أن قدح رسول الله A انكسر فاتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة رواه البخاري ولأن الحاجة تدعو إليه وليس فيه سرف ولا خيلاء فأشبه الضبة من الصفر قال القاضي : ويباح ذلك مع الحاجة وعدمها لما ذكرنا إلا أن ما يستعمل من ذلك لا يباح كالحلقة وما لا يستعمل كالضبة يباح وقال أبو الخطاب : لا يباح اليسير إلا لحاجة لأن الخبر إنما ورد في تشعيب القدح في موضع الكسر وهو لحاجة ومعنى الحاجة أن تدعو الحاجة إلى ما فعله به وإن كان غيره يقوم مقامه وتكره مباشرة موضع الفضة بالاستعمال كيلا يكون مستعملا لها وسنذكر ذلك في غير هذا الموضع بأبسط من هذا إن شاء الله تعالى