مسألة : الوضوء من الآنية المحرمة .
مسألة : قال : ويكره أن يتوضأ بآنية من الذهب والفضة فإن فعل كره .
أراد بالكراهة التحريم ولا خلاف بين أصحابنا في ان استعمال الذهب والفضة حرام وهو مذهب أبي حنيفة و مالك و الشافعي ولا أعلم فيه خلافا لأن النبي A قال : [ لا تشربوا في آنية من الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافهما فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة ] ونهى عن الشرب في آنية من الفضة قال : [ من شرب فيها في الدنيا لم يشرب فيها في الآخرة ] وقال E : [ الذي يشرب في آنية من الذهب والفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم ] متفق عليهن والنهي يقتضي التحريم وذكر في ذلك وعيدا شديدا يقتضي التحريم ويروى نار جهنم برفع الراء ونصبها فمن رفعها نسب الفعل إلى النار ومن نصبها أضمر الفاعل في الفعل وجعل النار مفعولة تقديره يجرجر الشارب في بطنه نار جهنم والعلة في تحريم الشرب فيها ما يتضمنه ذلك من الفخر والخيلاء وكسر قلوب الفقراء وهو موجود في الطهارة منها واستعمالها كيفما كان بل إذا حرم في غير العبادة ففيها أولى فإن توضأ منها أو اغتسل فعلى وجهين أحدهما تصح طهارته وهو قول الشافعي و إسحاق و ابن المنذر وأصحاب الرأي لأن فعل الطهارة وماءها لا يتعلق بشيء من ذلك أشبه الطهارة في الدار المغصوبة والثاني لا يصح اختاره أبو بكر لأنه استعمل المحرم في العبادة فلم يصح كالصلاة في الدار المغصوبة والأول أصح ويفارق هذا الصلاة في الدار المغصوبة لأن أفعال الصلاة من القيام والقعود والركوع والسجود في الدار المغصوبة محرم لكونه تصرفا في ملك غيره بغير إذنه وشغلا له وأفعال الوضوء من الغسل والمسح ليس بمحرم إذ ليس هو استعمالا للإناء ولا تصرفا فيه وإنما يقع ذلك بعد رفع الماء من الإناء وفصله عنه فأشبه ما لو غرف بآنية الفضة في إناء غيره ثم توضأ ولأ المكان شرط الصلاة إذا لا يمكن وجودها في غير مكان الإناء ليس بشرط فأشبه ما لو صلى وفي يده خاتم ذهب .
مسألة : فان جعل آنية من الذهب والفضة مصبا لماء الوضوء ينفصل الماء عن أعضائه إليه صح الوضوء لأن المنفصل الذي يقع في الآنية قد رفع الحدث فلم يزل ذلك بوقوعه في الإناء ويحتمل أن تكون كالتي قبلها لأن الفخر والخيلاء وكسر قلوب الفقراء يحصل باستعماله ههنا كحصوله في التي قبلها وفعل الطهارة يحصل ههنا قبل وصول الماء إلى الإناء وفي التي قبلها بعد فصله عنه فهي مثلها في المعنى وإن افترقا في الصورة