مسألة وفصول : عورة المرأة في الصلاة الحرة .
مسألة : قال : وإذا انكشف من المرأة الحرة شيء سوى وجهها أعادت الصلاة .
لا يختلف المذهب في أنه يجوز للمرأة كشف وجهها في الصلاة وأنه ليس لها كشف ما عدا وجهها وكفيها وفي الكفين روايتان واختلف أهل العلم فأجمع أكثرهم على أن لها أن تصلي مكشوفة الوجه وأجمع أهل العلم على أن للمرأة الحرة أن تخمر رأسها إذا صلت وعلى أنها إذا صلت وجميع رأسها مكشوف أن عليها الإعادة وقال أبو حنيفة القدمان ليسا من العورة لأنهما يظهران غالبا فهما كالوجه وإن انكشف من المرأة أقل من ربع شعرها أو ربع فخذها أو ربع بطنها لم تبطل صلاتها وقال مالك و الأوزاعي و الشافعي جميع المرأة عورة إلا وجهها وكفيها وما سوى ذلك يجب ستره في الصلاة لأن ابن عباس قال في قوله تعالى : { ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها } قال الوجه والكفين ولأن النبي A نهى المحرمة عن لبس القفازين والنقاب ولو كان الوجه والكفان عورة لما حرم سترهما ولأن الحاجة تدعو إلى كشف الوجه للبيع والشراء والكفين للأخذ والإعطاء وقال بعض أصحابنا المرأة كلها عورة لأنه قد روي في حديث عن النبي A : [ المراة عورة ] رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح لكن رخص لها في كشف وجهها وكفيها لما في تغطيته من المشقة وأبيح النظر لأجل الخطبة لأنه مجمع المحاسن وهذا قول أبي بكر بن الحارث بن هشام قال : المرأة كلها عورة حتى ظفرها والدليل على وجوب تغطية القدمين ما [ روت أم سلمة قالت : قلت يا رسول الله أتصلي المرأة في درع وخمار ليس عليها إزار ؟ قال : نعم إذا كان سابغا يغطي ظهور قدميها ] رواه أبو داود وقال وقفه جماعة على أم سلمة ورفعه عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار وروى ابن عمر أن رسول الله A قال : [ لا ينظر الله إلى من جر ثوبه خيلاء فقالت أم سلمة فكيف يصنع النساء بذيولهن ؟ قال : يرخن شبرا فقالت إذا تنكشف أقدامهن ؟ قال : فيرخينه ذراعا لا يزدن عليه ] رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح وهذا يدل على وجوب تغطية القدمين ولأنه محل لا يجب كشفه في الإحرام فلم يجز كشفه في الصلاة كالساقين وما ذكروه من تقدير البطلان بزيادة على ربع العضو فتحكم لا دليل عليه والتقدير لا يصار إليه بمجرد الرأي وقد ثبت وجوب تغطية الرأس بقول النبي A : [ لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار ] أخرجه الترمذي وقال حديث حسن وبالإجماع على ما قدمناه فأما الكفان فقد ذكرنا فيهما روايتين إحداهما لا يجب سترهما لما ذكرنا والثانية يجب لقول النبي A : [ المرأة عورة ] وهذا عام إلا ما خصه الدليل وقول ابن عباس الوجه والكفان قد روى أبو حفص عن عبد الله بن مسعود خلافه قال : { لا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها } قال الثياب ولا يجب كشف الكفين في الإحرام إنما يحرم أن تلبس فيهما شيئا مصنوعا على قدرهما كما يحرم على الرجل لبس السراويل والذي يستر به عورته .
فصل : والمستحب أن تصلي المرأة في درع - قال الدرع يشبه القميص لكنه سابغ يغطي قدميها - وخمار يغطي رأسها وعنقها وجلباب تلتحف به من فوق الدرع روي ذلك عن عمر وابنه وعائشة وعبيدة السلماني و عطاء وهو قول الشافعي قال قد اتفق عامتهم على الدرع وما زاد فهو خير وأستر ولأنه إذا كان عليها جلباب فإنها تجافيه راكعة وساجدة لئلا تصفها ثيابها فتبين عجيزتها ومواضع عوراتها .
فصل : ويجزئها من اللباس ما سترها الستر الواجب على ما بينا بـ [ حديث أم سلمة أنها سألت رسول الله A أتصلي المرأة في درع وخمار ليس عليها إزار ؟ قال : إذا كان الدرع سابغا يغطي ظهور قدميها ] وقد روي عن ميمونة وأم سلمة أنهما كانتا تصليان في درع وخمار ليس عليهما إزار رواه مالك في الموطأ وقال أحمد قد اتفق عامتهم على الدرع والخمار ولأنها سترت ما يجب عليها ستره فأجزأتها صلاتها كالرجل .
فصل : فإن انكشف من المرأة شيء يسير من غير الوجه والكفين فلا أعلم فيها قولا صحيحا صريحا وظاهر قول الخرقي : إذا انكشف من المرأة شيء سوى وجهها وكفيها أعادت - يقتضي بطلان الصلاة بإنكشاف اليسير لأنه شيء يمكن حمل ذلك على الكثير لما قررناه في عورة الرجل أنه يعفى فيها عن اليسير فكذا ههنا ولأنه يشق التحرز من اليسير فعفي عنه قياسا على يسير عورة الرجل .
فصل : ويكره أن تتنقب المرأة وهي تصلي لأنه يخل بمباشرة المصلي بجبهتها وأنفها ويجري مجرى تغطية الفم للرجل وقد نهى النبي A عنه قال ابن عبد البر وقد أجمعوا على أن على المرأة أن تكشف وجهها في الصلاة والإحرام