فصول : صلاة العراة جماعة ستر العورة .
فصل : فإن لم يجد إلا ثوبا نجسا قال أحمد : يصلي فيه ولا يصلي عريانا وهو قول مالك و المزني وقال الشافعي و أبو ثور : يصلي عريانا لا يعيد لأنها سترة نجسة فلم تجز له الصلاة فيها كما لو قدر على غيرها وقال أبو حنيفة : إن كان جميعه نجسا فهو مخير في الفعلين لأنه لا بدر من ترك واجب في كلا الفعلين .
ولنا أن التسر آكد من إزالة النجاسة على ما قررناه في الصلاة جالسا فكان أولى ولـ [ إن النبي A قال : غط فخذك ] وهذا عام ولأن السترة متفق على اشتراطها والطهارة من النجاسة مختلف فيها فكان المتفق عليه أولى وما ذكره الشافعي معارض بمثله وهو أنه قدر على ستر عورته فلزمه كما لو وجد ثوبا طاهرا إذا انفرد أنه يصلي فيه فالمنصوص عن أحمد أنه لا يعيد لأن الطهارة من النجاسة شرط وقد فاتت وقد نص فيمن صلى في موضع نجس لا يمكنه الخروج منه أنه لا يعيد فكذا ههنا وهو مذهب مالك و الأوزاعي وهو الصحيح لأنه شرط للصلاة عجز عنه فسقط كالسترة والاستقبال بل أولى فإن السترة آكد بدليل تقديمها على هذا الشرط ثم قد صحت الصلاة وأجزأت عند عدمها فههنا أولى فإن لم يجد إلا ثوب حرير صلى فيه ولا يعيد وإن لم يجد إلا ثوبا مغصوبا صلى عريانا لما في ذلك من حق الآدمي فأشبه ما لو لم يجد ماء يتوضا به إلا أن يغصبه فإنه يتيمم كذا ههنا والله أعلم .
فصل : فإن لم يجد إلا ما يستر عورته أو منكبيه ستر عورته لقول النبي A : [ إذا كان الثوب واسعا فالتحف به وإن كان ضيقا فاتزر به ] وهذا الثوب ضيق وفي المسند عن ابن عمر عن النبي A أو عن عمر قال : [ لا يشتمل أحدكم اشتمال اليهود ليتوشح من كان له ثوبان فليأتزر وليرتد ومن لم يكن له ثوبان فليتزر ثم ليصل ] ولأن الستر للعورة واجب متفق على وجوبه متأكد وستر المنكبين فيه من الخلاف والتخفيف ما فيه فلا يجوز تقديمه وقد روي عن أحمد في الرجل يكون عليه الثوب اللطيف لا يبلغ أن يعقده يرى أن يتزر به ويصلي قال لا أرى مجزئا عنه وإن كان الثوب لطيفا صلى قاعدا وعقد من ورائه وظاهر هذا أنه قدم ستر المنكبين على القيام وستر ما عدا الفرجين ولأنه ذهب إلى أن الحديث في ستر المنكبين أصح منه في ستر الفرجين وأن القيام له بدل وستر المنكبين لا بدل له والصحيح ما ذكرناه أولا لما قدمنا من تأكد ستر العورة والقيام وما روينا من الحديث وهو صريح في هذه المسألة وفيه قصة رواها أبو داود [ عن جابر قال : سرت مع رسول الله A وعلي بردة ذهبت أخالف بين طرفيها فلم تبلغ لي وكانت لها دنادب فنكستها ثم خالفت بين طرفيها ثم تواقصت عليها حتى لا تسقط ثم جئت حتى قمت عن يسار رسول الله A فأخذ بيدي فأدارني حتى أقامني عن يمينه فجاء ابن صخر حتى قام عن يساره فأخذنا بيده جميعا حتى أقامنا خلفه قال وجعل رسول الله A يرمقني وأنا لا أشعر ثم فطنت به فأشار إلي أن أتزر بها فلما فرغ رسول الله A قال : يا جابر قلت لبيك يا رسول الله قال : إذا كان واسعا فخالف بين طرفيه وإن كان ضيقا فاشدده على حقوك ] .
فصل : فإن لم يجد إلا ما يستر بعض العورة ستر الفرجين لأنهما أفحش وسترهما آكد فإن كان لا يكفي إلا أحدهما ستر أيهما شاء واختلف في أولاهما بالستر فقيل الدبر لأنه أفحش لا سيما في الركوع والسجود وقيل القبل لأنه مستقبل به القبلة وليس له ما يستره والدبر بالأليتين