مسألة وفصلان : صلاة العراة جماعة رجالا ونساء .
مسألة : قال : فإن صلى جماعة عراة كان الإمام معهم في الصف وسطا يومئون إيماء ويكون سجودهم أخفض من ركوعهم .
وجملة ذلك أن الجماعة للعراة وبه قال قتادة وقال مالك و الأوزاعي وأصحاب الرأي يصلون فرادى ويتباعد بعضهم من بعض وإن كانوا في ظلمة صلوا جماعة ويتقدمهم إمامهم وقال الشافعي في القديم كقولهم وقال في موضع آخر الجماعة والإنفراد سواء لأن الجماعة الإخلال بسنة الموقف وفي الإنفراد الإخلال بفضيلة الجماعة فيستويان ووافقنا على مشروعية الجماعة في النساء العراة وفي الرجال إذا كان معهم مكتس يصلح أن يؤمهم .
ولنا : أنه يمكنهم الجماعة من غير ضرر فلزمهم كالمستترين وقول النبي A : [ صلاة الرجل في الجميع تفضل على صلاته وحده بسبع وعشرين درجة ] عام في كل مصل ولا تسقط الجماعة لتعذر سببها في الموقف كما لو كانوا في مكان ضيق لا يمكن أن يتقدمهم إمامهم وإذا شرعت الجماعة لعراة النساء مع أن الستر في حقهن آكد والجماعة في حقهن أخف فللرجال أولى وأحرى وغض البصر يحصل بكونهم صفا واحدا يستر بعضهم بعضا إذا ثبت هذا فإنهم يصلون صفا واحدا ويكون في وسطهم ليكون أستر لهم وأغض لأبصارهم عنه وكذلك سن لإمامة النساء القيام وسطهن في كل حال لأنهن عورات فإن كان مع الرجال نساء عراة تنحين عنهم لئلا يرى بعضهم بعضا ويصلين جماعة أيضا كالرجال إلا أن الجماعة في حقهن أدنى منها في حق الرجال كما لو كانوا غير عراة فإن كان الجميع في مجلس أو في مكان ضيق صلى الرجال واستدبرهم النساء ثم صلى النساء واستدبرهن الرجال لئلا يرى بعضهم عورات بعض فإن كان الرجال لا يسعهم صف واحد والنساء وقفوا صفوفا وغضوا أبصارهم عمن بين أيديهم لأنه موضع ضرورة .
مسألة : قال : وقد روي عن أبي عبد الله C رواية أخرى أنهم يسجدون بالأرض .
أختلفت الرواية عن أحمد C في العراة إذا صلوا قعودا فروي أنهم يومئون بالركوع والسجود لأن القيام سقط عنهم لحفظ عوراتهم وظهورها بالسجود أكثر وأفحش فوجب أن يسقط وروي أنهم يسجدون بالأرض لأن السجود آكد من القيام لكونه مقصودا في نفسه ولا يسقط فيما يسقط فيه القيام وهو صلاة النافلة فلهذا لم يسقط .
فصل : فإن كان مع العراة واحد له ثوب لزمته الصلاة فيه لأنه قادر على السترة فإن أعارة وصلى عريانا لم تصح صلاته لتركه الواجب عليه ويستحب أن يعيره بعد صلاته فيه لغيره ليصلي فيه لقول الله تعالى : { وتعاونوا على البر والتقوى } ولا يجب عليه ذلك بخلاف ما لو كان معه طعام فاضل عن حاجته ووجد من به ضرورة لزمه اعطاؤه إياه لأنها حال ضرورة فإذا بذله لهم صلى فيه واحد بعد واحد ولم تجز لهم الصلاة عراة لأنهم قادرون على الستر إلا أن يخافوا ضيق الوقت فيصلي فيه واحد والباقون عراة وقال الشافعي لا يصلي أحد عريانا وينتظر الثوب وإن خرج الوقت ولا يصح فإن الوقت آكد من القيام بدليل ما لو كانوا في سفينة أو في موضع ضيق لا يمكن جميعهم الصلاة فيه قياما صلى واحد بعد واحد إلا أن يخافوا فوات الوقت فيصلون قعودا نص الشافعي على هذا والقيام آكد من السترة عنده وعلى روايةلنا فأولى أن يكون الوقت مقدما على الستر فإن امتنع صاحب الثوب من إعارتهم أو ضاق الوقت عن أكثر من صلاة فالمستحب أن يؤمهم صاحب الثوب ويقف بين أيديهم فإن كان أميا وهم قراء صلى الباقون جماعة على ما أسلفنا قال القاضي يصلي هو منفردا وإذا أراد صاحب الثوب إعارة ثوبه ومعهم نساء استحب أن يبدأ بهن لأنهن آكد في الستر وإذا صلين فيه أخذه فإذا تضايق الوقت وفيهم قارئ فالمستحب أن يبدأ به ليكون إمامهم وإن أعاره لغير القارئ صار حكمه كحكم صاحب الثوب فإن استووا ولم يكن الثوب لواحد منهم أقرع بينهم فمن خرجت له القرعة فهو أحق وإن لم يستووا فالأولى به من تستحب البداية بإعارته على ما ذكرنا