حكم ما لو شرط في كتابته أن يولي من يشاء .
مسألة : قال : وإذا شرط في كتابته أن يولي من شاء فالولاء لمن أعتق والشرط باطل .
أما الشرط فباطل لا نعلم في بطلانه خلافا وذلك لما روت عائشة Bها قالت : كانت في بريرة ثلاث قضيات أراد أهلها أن يبيعوها ويشترطوا الولاء فذكرت ذلك للنبي A فقال [ اشتريها واعتقيها فإنما الولاء لمن أعتق ] متفق عليه وفي الحديث الآخر أن النبي A قال [ اشتريها واشترطي لهم الولاء فإنما الولاء لمن أعتق ] فقام رسول الله A في الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال [ أما بعد فما بال ناس يشترطون شروطا ليست في كتاب الله ؟ ومن اشترط شرطا ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط قضاء الله أحق وشرط الله أوثق وإنما الولاء لمن عتق ] متفق عليه ولأن الولاء لا يصح نقله بدليل أن النبي A نهى عن بيع الولاء وهبته وقال : [ إنما الولاء لمن أعتق ] ولأنه لحمة كلحمه النسب فلم يصح اشتراطه لغير صاحبه كالقرابة ولأنه حكم العتق فلم يصح اشتراطه لغير المعتق كما لا يصح اشتراط حكم النكاح لغير الناكح ولا حكم البيع لغير العاقد وسواء شرط أن يوالي من شاء أو شرطه لبائعه أو لرجل آخر بعينه ولا تفسد الكتابة بهذا الشرط نص عليه أحمد Bه وقال الشافعي Bه : يفسد به كما لو شرط عوضا مجهولا ويتخرج لنا مثل ذلك بناء على الشروط الفاسدة في البيع .
ولنا حديث بريرة فإن أهلها شرطوا لهم الولاء فأمر النبي A بشرائها مع هذا الشرط وقال [ إنما الولاء لمن أعتق ] ويفارق جهالة العوض فإنه ركن العقد لا يمكن تصحيح العقد بدونه وربما أفضت جهالته إلى التنازع والاختلاف وهذا الشرط زائد فإذا حذفناه بقي العقد صحيحا بحاله فإن قيل المراد بقول النبي A [ اشترطي لهم الولاء ] أي عليهم لأن النبي A لا يأمر بالشرط الفاسد واللازم تستعمل بمعنى على كقول الله تعالى { وإن أسأتم فلها } أي فعليها قلنا هذا لا يصح لوجوه أربعة : أحدها أنه يخالف وضع اللفظ والاستعمال والثاني : أن أهل بريرة أبوا هذا الشرط فكيف يأمرها النبي A بشرط لا يقبلونه ؟ والثالث : أن ثبوت الولاء لها لا يحتاج إلى شرط لأنه مقتضى العتق وحكمه والرابع : أن في بعض الألفاظ [ لا يمنعنك هذا الشرط منا ابتاعي وأعتقي ] وإنما أمرها النبي A بالشرط تعريفا لنا أن وجود هذا الشرط كعدمه وأنه لا ينقل الولاء عن المعتق