حكم لو كانت دار في يد اثنين وثلاثة وأربعة .
فصل : إذا كان في أيديهما دار فادعاها أحدهما كلها وادعى الآخر نصفها ولا بينة لديهما فهي بينهما نصفين نص عليه أحمد وعلى مدعي النصف اليمين لصاحبه ولا يمين على الآخر لأن النصف المحكوم له به لا منازع له فيه ولا نعلم في هذا خلافا إلا أنه حكى عن ابن شبرمة أن لمدعي الكل ثلاثة أرباعها لأن النصف له لا منازع فيه والنصف الآخر يقسم بينهما على حسب دعواهما فيه .
ولنا أن يد مدعي النصف على ما يدعيه فكان القول قوله فيه مع يمينه كسائر الدعاوى فإن كان لكل واحد منهما بينة بما يدعيه فقد تعارضت بينتهما فالنصف لمدعي الكل والنصف الآخر ينبني على الخلاف في أي البينتين تقدم وظاهر المذهب تقديم بينة المدعي فتكون الدار كلها لمدعي الكل وهو قول أبي حنيفة وصاحبيه فإن كانت الدار في يد ثالث لا يدعيها فالنصف لصاحب الكل لا منازع له فيه ويقرع بينهما في النصف الآخر فمن خرجت له القرعة حلف وكان له وإن كان لكل واحد بينة تعرضتا وسقطتا وصارا كمن لا بينة لهما وإن قلنا : تستعمل البينتان أقرع بينهما وقدم من تقع له القرعة في أحد الوجهين .
والثاني : يقسم النصف المختلف فيه بينهما فيصير لمدعي الكل ثلاثة أرباعها .
فصل : فإن كانت الدار في يد ثلاثة ادعى أحدهما نصفها وادعى الآخر ثلثها وادعى الآخر سدسها فهذا اتفاق منهم على كيفية ملكهم وليس ههنا اختلاف ولا تجاحد فإن ادعى كل واحد منهم باقي الدار وديعة أو عارية معي وكانت لكل واحد منهم بما ادعاه من الملك بينة قضي له به لأن بينته تشهد له بما ادعاه ولا معارض لها وإن لم تكن لواحد منهما بينة حلف كل واحد منهم وأقر في يده ثلثها .
فصل : فإن ادعى أحدهم جميعها وادعى الآخر نصفها والآخر ثلثها فإن لم تكن لواحد منهم بينة قسمت بينهم أثلاثا وعلى كل واحد منهم اليمين على ما والحكم له به وأن يد كل واحد منهم على ثلثها وإن كانت لأحدهم بينة نظرت فإن كانت لمدعي الجميع فهي له وإن كانت لمدعي النصف أخذه والباقي بين الآخرين نصفين لمدعي الكل السدس بغير يمين ويحلف على نصف السدس ويحلف الآخر على الربع الذي يأخذه جميعه فإن كانت البينة لمدعي الثلث أخذه والباقي بين الآخرين لمدعي الكل السدس بغير يمين ويحلف على السدس الآخر ويحلف الآخر على جميع ما يأخذه وإن كانت لكل واحد بما يدعيه بينة فإن قلنا تقدم بينة صاحب اليد قسمت بينهم أثلاثا لأن يد كل واحد منهم الثلث وإن قلنا تقدم بينة الخارج فينبغي أن تسقط بينة صاحب الثلث لأنها داخلة ولمدعي النصف السدس لأن بينته خارجة فيه ولمدعي الكل خمسة أسداس لأن له السدس بغير بينة لكونه لا منازع له فيه فإن أحدا لا يدعيه وله الثلثان لكون بينته خارجة عنهما وقيل : بل لمدعي الثلث السدس لأن بينة مدعي الكل ومدعي النصف تعارضتا فيه فتساقطتا وبقي لمن هو في يده ولا شيء لمدعي النصف لعدم ذلك فيه وسواء كان لمدعي الثلث بينة أو لم تكن وإن كانت العين في يد غيرهم واعترف أنه لا يملكها ولا بينة لهم فالنصف لمدعي الكل لأنه ليس منهم من يدعيه ويقرع بينهم في النصف الباقي فإن خرجت القرعة لصاحب الكل أو لصاحب النصف حلف وأخذه وإن خرجت لصاحب الثلث حلف وأخذ الثلث ثم يقرع بين الآخرين في السدس فمن قرع صاحبه حلف وأخذه .
وإن أقام كل واحد منهم بينة بما ادعاه فالنصف لمدعي الكل لما ذكرنا والسدس الزائد يتنازعه مدعي الكل ومدعي النصف والثلث يدعيه الثلاثة وقد تعارضت البينات فيه فإن قلنا تسقط البينات أقرعنا بين المتنازعين فيما تنازعوا فيه فمن قرع صاحبه حلف وأخذه ويكون الحكم فيه كما لو لم تكن لهم بينة وهذا قول أبي عبيد وقول الشافعي إذ كان بالعراق .
وعلى الرواية التي نقول إذا تعارضت البينات قسمت العين بين المتداعين فلمدعي الكل النصف ونصف السدس الزائد عن السدس عن الثلث وثلث الثلث ولمدعي النصف السدس وثلث الثلث ولمدعي الثلث ثلثه وهو التسع فتخرج المسألة من ستة وثلاثين سهما لمدعي الكل النصف ثمانية عشر سهما ونصف السدس ثلاثة والتسع أربعة فذلك خمسة وعشرون سهما ولصاحب النصف سبعة ولمدعي الثلث أربعة وهو التسع وهذا قياس قول قتادة و الحارث العكلي و ابن شبرمة و حماد و أبي حنيفة وهو قول الشافعي وقال أبو ثور يأخذ مدعي الكل النصف ويوقف الباقي حتى يتبين ويروي هذا عن مالك وهو قول للشافعي .
وقال ابن أبي ليلى وقوم من أهل العراق : تقسم العين بينهم على حسب عول الفرائض لصاحب الكل ستة ولصاحب النصف ثلاثة ولصاحب الثلث سهمان فتصبح من أحد عشر سهما .
وسئل سهل بن عبد الله بن أبي أوس عن ثلاثة ادعوا كيسا وهو بأيديهم ولا بينة لهم وحلف كل واحد منهم على ما ادعاه ادعى أحدهم جميعه وادعى آخر ثلثه وادعى آخر نصفه فأجاب فيهم بشعر يقول : .
( نظرت أبا يعقوب في الحسب التي ... طرت فأقامت منهم كل قاعد ) .
( فللمدعي الثلثين ثلث وللذي ... استلاط جميع المال عند التحاشد ) .
( من المال نصف غير ما ... سينوبه وحصته من نصف ذا المال زائد ) .
( وللمدعي نصفا من المال ربعه ... ويؤخذ نصف السدس من كل واحد ) .
وهذا قول من قسم المال بينهم على حسب العول فكأن المسألة عالت من ستة إلى ثلاثة عشر ولذلك أنه أخذ مخرج الكسور وهي ستة فجعلها لمدعي الكل وثلثها أربعة لمدعي الثلثين ونصفها ثلاثة لمدعي النصف صارت ثلاثة عشر .
فصل : فإن كانت الدار في أيدي أربعة فادعى أحدهم جميعها والثاني ثلثيها والثالث نصفها والرابع ثلثها ولا بينة لهم حلف كل واحد وله ربعها لأنها في يده فالقول قول صاحب اليد مع يمينه وإن أقام كل واحد منهم بما ادعاه بينة قسمت بينهم أرباعا أيضا لأننا إن قلنا قدم بينة الداخل فكل واحد منهم داخل في ربعها فتقدم بينة فيه وإن قلنا تقدم بينة الخارج فإن الرجلين إذا ادعيا عينا في يد غيرهما فأنكرهما وأقام كل واحد منهم بدعواه تعارضتا وأقر الشيء في يد من هو في يده وإن كانت الدار في يد خامس لا يدعيها ولا بينة لواحد منهم بما ادعاه فالثلث لمدعي الكل لأن لا ينازعه فيه ويقرع بينهم في الباقي فإن خرجت القرعة لصاحب الكل أو لمدعي الثلثين أخذه وإن وقعت لمدعي النصف أخذه وأقرع بين الباقين في الباقي وإن وقعت لصاحب الثلث أخذه وأقرع بين الثلاثة في الثلث الباقي وهذا قول أبي عبيد و الشافعي إذ كان بالعراق إلا أنهم عبروا عن بعبارة أخرى فقالوا : لمدعي الكل الثلث ويقرع بينه وبين مدعي الثلثين في السدس الزائد عن النصف ثم يقرع بينهما بين مدعي النصف في السدس الزائد عن الثلث ثم يقرع بين الأربعة في الثلث الباقي و يكون الإقراع في ثلاثة مواضع وعلى الرواية الأخرى : الثلث لمدعي الكل ويقسم السدس الزائد عن النصف بينه وبين مدعي الثلثين ثم يقسم السدس الزائد عن الثلث بينهما وبين مدعي النصف أثلاثا ثم يقسم الثلث الباقي بين الأربعة أرباعا وتصح المسألة من ستة وثلاثين سهما لصاحب الكل ثلثها اثنا عشر ونصف السدس الزائد على النصف ثلاثة وثلث السدس الزائد عن الثلث سهمان وربع الثلث الباقي ثلاثة فيحصل له عشرون سهما وهي خمسة أتساع الدار ولمدعي الثلثين ثمانية أسهم تسعان وهي مثل ما لمدعي الكل بعد الثلث الذي انفرد به ولمدعي النصف خمسة أسهم تسع وربع تسع ولمدعي الثلث ثلاثة نصف السدس وعلى قول من قسمها على العول هي من خمسة عشر لصاحب الكل ستة ولصاحب الثلثين أربعة ولصاحب النصف ثلاثة ولصاحب الثلث سهمان وعلى قول أبي ثور لصاحب الكل الثلث ويوقف الباقي حتى يتبين