تجوز شهادة العبد في كل شيء إلا في الحدود وتجوز شهادة الأمة فيما تجوز فيه شهادة النساء .
مسألة : قال : وتجوز شهادة العبد في كل شيء إلا في الحدود وتجوز شهادة الأمة فيما تجوز فيه شهادة النساء .
الكلام في هذه المسألة في فصول ثلاثة : .
الفصل الأول : في قبول شهادة العبد فيما عدا الحدود والقصاص فالمذهب أنها مقبولة روي ذلك عن علي و أنس Bهما قال أنس : ما علمت أن أحدا رد شهادة العبد وبه قال عروة و شريح و إياس و ابن سيرين و البتي و أبو ثور و داود و ابن المنذر وقال عطاء و مجاهد و الحسن و مالك و الأوزاعي و الثوري و أبو حنيفة و الشافعي و أبو عبيد : لا تقبل شهادته لأنه غير ذي مروءة ولأنها مبنية على الكمال لا تتبعض فلم يدخل فيها العبد كالميراث وقال الشعبي و النخعي و الحكم : تقبل في الشيء اليسير .
ولنا عموم آيات الشهادة وهو داخل فيها فإنه من رجالنا وهو عدل تقبل روايته وفتياه وأخباره الدينية وروى عقبه بن الحارث قال : [ تزوجت أم يحيى بنت أبي إهاب فجاءت أمة سوداء فقالت : قد أرضعتكم فذكرت ذلك لرسول الله A قال : كيف وقد زعمت ذلك ] متفق عليه و [ في رواية أبي داود فقلت : يا رسول الله إنها لكاذبة قال : وما يدريك وقد قالت ما قالت دعها عنك ] ولأنه عدل غير متهم فتقبل شهادته كالحر ولا نسلم أنه غير ذي مروءة فإنه كالحر ينقسم إلى من له مروءة ومن لا مروءة له وقد يكون منهم الأمراء والعلماء والصالحون والأتقياء .
سئل إياس بن معاوية عن شهادة العبد فقال : أنا أرد شهادة عبد العزيز بن صهيب وكان منهم زياد ابن أبي زياد مولى ابن عباس من العلماء الزهاد وكان عمر بن عبد العزيز يرفع قدره ويكرمه ومنهم عكرمة مولى ابن عباس أحد العلماء الثقات وكثير من العلماء الموالي كانوا عبيدا أو أبناء عبيد لم يحدث فيهم بالإعتاق إلا الحرية والحرية لا تغير طبعا ولا تحدث علما ولا مروءة ولا يقبل منهم إلا من كان ذا مروءة ولا يصح قياس الشهادة على الميراث فإن الميراث خلافة للموروث في ماله وحقوقه والعبد لا تمكنه الخلافة لأن ما يصير إليه يملكه فلا يمكن أن يختلف فيه ولأن الميراث يقتضي التملك والعبد لا يملك ومبني الشهادة على العدالة التي هي مظنة وحصول الثقة من القول والعبد أهل لذلك فوجب أن تقبل شهادته .
الفصل الثاني : أن شهادته لا تقبل في الحد وفي القصاص احتمالان : أحدهما : تقبل شهادته فيه لأنه حق آدمي لا يصح الرجوع عن الإقرار به فأشبه الأموال والثاني : لا تقبل لأنه عقوبة بدنية تدرأ بالشبهات الحد وذكر الشريف و الخطاب في العقوبات كلها من الحدود والقصاص روايتين : إحداهما : تقبل لما ذكرنا ولأنه رجل عدل فتقبل شهادته فيها كالحر والثانية : لا تقبل وهو ظاهر المذهب لأن الاختلاف في قبول شهادته في الأموال نقص وشبهة فلم تقبل شهادته فيما يدرأ بالشبهات ولأنه ناقص الحال فلم تقبل شهادته في الحد والقصاص كالمرأة .
الفصل الثالث : شهادة الأمة جائزة فيما تجوز فيه شهادة النساء لأن النساء لا تقبل شهادتهن في الحدود والقصاص وإنما تقبل في المال أو سببه والأمة كالحرة فيما عداهما فساوتهن في الشهادة وقد دل عليه حديث عقبة بن الحارث .
فصل : وحكم المكاتب والمدبر وأم الولد والمعتق بعضه حكم القن فيما ذكرنا لأن الرق فيهم وقد روي عن عمر Bه أنه قال : لا تجوز شهادة المكاتب وبه قال عطاء و الشعبي و النخعي .
ولنا ما ذكرناه في العبد إذا ثبت الحكم في القن ففي هؤلاء أولى لأنهم أكمل منه لوجود أسباب الحرية فيهم