فصلان فيما إذا كانت دار بين اثنين .
فصل : إذا كانت دار بين اثنين سفلها وعلوها فإذا طلبا قسمها نظرت فإن طلب أحدهما قسمة السفل والعلو بينهما ولا ضرر في ذلك أجبر عليه لأن البناء في الأرض يجري مجرى الغرس فيتبعها في البيع والشفعة ثم لو طلب قسمة أرض فيها غراس أجبر شريكه عليه كذلك البناء وإن طلب أحدهما جعل السفل لأحدهما والعلو للآخر ويقرع بينهما لم يجبر عليه الآخر لثلاثة معان : .
أحدها : أن العلو يتبع للسفل ولهذا إذا بيعا تثبت الشفعة فيهما وإذا أفرد العلو بالبيع لم تثبت فيه الشفعة وإذا كان تبعا له لم يجعل المتبوع والتبع سهما فيصير التبع أصلا .
الثاني : إن السفل والعلو يجريان مجرى الدارين المتلاصقتين لأن كل واحد منهما يسكن منفردا ولو كان بينهما دار إن لم يكن لأحدهما المطالبة بجعل كل دار نصيبا كذا ههنا .
الثالث : أن صاحب القرار يملك قرارها وهواءها فإذا جعل السفل نصيبا انفرد صاحبه بالهواء وليست هذه قسمة عادلة وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة يقسمه الحاكم يجعل ذراعا من السفل بذراعين من العلو وقال أبو يوسف ذراع وقال محمد يقسمها بالقيمة واحتجوا بأنها دار واحدة فإذا قسمها على ما يراه جاز كالتي لا علو لها .
ولنا ما ذكرناه من المعاني الثلاثة وفيها رد ما ذكروه وما يذكرونه من كيفية القسمة تحكم وبعضه يرد بعضا وإن طلب أحدهما قسمة العلو وحده أو السفل وحده لم يجب إليه لأن القسمة تراد للتمييز ومع بقاء الإشاعة في أحدهما لا يحصل التمييز وإن طلب قسمة السفل منفردا أو العلو منفردا لم يجب إليه لأنه قد يحصل لك واحد منهما علو سفل الآخر فيستضر كل واحد منهما ولا يتميز الحقان .
فصل : وإذا كان بينهما دار أو خان كبير فطلب أحدهما قسمة ذلك ولا ضرر في قسمته أجبر الممتنع على القسمة وتفرد بعض المساكن عن بعض وإن كثرت المساكن وإن كان بينهما داران أو خانان أو أكثر فطلب أحدهما أن يجمع نصيبه في إحدى الدارين أو أحد الخانين ويجعل الباقي نصيبا لم يجبر الممتنع وبهذا قال الشافعي وقال أبو يوسف ومحمد إذا رأى الحاكم ذلك فله فعله سواء تقاربتا أو تفرقتا لأنه انفع وأعدل .
وقال مالك إن كانتا متجاورتين أجبر الممتنع من ذلك عليه لأن المتجاورتين تتقارب منفعتهما بخلاف المتباعدتين وقال أبو حنيفة إن كانت احداهما أحجزة الأخرى أجبر الممتنع وإلا فلا لأنهما يجريان مجرى الدار الواحدة .
ولنا أنه نقل حقه من عين إلى عين أخرى فلم يجبر عليه كالمتفرقين على ملك وكما لو لم تكن حجة بها مع أبي حنيفة وكما لو كانتا دارا ودكانا مع أبي يوسف ومحمد والحكم في الدكاكين كالحكم في الدور كما لو كانت لها عضائد صغار لا يمكن قسمة كل واحدة منهما منفردة لم يجبر الممتنع من قسمها عليها