مسألة حكم من نذر أن يصوم فمات قبل أن يأتي به .
مسألة : قال : ومن نذر أن يصوم فمات قبل أن يأتي به صام عنه ورثته من أقاربه وكذلك كل ما كان من نذر طاعة .
يعني من نذر حجا أو صياما أو صدقة أو عتقا أو اعتكافا أو صلاة أو غيره ن الطاعات ومات قبل فعله فعله الولي عنه وعن أحمد في الصلاة لايصلي عن الميت لأنها لا بدل لها بحال وأما سائر الأعمال فيجوز أن ينوب الولي عنه فيها وليس بواجب عليه ولكن يستحب له ذلك على سبيل الصلة له والمعروف وافتى بذلك ابن عباس في امرأة نذرت أن تشي إلى قباء فماتت ولم تقضه ان تمشي ابنتها عنها وروى سعيد عن سفيان عن عبد الكريم بن أبي أمية أنه سأل ابن عباس عن نذر كان على أمه من اعتكاف قال صم عنها واعكف عنها وقال حدثنا أبو الأحوص عن إبراهيم بن مهاجر عن عار بن شعيب أن عائشة اعتكفت عن أخيها عبد الرحمن بعد ما مات وقال مالك : لا يمشي أحد عن أحد ولا يصلي ولا يصو عنه وكذلك سائر أعمال البدن قياسا على الصلاة وقال الشافعي : يقضي عنه الحج ولا يقضي الصلاة قولا واحدا ولا يقضي الصوم في أحد القولين عنه كل يوم مسكين لأن ابن عمر قال : قال رسول الله A : [ من مات وعليه صيام شهر فليطعم عنه مكان كل يوم مسكين ] أخرجه ابن اجة وقال أهل الظاهر يجب القضاء على وليه بظاهر الأخبار الواردة فيه وجممهور أهل العلم على أن ذلك ليس بواجب على الولي ألا أن يكون حقا في المال ويكون للميت تركه وأمر النبي A في هذا محمول على الندب والاستحباب بدليل قرائن في الخبر منها [ أن النبي A شبهه بالدين وقضاء الدين على الميت لا يجب على الوارث ما لم يخلف تركه يقضي بها ومنها أن السائل سأل النبي A هل يفعل ذلك أم لا ؟ وجوابه يختلف باختلاف مقتضى سؤاله فإن كان مقتضاه السؤال عن الإباحة فالأمر في جوابه يقتضي الإباحة وإن كان السؤال عن الأجزاء فأمره يقتضي الوجوب كقولهم أنصلي في مرابض الغنم ؟ قال : صلوا في مرابض الغنم وإن كان سؤالهم عن الوجوب فأمره يقتضي الوجوب كقولهم : أيتوضأ من لحوم الإبل ؟ قال : توضؤوا من لحوم الإبل ] وسؤال السائل في مسألتنا كان عن الأجواء فأمر النبي A بالفعل يقتضيه لا غير .
ولنا على جواز الصيام عن الميت ما [ روت عائشة أن رسول الله A قال : من مات وعليه صيام صام عنه وليه ] وعن ابن عباس قال [ جاء رجل إلى النبي A فقال يا رسول إن أمي ماتت وعليها صوم شهر افأصوم عنها ؟ قال : أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيه ؟ ـ قال نعم قال ـ فدين الله أحق أن يقضى ] وفي رواية قال : [ جاءت امرأة إلى رسول الله A فقالت يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم أفأصوم عنها ؟ قال : أرأيت لو كان على أمك دين فقيضته أكان يؤدى ذلك عنها ؟ قالت نعم قال : فصومي عن أمك ] متفق عليهن وعن ابن عباس [ أن سعد بن عبادة الأنصاري استفتى النبي A في نذر كان على أمه فتوفيت قبل أن تقضيه فافتاه أن يقضيه فكانت سنة بعد ] وعنه [ أن رجلا أتى النبي A فقال إن أختي نذرت أن تحج وأنها ماتت فقال النبي A : لو كان عليها دين أكنت قاضيه ؟ ـ قال نعم قال ـ فاقض الله فهو أحق بالقضاء ] رواهما البخاري وهذا صريح في الصوم والحج ومطلق في النذر وما عدا المذكور في لحديث يقاس عليه وحجيث ابن عمر في الصوم الواجب بأصل الشرع ويتعين حمله عليه جمعا بين الحديثين ولو قدر التعارض لكانت أحاديثنا أصح وأكثر وأولى بالتقديم إذا ثبت هذا فإن الأولى أن يقضي النذر عنه وارثه فإن قضاه غير أجزأه عنه كما لو قضى عنه دينه فإن النبي A شبهه بالدين وقاسه عليه ولأن ما يقضيه الوارث إنما هو تبرع منه وغيره مثله في التبرع وإن كان النذر في مال تعلق بتركته