مسائل وفصول لا يجزىء في الكفارة أم الولد ولا مكاتب أدى كتابته ويجزىء المدبر والخصي وولد الزنا .
مسألة : قال : ولا تجزىء في الكفارة أم ولد .
هذا ظاهر المذهب وبه قال الأوزاعي و الشافعي و أبو عبيد وأصحاب الرأي وعن أحمد رواية أخرى أنها تجزىء ويروى ذلك عن الحسن و طاوس و النخعي وعثمان البتي لقول الله تعالى : { فتحرير رقبة } ومعتقها قد حررها .
ولنا أن عتقها يستحق بسبب آخر فلم تجزىء نه كما لو اشترى قريبه أو عبدا بشرط العتق فأعتقه وكما لو قال لعبده أنت حر إن دخلت الدار ثم نوى عتقه عن كفارته عند دخوله والآية مخصوصة بما ذكرناه فنقيس عليه ما اختلفنا فيه .
فصل : ولد أم الولد الذي ولدته بعد كونها أم ولد حكمه حكمها فيما ذكرناه لأن حكمه حكمها في العتق بموت سيدها .
مسألة : قال : ولا مكاتب قد أدى من كتابته شيئا .
روي عن أحمد C في المكاتب ثلاث روايات : .
إحداهن : يجزىء مطلقا اختاره أبو بكر وهو مذهب أبي ثور لأن المكاتب عبد يجوز بيعه فأجزأ عتقه كالمدبر ولأنه رقبة فدخل في مطلق قوله سبحانه : { فتحرير رقبة } .
والثانية : لا يجزىء مطلقا وهو قول مالك و الشافعي و أبي عبيد لأن عتقه مستحق بسبب آخر ولهذا لا يملك إبطال كتابته فأشبه أم الولد .
والثالثة : إن أدى من كتابته شيئا لم يجزئه وإلا أجزأه وبهذا قال الليث و الأوزاعي و إسحاق وأصحاب الرأي قال القاضي هو الصحيح لأنه إذا أدى شيئا فقد حصل العوض عن بعضه فلم يجزىء كما لو أعتق بعض رقبة وإذا لم يؤد فقد أعتق رقبة كاملة مؤمنة سالمة الخلق تامة الملك لم يحصل عن شيء منها عوض فأجزأ أعتقها كالمدبر ولو أعتق عبدا على مال فأخذه من العبد لم يجزىء عن كفارته في قولهم جميعا .
مسألة : قال : ويجزئه المدبر .
وهذا قول طاوس و الشافعي و أبي ثور و ابن المنذر وقال الأوزاعي و أبو عبيد وأصحاب الرأي لا يجزىء لأن عتقه مستحق بسبب آخر فأشبه أم الولد ولأن بيعه عندهم غير جائز فأشبه أم الولد .
ولنا قوله تعالى : { فتحرير رقبة } وقد حرر رقبة ولأنه عبد كامل المنفعة يجوز بيعه ولم يحصل عن شيء منه عوض فجاز عتقه كالقن والدليل على جواز بيعه أن النبي A باع مدبرا وسنذكر حديثه في بابه إن شاء الله ولأن التدبير إما أن يكون وصية أو عتقا بصفة وأيا ما كان فلا يمنع التكفير بإعتاقه قبل وجود الصفة والصفة ههنا الموت ولم يوجد .
مسألة : قال : والخصي .
ولا نعلم في إجزاء الخصي خلافا سواء كان مقطوعا أو مشلولا أو موجوءا لأن ذلك نقص لا يضر بالعمل ولا يؤثر فيه بل ربما زادت بذلك قيمته فاندفع فيه ضرر شهوته فأجزأ كالفحل .
مسألة : قال : وولد الزنا .
هذا قول أكثر أهل العلم روي ذلك عن فضالة بن عبيد وأبي هريرة وبه قال ابن المسيب و الحسن و طاوس و الشافعي و إسحاق و أبو عبيد و ابن المنذر .
وروي عن عطاء و الشعبي و النخعي و الأوزاعي و حماد أنه لا يجزىء لأن أبا هريرة روى عن النبي A أنه قال : [ ولد الزنا شر الثلاثة ] قال أبو هريرة : لأن أدفع بسوط في سبيل الله أحب إلي منه رواه أبو داود .
ولنا دخوله في مطلق قوله تعالى : { فتحرير رقبة } ولأنه مملوك مسلم كامل العمل لم يعتض عن شيء منه ولا استحق عتقه بسبب آخر فأجزأ عتقه كولد الرشيدة فأما الأحاديث الواردة في ذمه فاختلف أهل العلم في تفسيرها فقال الطحاوي ولد الزنا هو الملازم للزنا كما يقال ابن السبيل الملازم لها وولد الليل الذي لا يهاب السرقة وقال الخطابي عن بعض أهل العلم قال هو شر الثلاثة أصلا وعنصرا ونسبا لأنه خلق من ماء الزنا وهو خبيث وأنكر قوم هذا التفسير وقالوا ليس عليه من وزر والديه شيء وقد قال الله تعالى : { ولا تزر وازرة وزر أخرى } وفي الجملة هذا يرجع إلى أحكام الآخرة أما أحكام الدنيا فهو كغيره في صحة امامته وبيعه وعتقه وقبول شهاة فكذلك في أجزاء عتقه عن الكفارة لأنه من أحكام الدنيا