مسألة و فصول حكم المسلم والكتابي والعدل والفاسق والحربي والذمي وما ذبح لكنائس أهل الكتاب .
مسألة : قال : والمسلم والكتابي في كل ما وصفت سواء .
يعني في الاصطياد والذبح وأجمع أهل العلم على إباحة ذبائح أهل الكتاب لقول الله تعالى { وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم } يعني ذبائحكم قال البخاري قال ابن عباس : طعامكم ذبائحكم وكذلك قال مجاهد و قتادة وروي معناه عن ابن مسعود وأكثر أهل العلم يرون إباحة صيدهم أيضا قال ذلك عطاء و الليث و الشافعي وأصحاب الرأي ولا نعلم أحدا حرم صيد أهل الكتاب إلا مالكا أباح ذبائحهم وحرم صيدهم ولا يصح لأن صيدهم من طعامهم فليدخل في عموم الآية ولأن من حلت ذبيحته حل صيده كالمسلم .
فصل : ولا فرق بين العدل والفاسق من المسلمين وأهل الكتاب وعن ابن عباس Bه لا تؤكل ذبيحة الأقلف وعن أحمد مثله والصحيح إباحته فإنه مسلم فأشبه سائر المسلمين وإذا أبيحت ذبيحة القاذف والزاني وشارب الخمر مع تحقق فسقه وذبيحة النصراني وهو كافر أقلف فالمسلم أولى .
فصل : ولا فرق بين الحربي والذمي في إباحة ذبيحة الكتابي منهم وتحريم ذبيحة من سواه وسئل أحمد عن ذبائح نصارى أهل الحرب فقال لا بأس بها حديث عبد الله بن مغفل في الشحم قال إسحاق : أجاد وقال ابن المنذر : أجمع على هذا كل من نحفظ عنه من أهل العلم منهم مجاهد و الثوري و الشافعي و أحمد و إسحاق و أبو ثور وأصحاب الرأي ولا فرق بين الكتابي العربي وغيره إلا أن في نصارى العرب اختلافا ذكرناه في باب الجزية وسئل مكحول عن ذبائح العرب فقال أما بهرا وتنوخ وسليح فلا بأس وأما بنو تغلب فلا خير في ذبائحهم والصحيح إباحة ذبائح الجميع لعموم الآية فيهم .
فصل : فإن كان أحد أبوي الكتابي ممن لا تحل ذبيحته والآخر ممن تحل ذبيحته فقال أصحابنا لا يحل صيده ولا ذبيحته وبه قال الشافعي إذا كان الأب غير كتابي وإن كان الأب كتابيا ففيه قولان إحداهما : تباح وهو قول مالك و أبي ثور و الثاني : لا تباح لأنه وجد ما يقتضي التحريم والإباحة فغلب ما يقتضي التحريم كما لو جرحه مسلم ومجوسي وبيان وجود ما يقتضي التحريم أن كونه ابن مجوسي أو وثني يقتضي تحريم ذبيحته وقال أبو حنيفة : تباح ذبيحته بكل حال لعموم النص ولأنه كتابي يقر على دينه فتحل ذبيحته كما لو كان ابن كتابيين وأما إن كان ابن وثنيين أو مجوسيين فمقتضى مذهب الأئمة الثلاثة تحريمه ومقتضى مذهب أبي حنيفة حله لأن اعتبار بدين الذابح لا بدين أبيه بدليل أن الإعتبار في قبول الجزية بذلك ولعموم النص والقياس .
فصل : فأما ما ذبحوه لكنائسهم وأعيادهم فننظر فيه فإن ذبحه لهم مسلم فهو مباح نص عليه وقال أحمد و سفيان و الثوري في المجوسي يذبح لإلهه ويدفع الشاة إلى المسلم يذبحها فيسمى : يجوز الأكل منها وقال إسماعيل بن سعيد سألت أحمد عما يقرب لآلهتهم يذبحه رجل مسلم قال لا بأس به وإن ذبحها الكتابي وسمى الله وحده حلت أيضا لأن شرط الحل وجد وإن علم أنه ذكر اسم غير الله عليها أو ترك التسمية عمدا لم تحل قال حنبل سمعت أبا عبد الله قال لا يؤكل يعني ما ذبح لأعيادهم وكنائسهم لأنه أهل لغير الله به وقال في موضع يدعون التسمية على عمد إنما يذبحون للمسيح فأما ما سوى ذلك فرويت عن أحمد الكراهة فيما ذبح لكنائسهم واعيادهم مطلقا وهو قول ميمون بن مهران لأنه ذبح لغير الله وروي عن أحمد إباحته وسئل عنه العرباض بن سارية فقال كلوا وأطعموني وروي مثل ذلك عن أبي أمامه الباهلي وأبي مسلم الخولاني وأكله أبو الدرداء وجبير بن نفير ورخص فيه عمرو بن الأسود ومكحول وضمرة بن حبيب لقول الله تعالى : { وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم } وهذا من طعامهم قال القاضي ما ذبحه الكتابي لعيده أو نجم أو صنم أو نبي فسماه على ذبيحته حرم لقوله تعالى : { وما أهل لغير الله به } وإن سمى الله وحده حل لقول الله تعالى : { فكلوا مما ذكر اسم الله عليه } لكنه يكره لقصده بقلبه الذبح لغير الله