فصول : متفرقات في كيفية محاربة العدو .
فصل : قال الأوزاعي : إذا كان في المطمورة العدو فعلمت انك تقدر عليهم بغير النار فأحب إلي أن يكف عن النار وإن لم يمكن ذلك وأبوا أن يخرجوا فلا أرى بأسا وان كان معهم ذرية قد كان المسلمون يقاتلون بها ونحو ذلك قال سفيان وهشام ويدخن عليهم قال أحمد أهل الشام أعلم بهذا .
فصل : وإن تترسوا في الحرب بنسائهم وصبيانهم جاز رميهم ويقصد المقاتلة لأن النبي A رماهم بالمنجنيق ومعهم النساء والصبيان ولأن كف المسلمين عنهم يفضي إلى تعطيل الجهاد لأنهم متى علموا ذلك تترسوا بهم عند خوفهم فينقطع الجهاد وسواء كانت الحرب ملتحمة أو غير ملتحمة لأن النبي A لم يكن يتحين بالرمي حال التحام الحرب .
فصل : ولو وقفت امرأة في صف الكفار أو على حصنهم فشتمت المسلمين أو تكشفت لهم جاز رميها قصدا لما روى سعيد : حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة قال : [ لما حاصر رسول الله A أهل الطائف أشرفت امرأة فكشفت عن قبلها فقال : ها دونكم فارموها فرماها رجل من المسلمين فما أخطأ ذلك منها ] ويجوز النظر إلى فرجها للحاجة إلى رميها لأن ذلك من ضرورة رميها وكذلك يجوز رميها إذا كانت تلتقط لهم السهام أو تسقيهم أو تحرضهم على القتال لأنها في حكم المقاتل وهكذا الحكم في الصبي والشيخ وسائر من منع من قتله منهم .
فصل : وإن تترسوا بمسلم ولم تدع حاجة إلى رميهم لكون الحرب غير قائمة أو لإمكان القدرة عليهم بدونه أو للأمن من شرهم لم يجز رميهم فان رماهم فأصاب مسلما فعليه ضمانه وان دعت الحاجة إلى رميهم للخوف على المسلمين جاز رميهم لأنها حال ضرورة ويقصد الكفار وإن لم يخف على المسلمين لكن لم يقدر عليهم إلا بالرمي فقال الأوزاعي و الليث : لا يجوز رميهم لقول الله تعالى : { ولولا رجال مؤمنون } الآية قال الليث : ترك فتح حصن يقدر على فتحه أفضل من قتل مسلم بغير حق وقال الأوزاعي : كيف يرمون من لا يرونه ؟ إنما يرمون أطفال المسلمين وقال القاضي و الشافعي : يجوز رميهم إذا كانت الحرب قائمة لأن تركه يفضي إلى تعطيل الجهاد فعلى هذا إن قتل مسلما فعليه الكفارة وفي الدية على عاقلته روايتان : .
إحداهما : يجب لأنه قتل مؤمنا خطأ فيدخل في عموم قوله تعالى : { ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله } .
والثانية : لا دية له لأنه قتل في دار الحرب برمي مباح فيدخل في عموم قوله تعالى : { فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة } ولم يذكر دية وقال أبو حنيفة : لا دية له ولا كفارة فيه لأنه رمي أبيح مع العلم بحقيقة الحال فلم يوجب شيئا كرمي من أبيح دمه .
ولنا الآية المذكورة وأنه قتل معصوما بالإيمان والقاتل من أهل الضمان فأشبه ما لو لم يتترس به