فصول : من لا تجب عليه الصلاة .
فصل : وهذه المسألة تدل على أن الصلاة لا تجب على صبي ولا كافر ولا حائض إذا لو كانت الصلاة واجبة عليهم لم يكن لتخصيص القضاء بهذه الحال معنى وهذا الصحيح في المذهب فأما الحائض فقد ذكرنا حكمها في بابها وأما الكافر فان كان أصليا لم يلزمه قضاء ما تركه من العبادات في حال كفره بغير خلاف نعلمه وقد قال الله تعالى : { قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف } وأسلم في عصر النبي A خلق كثير وبعده فلم يؤمر أحد منهم بقضاء ولأن في إيجاب القضاء عليه تنفيرا عن الإسلام فعفي عنه واختلف أهل العلم في خطابه بفروع الإسلام في حال كفره مع إجماعهم على أنه لا يلزمه قضاؤها بعد إسلامه وحكي عن أحمد في هذا روايتان فأما المرتد فذكر أبو إسحاق بن شاقلا عن أحمد في وجوب القضاء عليه روايتين إحداهما لا يلزمه وهو ظاهر كلام الخرقي في هذه المسألة فعلى هذا لا يلزمه قضاء ما ترك في حال كفره ولا في حال إسلامه قبل ردته ولو كان قد حج لزمه استئنافه لأن عمله قد حبط بكفره بدليل قوله : { لئن أشركت ليحبطن عملك } فصار كالكافر الأصلي في جميع أحكامه والثانية يلزمه قضاء ما ترك من العبادات في حال ردته وإسلامه قبل ردته ولا يجب عليه إعادة الحج لأن العمل إنما يحبط بالأشراك مع الموت لقوله تعالى { ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة } فشرط الأمرين لحبوط العمل وهذا مذهب الشافعي ولأن المرتد أقر بوجوب العبادات عليه واعتقد ذلك وقدر على التسبب إلى ادائها فلزمه ذلك كالمحدث ولو حاضت المرأة المرتدة لم يلزمها قضاء الصلاة في زمن حيضها لأن الصلاة غير واجبة عليها في تلك الحال وذكر القاضي رواية ثالثة أنه لا قضاء عليه لما ترك في حال ردته لأنه تركه في حال لم يكن مخاطبا بها لكفره وعليه قضاء ما ترك في إسلامه قبل الردة ولأنه كان واجبا عليه ومخاطبا به قبل الردة فيبقى الوجوب عليه بحاله قال : وهذا المذهب وهو قول أبي عبد الله بن حامد وعلى هذا لا يلزمه استئناف الحج أن كان قد حج لأن ذمته برئت منه بفعله قبل الردة فلا يشتغل به بعد ذلك كالصلاة التي صلاها في اسلامه ولأن الردة لو أسقطت حجه وأبطلته لأبطلت سائر عبادته المفعولة قبل ردته .
فصل : فأما الصبي العاقل فلانه تجب عليه في أصح الروايتين وعنه أنها تجب على ما بلغ عشرا وسنذكر ذلك أن شاء الله تعالى فعلى قولنا : أنها لا تجب عليه متى صلى في الوقت ثم بلغ فيه بعد فراغه منها وفي اثنائها فعليه اعادتها وبهذا قال أبو حنيفة و قال الشافعي : يجزئه ولا يلزمه اعادتها في الموضعين لأنه أدى وظيفة الوقت فلم يلزمه اعادتها كالبالغ .
ولنا : أنه صلى قبل وجوبها فلم تجزه عما وجد سبب وجوبها عليه كما لو صلى قبل الوقت ولأنه صلى نافلة فلم تجزه عن الواجب كما لو نوى نفلا ولأنه بلغ في وقت العبادة وبعد فعلها فلزمته اعادتها كالحج ووظيفة الوقت في حق البالغ ظهرا واجبة ولم يأت بها .
فصل : والمجنون غير مكلف ولا يلزمه قضاء ما ترك في حال جنونه إلا أن يفيق في وقت الصلاة فيصير كالصبي يبلغ ولا نعلم في ذلك خلافا وقد قال رسول الله A : [ رفع القلم عن ثلاثة : عن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يشب وعن المعتوه حتى يعقل ] اخرجه أبو داود و ابن ماجة و الترمذي وقال : حديث حسن ولأن مدته تطول غالبا فوجدت القضاء عليه يشق فعفي عنه