مسألة وفصلان : وجوب كل من صلاتي الجمع بإدراك وقت الأخرى .
مسألة : قال : وإذا تطهرت الحائض وأسلم الكافر وبلغ الصبي قبل أن تغرب الشمس صلوا الظهر فالعصر وأن بلغ الصبي وأسلم الكافر وطهرت الحائض قبل أن يطلع الفجر صلوا المغرب وعشاء الآخرة .
وروي هذا القول في الحائض تطهر عن عبد الرحمن بن عوف وابن عباس و طاوس و مجاهد و النخعي و الزهري و ربيعة و مالك و الليث و الشافعي و إسحاق و أبي ثور قال الإمام أحمد : عامة التابعين يقولون بهذا القول إلا الحسن وحده قال لا تجب إلا الصلاة التي طهرت في وقتها وحدها وهو قول الثوري وأصحاب الرأي لأن وقت الأولى خرج في حال عذرها فلم تجب كما لو لم يدرك من وقت الثانية شيئا وحكي عن مالك أنه إذا أدرك قدر خمس ركعات من وقت الثانية وجبت الأولى لأن قدر الركعة الأولى من الخمس وقت للصلاة الأولى في حال العذر وجبت بادراكه كما لو أدرك ذلك من وقتها المختار بخلاف ما لو أدرك دون ذلك .
ولنا : ما روى الأثرم و ابن المنذر وغيرهما باسنادهم عن عبد الرحمن بن عوف وعبد الله بن عباس أنهما قالا في الحائض تطهر قبل طلوع الفجر بركعة تصلي المغرب والعشاء فإذا طهرت قبل أن تغرب الشمس صلت الظهر والعصر جميعا ولأن وقت الثانية وقت الأولى حال العذر فإذا أدركه المعذور لزمه فرضها كما يلزمه فرض الثانية .
فصل : والقدر الذي يتعلق به الوجوب قدر تكبيرة الاحرام وقال الشافعي : قدر ركعة لأن ذلك هو الذي روي عن عبد الرحمن وابن عباس ولأنه أدراك تعلق به أدراك الصلاة فلم يكن باقل من ركعة كأدراك الجمعة وقال مالك : خمس ركعات .
ولنا : أن ما دون الركعة تجب به الثانية فوجبت به الأولى كالركعة والخمس عند مالك ولأنه إدراك فاستوى فيه القليل والكثير كإدراك المسافر المقيم فأما الجمعة فإنما اعتبرت الركعة بكمالها لكون الجماعة شرطا فيها فاعتبر إدراك ركعة كي لا يفوته شرطها في معظمها بخلاف مسألتنا .
فصل : وأن أدرك الملكف من وقت الأولى من صلاتي الجمع قدرا تجب به ثم جن أو كانت امرأة فحاضت أو نفست ثم زال العذر بعد وقتها لم تجب الثانية في إحدى الروايتين ولا يجب قضاؤها وهذا اختيار ابن حامد والاخرى يجب ويلزم قضاؤها لأنها احدى صلاتي الجمع فوجبت بإدراك جزء من وقت الأخرى كالأولى ووجه الأولى أنه لم يدرك جزءا من وقتها تبعها فلم تجب كما لو لم يدرك من وقت الأولى شيئا وفارق مدرك وقت الثانية فأنه أدرك وقت تبع الأولى فأن الأولى تفعل في وقت الثانية متبوعة مقصودة يجب تقديمها والبداية بها بخلاف الثانية مع الأولى ن ولأن من لا يجوز الجمع إلا في وقت الثانية ليس وقت الأولى عنده وقتا للثانية بحال فلا يكون مدركا لشيء من وقتها ووقت الثانية وقت لهما جميعا لجواز فعل الأولى في وقت الثانية ومن جوز الجمع في وقت الأولى فأنه يجوز تقديم الثانية رخصة تحتاج إلى نية التقديم وترك التفريق ومتى أخر الأولى إلى الثانية كانت مفعولة واجبة لا يجوز تركها ولا يجب نية جمعها ولا يشترط ترك التفريق بينهما فلا يصح قياس الثانية على الأولى والأصل أن لا تجب صلاة إلا بإدراك وقتها