استحاضة المعتادة المميزة الدم .
فصل : القسم الثالث من أقسام المستحاضة من لها عادة وتمييز وهي من كانت لها عادة فاستحيضت ودمها متميز بعضه أسود وبعضه أحمر فان كان الأسود في زمن العادة فقد اتفقت العادة والتمييز في الدلالة فيعمل بهما وإن كان أكثر من العادة أو أقل ويصلح أن يكون حيضا ففيه روايتان إحداهما يقدم التمييز فيعلم له وتدع العادة وهو ظاهر كلام الخرقي لقوله : فكانت ممن تميز تركت الصلاة في اقباله ولم يفرق بين معتادة وغيرها واشترط في ردها إلى العادة أن لا يكون دمها متصلا وهو ظاهر مذهب الشافعي لأن صفة الدم أمارة قائمة به والعادة زمان منقض ولأنه خارج يوجب الغسل فرجع إلى صفته عند الاشتباه كالمني وظاهر كلام أحمد اعتبار العادة وهو قول أكثر الأصحاب [ لأن النبي A رد أم حبيبة والمرأة التي استفتت لها أم سلمة إلى العادة ولم يفرق ولم يستفصل بين كونها مميزة أو غيرها ] وحديث فاطمة قد روي فيه ردها إلى العادة وفي لفظ آخر ردها إلى التمييز فتعارضت روايتان وبقيت الاحاديث الباقية خالية عن معارض فيجب العمل بها على أن حديث فاطمة قضية عين وحكاية حال يحتمل أنها أخبرته أنها لا عادة لها أو علم ذلك من غيرها أو قرينة حالها وحديث عدي بن ثابت عام في كل مستحاضة فيكون أولى ولأن العادة أقوى لكونها لا تبطل دلالتها واللون إذا زاد على أكثر الحيض بطلت دلالته فما تبطل أقوى وأولى .
فصل : ومن كان حيضها خمسة أيام من أول كل شهر فاستحيضت وصارت ترى ثلاثة أيام دما أسود في أول كل شهر فمن قدم العادة قال : تجلس خمسة في كل شهر كما كات تجلس قبل الاستحاضة ومن قدم التمييز جعل حيضها الثلاثة التي ترى الدم الأسود فيها إلا أنها لا تترك الصلاة في الشهر الأول فيما زاد على الثلاثة لأنا لا نعلم أنها مستحاضة إلا بتجاوز الدم أكثر الحيض ولا نعلم ذلك في الشهر الأول فإذا عبر الدم أكثر الحيض في الشهر الأول علمنا أنه استحاضة فلا تجلس في الثاني ما زاد على الدم الأسود فان رأت في كل شهر عشرة دما أسود ثم صار أحمر واتصل فمن قال : إنها لا تلتفت إلى ما زاد على العادة حتى تتكرر لم يحيضها في الشهرين الأولين أو الثلاثة إلا خمسة قدر عادتها ومن قال : إنها إذا زادت على العادة جلسته بأول مرة أجلسها في الشهر الأول خمسة عشر يوما ثم تغتسل وتصلي وفي الثاني تجلس أيام العادة وهي الخمسة الاولى من الشهر عند من يقدم العادة على التمييز ومن قدم التمييز ولم يعتبر فيه التكرار أجلسها العشرة كلها فإذا تكرر ثلاثة أشهر على هذا الوصف فقال القاضي : تجلس العشرة في الشهر الرابع على الروايتين جميعا لأن الزيادة على العادة تثبت بتكرر الأسود ويحتمل أن لا تجلس زيادة على عادتها على قول من يقدم العادة على التمييز لأنها لو جعلنا الزائد على العادة من التمييز حيضا بتكرره لجعلنا الناقص عنها استحاضة بتكرره فكانت لا تجلس فيما إذا رأت ثلاثة أسود ثم صار أحمر أكثر من الثلاثة والأمر بخلاف ذلك .
فصل : فإن كان حيضها خمسا من أول شهر فاستحيضت فصارت ترى خمسة أسود ثم يصير أحمر ويتصل فالأسود حيض بلا خلاف لموافقته زمن العادة والتمييز وإن رأت مكان الأسود أحمر ثم صار أسود وعبر سقط حكم الأسود لعبوره أكثر الحيض وكان حيضها الأحمر لموافقته زمن العادة وأن رأت مكان العادة أحمر ثم خمسة أسود ثم صار أحمر واتصل فمن قدم العادة حيضها أيام العادة وإذا تكرر الأسود فقال القاضي : يصير حيضا وأما من يقدم التمييز فانه يجعل الأسود وحده حيضا