مسألة وفصل : استحاضة الناسية لعادتها ثلاثة أحوال .
مسألة : قال : فان كانت لها أيام نسيتها فانها تقعد ستا أو سبعا في كل شهر .
هذه من القسم الرابع من أقسام المستحاضة وهي من لا عادة لها ولا تمييز وهذا القسم نوعان أحدهما الناسية ولها ثلاثة أحوال احدها ان تكون ناسية لوقتها وعددها وهذه يسميها الفقهاء المتحيرة والثانية أن تنسى عددها وتذكر وقتها والثالثة أن تذكر عددها وتنسى وقتها فالناسية لهما هي التي ذكر الخرقي حكمها وأنها تجلس في كل شهر ستة أيام أو سبعة يكون ذلك حيضها ثم تغتسل وهي فيما بعد ذلك مستحاضة تصوم وتصلي وتطوف وعن أحمد أنها تجلس أقل من الحيض ثم أن كانت تعرف شهرها وهومخالف للشهر المعروف جلست ذلك من شهرها وأن لم تعرف شهرها جلست من الشهر المعروف لأنه الغالب وقال الشافعي في الناسية لهما : لا حيض لها بيقين وجميع زمنها مشكوك فيه تغتسل لكل صلاة وتصلي وتصوم ولا يأتيها زوجها وله قول آخر أنا تجلس اليقين وقال بعض أصحابه : الأول أصح لأن هذه لها أيام معروفة ولا يمكن ردها إلى غيرها فجميع زمانها مشكوك فيه وقد [ روت عائشه أن أم حبيبة استحيضت سبع سنين فسألت النبي A فأمرها أن تغتسل لكل صلاة ] متفق عليه .
ولنا : ما [ روت حمنة بنت جحش قالت : كنت استحاض حيضة كبيرة شديدة فأتيت النبي A استفتيه فوجدته في بيت أختي زينت بنت جحش فقلت يا رسول الله : إني استحاض حيضة كبيرة شديدة فما تأمرني فيها ؟ قد منعتني الصيام والصلاة قال : انعت لك الكرسف فأنه يذهب الدم قلت : هو اكثر من ذلك إنما اثج ثجا فقال النبي A : سآمرك امرين ايهما صنعت اجزأ عنك فان قويت عليهما فأنت أعلم - فقال - إنما هي ركضة من الشيطان فتحيضي ستة أيام أو سبعة أيام في علم الله ثم اغتسلي فإذا رأيت أنك قد طهرت واستنقأت فصلي رابعا وعشرين ليلة أو ثلاثا وعشرين ليلة وأيامها وصومي فان ذلك يحزئك وكذلك فافعلي كما تحيض النساء وكما يطهرن لميقات حيضهن وطهرهن فان قويت أن تؤخري الظهر وتعجلي العصر ثم تغتسلين حتى تطهرين وتصلين الظهر والعصر جميعا ثم تؤخرين المغرب وتعجلين العشاء ثم تغتسلين وتجمعين بين الصلاتين وتغتسلين للصبح فافعلي وصومي أن قويت على ذلك فقال رسول الله A وهو اعجب الأمرين إلي ] رواه أبو داود و الترمذي وقال : حديث حسن صحيح قال وسألت محمدا عنه فقال هو حديث حسن وحكي ذلك عن أحمد أيضا وهو بظاهره يثبت الحكم في حق الناسية لأن النبي A لم يستفصلها هل هي مبتدأة أو ناسية ولو افترق الحال لاستفصل وسأل واحتمال أن تكون ناسية أكثر فان حمنة امرأة كبيرة كذلك قال أحمد : ولم يسألها النبي A عن تمييزها لأنه قد جرى من كلامها من تكثير الدم وصفته ما أغنى عن السؤال عنه ولم يسألها هل لها عادة فيردها إليها لاستغنائه عن ذلك لعلمه إياه إذ كان مشتهرا وقد أمر به أختها أم حبيبة فلم يبق إلا أن تكون ناسية ولأن لها حيضا لا تعلم قدره فيرد إلى غالب عادات النساء كالمبتدأة ولأنها عادة لها ولا تمييز فأشبهت المتبدأة وقولهم : لها أيام معروفة قلنا : قد زالت المعرفة فصار وجودها كالعدم وأما أمره أم حبيبة بالغسل لكل صلاة فانما هو ندب كأمره لحمنة في هذا الخبر فان أم حبيبة كانت معتادة ردها إلى عادتها وهي التي استفتت لها أم سلمة على أن حديث أم حبيبة إنما روي عن الزهري وأنكره الليث بن سعد فقال : لم يذكر ابن شهاب أن رسول الله A أمر أم حبيبة أن تغتسل لكل صلاة ولكنه شيء فعلته هي .
فصل : قوله ستا أو سبعا الظاهر أنه ردها إلى اجتهادها ورأيها فيما يغلب على ظنها أنه اقرب إلى عادتها أو عادة نسائها أو ما يكون أشبه بكونه حيضا ذكره القاضي في بعض المواضع وذكر في موضع آخر أنه خيرها بين ست وسبع لا على طريق الاجتهاد كما خير واطىء الحائض بين التكفير بدينار أو نصف دينار بدليل أن حرف أو للتخيير والأول أن شاء الله أصح لأنا لو جعلناها مخيرة افضى إلى تخييرها في اليوم السابع بين أن تكون الصلاة عليها واجبة وبين كونها محرمة وليس لها في ذلك خيرة بحال أما التكفير ففعل اختياري يمكن التخيير بين أخراج دينار أو نصف دينار والواجب نصف دينار في الحالين لأن الواجب لا يتخير بين فعله وتركه وقولهم : ان ( أو ) للتخيير قلنا : وقد يكون للاجتهاد كقوله تعالى : { فإما منا بعد وإما فداء } وإما كأو في وضعها وليس للامام في الأسرى إلا فعل ما يؤديه إليه اجتهاده انه الإصلاح