مسألة وفصول : حكم المسح على العصابة والجبيرة .
مسألة : قال : وإذا شد الكسير الجبائر وكان طاهرا ولم يعد بها موضع الكسر مسح عليها كلما أحدث إلى أن يحلها .
الجبائر ما يعد لوضعه على الكسر لينجبر وقوله : ولم يعد بها موضع الكسر أراد لم يتجاوز إلا بما لا بد من وضع الجبيرة عليه فان الجبيرة إنما توضع على طرفي الصحيح ليرجع الكسر قال الخلال : كأن أبا عبدالله استحب أن يتوقى أن يبسط الشد على الجرح بما يجاوزه ثم سهل في مسألة الميموني و المروذي لأن هذا مما لا ينضبط وهو شديد جدا ولا بأس بالمسح على العصائب كيف شدها والصحيح ما ذكرناه إن شاء الله لأنه إذا شدها على مكان يستغنى عن شدها عليه كان تاركا لغسل ما يمكنه غسله من غير ضرر فلم يجز كما لو شدها على ما لا كسر فيه فإذا شدها على طهارة وخاف الضرر بنزعها فله أن يمسح عليها إلى أن يحلها وممن رأى المسح على العصائب ابن عمر وعبيد بن عمير وعطاء وأجاز المسح على الجبائر الحسن و النخعي و مالك و إسحاق و المزني و أبو ثور أصحاب الرأي وقال الشافعي : في أحد قوليه يعيد كل صلاة صلاها لأن الله تعالى أمر بالغسل ولم يأت أمر بالغسل ولم يأت به .
ولنا : [ ما روى علي Bه قال : انكسرت احدى زندي فأمرني النبي A أن أمسح على الجبائر ] رواه ابن ماجة وحديث جابر في الذي أصابته الشجة ولأ ه قول ابن عمر ولم يعرف له في الصحابة مخالف ولأنه مسح على حائل أبيح له المسح عليه فلم تجب معه الإعادة كالمسح على الخف .
فصل : ويفارق مسح الجبيرة مسح الخف من خمسة أوجه أحدها أنه لا يجوز المسح عليها إلا عند الضرر بنزعها والخف بخلاف ذلك والثاني أنه يجب استيعابها بالمسح لأنه ضرر في تعميمها به بخلاف الخف فأنه يشق تعميم جميعه ويتلفه المسح وإن كان بعضها في محل الفرض وبعضها في غيره مسح ما حاذى محل الفرض نص عليه أحمد الثالث أنه يمسح على الجبيرة من غير توقيت بيوم وليلة ولا ثلاثة أيام لأن مسحها للضرورة فيقدر بقدرها والضرورة تدعو في مسحها إلى حلها فيقدر بذلك دون غيره الرابع أنه يمسح عليها في الطهارة الكبرى بخلاف غيرها لأن الضرر يلحق بنزعها فيها بخلاف الخف الخامس أنه لا يشترط تقدم الطهارة على شدها في إحدى الروايتين اختاره الخلال وقال : قد روى حرب و إسحاق و المروذي في ذلك سهولة عن أحمد واحتج بابن عمر وكأنه ترك قوله الأول وهو أشبه لأن هذا مما لا يضبط ويغلظ على الناس جدا فلا بأس به ويقوي هذا حديث جابر في الذي أصابته الشجة فإنه قال : إنما كان يجزئه أن يعصب على جرحه خرقه ويمسح عليها ولم يذكر الطهارة كذلك أمر عليا أن يمسح على الجبائر ولم يشترط طهارة ولا المسح عليها جاز دفعا لمشقة نزعها ونزعها يشق إذا لبسها على غير طهارة كمشقته إذا لبسها على طهارة والراوية الثانية لا يمسح عليها إلا أن يشدها على طهارة وهو ظاهر كلام الخرقي لأنه حائل يمسح عليه فكان من شرط المسح عليه تقدم الطهارة كسائر الممسوحات فعلى هذا إذا لبسها علىغير طهارة ثم خاف من نزعها تيمم لها وكذا إذا تجاوز بالشد عليها موضع الحاجة وخاف من نزعها تيمم لها لأنه موضع يخاف الضرر باستعمال الماء فيه فيتيمم له كالجرح نفسه .
فصل : ولا يحتاج مع مسحها إلى تيمم ويحتمل أن يتيمم مع مسحها فيما إذا تجاوز بها موضع الحاجة لأن ما على موضع الحاجة يقتضي المسح والزائد يقتضي التيمم وكذلك فيما إذا شدها على غير طهارة لأنها مختلف في إباحة المسح عليها فإذا قلنا لا يمسح عليها كان فرضها التيمم وعلى القول الآخر يكون فرضها المسح فإذا جمع بينهما خرج من الخلاف ومذهب الشافعي في الجمع بينهما قولان في الجملة لحديث جابر في الذي أصابته الشجة .
ولنا : أنه محل واحد فلا يجمع فيه بين بدليلن كالخف ولأنه ممسوح في طهارةفلم يجب له التيمم كالخف وصاحب الشجة الظاهر أنه لبسها غير وضوء .
فصل : ولا فرق بين كون الشد على كسر أو جرح قال أحمد : إذا توضأ وخاف على جرحه الماء مسح على الخرقة وحديث جابر في صاحب الشجة إنما هو في المسح على عصابة جرح لأن الشجة اسم لجرح الرأس خاصة ولأنه حائل موضع يخاف الضرر بغسله فأشبه الشد على الكسر وكذلك إن وضع على جرحه دواء وخاف من نزعه مسح عليه نص عليه أحمد قال الأثرم : سألت أبا عبد الله عن الجرح يكون بالرجل يضع عليه الدواء فيخاف إن نزع الدواء إذا أراد الوضوء أن يؤذيه قال : ما أدري ما يؤذيه ؟ ولكن إذا خاف على نفسه أو خوف من ذلك مسح عليه وروى الأثرم بإسناده عن ابن عمر أنه خرجت بابهامه قرحة فألقمها مرارة فكان يتوضأ عليها .
ولو انقطع ظفر إنسان أو كان بأصبعه جرح خاف إن أصابه الماء أن يزرق الجرح جاز المسح عليه نص عليه أحمد وقال القاضي : في اللصوق على الجرح إن لم يكن في نزعه ضرر نزعه وغسل الصحيح ويتيمم للجرح ويمسح على موضع الجرح فإن كان في نزعه ضرر فحكمه حكم الجبيرة يمسح عليه