فصل : التيمم عن النجاسة .
وإن كانت على بدنه نجاسة وعجز عن غسلها لعدم الماء أو خوف الضرر باستعماله تيمم لها وصلى قال أحمد : هو بمنزلة يتمم وروي معنى ذلك عن الحسن وروي عن الأوزاعي و الثوري و أبي ثور يمسحها بالتراب ويصلي لأن طهارة النجاسة إنما تكون في محل النجاسة دون غيره وقال القاضي : يحتمل أن يكون معنى قول أحمد إنه بمنزلة الجنب الذي يتيمم أي أنه يصلي على حسب حاله كما يصلي الجنب الذي يتيمم وهذا قول الاكثرين من الفقهاء لأن الشرع إنما ورد بالتيمم للحدث وغسل النجاسة ليس في معناه لأنه إنما يؤتى به في محل النجاسة لا في غيره ولأن مقصود الغسل إزالة النجاسة ولا يحصل ذلك بالتيمم .
ولنا [ قوله عليه السلام : الصعيد الطيب طهور المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين ] و [ قوله : جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ] ولأنها طهارة في البدن تراد للصلاة فجاز لها التيمم عند عدم الماء أو خوف الضرر باستعماله كالحدث ويفارق الغسل التيمم فانه في طهارة الحدث يؤتى به في غير محله فيما إذا تيمم لجزح في رجله أو موضع من بدنه غير وجهه ويديه بخلاف الغسل وقولهم : لم يرد به الشرع قلنا : هو داخل في عموم الأخبار وفي معنى طهارة الحدث لما ذكرنا فإذا ثبت هذا فإنه إذا تيمم للنجاسة وصلى فهل يلزمه الإعادة ؟ على روايتين وقال أبو الخطاب : إن كان على جرحه نجاسة يستضر بإزالتها تيمم وصلى ولا إعادة عليه وإن تيمم للنجاسة عند عدم الماء وصلى لزمته الإعادة عندي وقال أصحابنا : لا تلزمه الإعادة لقوله عليه السلام : [ التراب كافيك ما لم تجد الماء ] ولأنها طهارة ناب عنها التيمم فلم تجب الإعادة فيها كطهارة الحدث وكما تيمم لنجاسة على جرحه يضره إزالتها ولأنه لو صلى من غير تيمم لم تلزمه الإعادة فمع التيمم أولى فأما إن كانت النجاسة على ثوبه أو غير بدنه فانه لا يتمم لها لأن التيمم طهارة في البدن فلا ينوب عن غير البدن كالغسل ولأن غير البدن لا ينوب فيه الجامد عند العجز بخلاف البدن