مسألة : صلاة فرضين بتيمم واحد .
مسألة : قال : وإذا تيمم صلى الصلاة التي حضر وقتها وصلى به فوائت إن كانت عليه والتطوع إلى أن يدخل وقت صلاة أخرى .
المذهب أن التيمم يبطل بخروج الوقت ودخوله ولعل الخرقي إنما علق بطلانه بدخول وقت صلاة أخرى تجوزا منه إذا كان خروج وقت الصلاة ملازما لدخول وقت الأخرى إلا في موضع واحد وهو وقت الفجر فإنه يخرج منفكا عن دخول وقت الظهر : ويبطل التيمم بكل واحد منهما فلا يجوز أن يصلي به صلاتين في وقتين روي ذلك عن علي وابن عمر وابن عباس Bهم و الشعبي و النخعي و قتادة و يحيى الأنصاري و ربيعة و مالك و الشافعي و الليث و إسحاق و روى الميموني عن أحمد في المتيمم قال : إنه ليعجبني أن يتيمم لكل صلاة ولكن القياس أنه بمنزلة الطهارة حتى يجد الماء أو يحدث لحديث النبي A في الجنب يعني [ قول النبي A : أبا ذر الصعيد الطيب طهور المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين فإذا وجدت الماء فأمسه بشرتك ] وهو مذهب سعيد بن المسيب و الحسن و الزهري و الثوري و أصحاب الرأي وروي عن ابن عباس وأبي جعفر لأنها طهارة تبيح الصلاة فلم تتقدر بالوقت كطهارة الماء .
ولنا : ما روى الحارث عن علي Bه أنه قال : التيمم لكل صلاة وابن عمر : تيمم لكل صلاة ولأنها طهارة ضرورة فتقيدت بالوقت كطهارة المستحاضة وطهارة الماء ليست للضرورة بخلاف مسألتنا والحديث أراد به أن يشبه الوضوء في إباحة الصلاة ولا يلزم التساوي في جميع الأحكام إذا ثبت هذا فإنه إذا نوى بتيممه مكتوبة فله أن يصلي به ما شاء من الصلاة فيصلي الحاضرة ويجمع بين الصلاتين ويقضي فوائت ويتطوع قبل الصلاة وبعدها هذا قول أبي ثور وقال مالك و الشافعي : لا يصلي به فرضين وقد روي عن أحمد أنه قال : لا يصلي بالتيمم إلا صلاة واحدة ثم يتيمم للأخرى وهذا يحتمل أن يكون مثل قولهما لما روي عن ابن عباس أنه قال : من السنة أن لا يصلي بالتيمم إلا صلاة واحدة ثم يتيمم للأخرى وهذا مقتضى سنة النبي A ولأنها طهارة ضرورة فلا يجمع بها بين فريضتين كما لو كانا في وقتين .
ولنا : أنه طهارة صحيحة أباحت فرضا فأباحت فرضين كطهارة الماء لأنه بعد الفرض الأول تيمم صحيح مبيح للتطوع نوى به المكتوبة فكان له أن يصلي به فرضا كحالة ابتدائه ولأن الطهارة في الأصول إنما تتقيد بالوقت دون الفعل كطهارة الماسح على الخف وهذه في النوافل وطهارة المستحاضة ولأن كل تيمم أباح صلاة أباح ما هو من نوعها بدليل صلاة النوافل وأما حديث ابن عباس فيرويه الحسن بن عمارة وهو ضعيف قم يحتمل أنه أراد أن يصلي به صلاتين في وقتين بدليل أنه يجوز أن يصلي به صلوات من التطوع ويجمع بين صلاتين فرض ونفل وإنما امتنع الجمع بين فرضي وقتين لبطلان التيمم بخروج وقت الأولى منهما - إذا ثبت هذا فإن الخرقي إنما ذكر قضاء الفوائت والتطوع ولم يذكر الجميع بين الصلاتين وكذا ذكر الإمام أحمد فيحتمل أن لا يجوز الجمع بين الصلاتين وهو مذهب أبو ثور والصحيح جواز الجمع لما ذكرنا من الأدلة ولأن ما أباح فرضين فائتين أباح فرضين في الجمع كسائر الطهارات وقال الماوردي : ليس للمتيمم أن يجمع بين صلاتين بحال لأن الصلاة الثانية تفتقر إلى تيمم والتيمم يفتقر إلى طلب والطلب يقطع الجمع ومن شرطه الموالاة يعني على مذهب الشافعي وهذا ينبغي أن يتقيد بالجمع في وقت الأولى فأما الجمع في وقت الثانية فلا تشترط له الموالاة في الصحيح فإن قيل : فكيف يمكن قضاء الفوائت والترتيب شرط فيجب تقديم الفائتة على الحاضرة فكيف تتأخر الفائتة عنها ؟ قلنا : يمكن ذلك لوجوه أحدها أن يقدم الفائتة على الحاضرة الثاني أن ينسى الفائتة ثم يذكرها بعد الحاضرة الثالث أن يخشى فوات وقت الحاضرة فيصليها ثم يصلي في بقية الوقت فوائت الرابع أنه إذا كثرت الفوائت بحيث لا يمكن قضاؤها قبل خروج وقت الحاضرة فله أن يصلي الحاضرة في جماعة في أول الوقت ويقدمها على الفوائت في إحدى الراويتين فإنه لا بد من تقديمها على بعض الفوائت فلا فائدة في تأخيرها ولأنه لو لزم تأخيرها إلى آخر للزم ترك الجماعة للحاضرة بالكلية