فصل : التيمم للبرد الشديد .
فصل : وإن خاف من شدة البرد وأمكنه أن يسخن الماء أو يستعمله على وجه يأمن الضرر مثل أن يغسل عضوا عضوا كلما غسل شيئا ستره لزمه ذلك وإن لم يقدر تيمم وصلى في قول أكثر أهل العلم وقال عطاء و الحسن : يغتسل وإن مات لم يجعل الله له عذرا ومقتضى قول ابن مسعود أنه لا يتمم فإنه قال : لو رخصنا لهم في هذا لأوشك أحدهم إذا برد عليه الماء أن يتيمم ويدعه .
ولنا قول الله تعالى : { ولا تقتلوا أنفسكم } وقوله تعالى : { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } وروى أبو داود و أبو بكر الخلال بإسنادهما [ عن عمرو بن العاص قال : احتلمت في ليلة باردة في غزوة ذات السلاسل فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك فتيممت ثم صليت بأصحابي الصبح فذكروا ذلك للنبي A فقال : يا عمرو أصليت بأصحابك وأنت جنب ؟ فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال وقلت : إني سمعت الله D يقول : { ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما } فضحك رسول الله A ولم يقل شيئا ] وسكوت النبي A يدل على الجواز لأنه لا يقر على الخطأ ولأنه خائف على نفسه فأبيح له التيمم كالجريح والمريض وكما لو خاف على نفسه عطشا أو لصا أو سبعا في طلب الماء وإذا تيمم وصلى فهل يلزمه الإعادة ؟ على روايتين إحداهما لا يلزمه وهو قول الثوري و مالك و أبي حنيفة و ابن المنذر لحديث عمرو فإن النبي A لم يأمره بالإعادة ولو وجبت لأمره بها ولأنه خائف على نفسه أشبه المريض ولأنه عذر نادر غير متصل فلم يمنع الإعادة كنسيان بالتيمم والثانية يلزمه الإعادة وهو قول أبي يوسف و محمد لأنه عذر نادر غير متصل فلم يمنع الإعادة كنسيان الطهارة والأول أصح ويفارق نسيان الطهارة لأنه لم يأت بما أمر به وإنما ظن أنه أتى به بخلاف مسألتنا وقال أبو الخطاب : لا إعادة عليه إن كان مسافرا وإن كان حاضرا فعلى روايتين وذلك لأن الحضر مظنة القدرة على تسخين الماء ودخول الحمامات بخلاف السفر وقال الشافعي : يعيد إن كان حاضرا وإن كان مسافرا فعلى قولين