فصل : مراعاة الترتيب حين الجمع بين الماء والتيمم .
فصل : إذا كان الجريح جنبا فهو مخير إن شاء قدم التيمم على الغسل وإن شاء أخره بخلاف ما إذا كان التيمم لعدم ما يكفيه لجميع أعضائه فإنه يلزمه استعمال الماء أولا لأن التيمم للعدم ولا يتحقق مع وجود وههنا التيمم للعجز على استعماله في الجرح وهو متحقق على كل حال ولأن الجريح يعلم أن التيمم بدل عن غسل الجرح والعادم لما يكفي جميع أعضائه لا يعلم القدر الذي يتيمم له إلا بعد استعمال الماء وفراغه فلزمه تقديم استعماله وإن كان الجريح يتطهر للحدث الأصغر فذكر القاضي أنه يلزمه الترتيب فيجعل التيمم في مكان الغسل الذي يتيمم بدلا عنه فإن كان الجرح في وجهه بحيث لا يمكنه غسل شيء منه لزمه التيمم أولا ثم يتيمم الوضوء وإن كان في بعض وجهه خير بين غسل صحيح وجهه ثم تيمم وبين أن يتيمم ثم يغسل صحيح وجهه ويتمم وضوءه وإن كان الجرح في عضو آخر لزمه غسل ما قبله ثم كان فيه على ما ذكرنا في الوجه فإن كان في وجهه ويديه ورجليه احتاح في كل عضو إلى تيمم في محل غسله ليحصل الترتيب ولو غسل صحيح وجهه ثم تيمم له وليديه تيمما واحدا لم يجزه لأنه يؤدي إلى سقوط الفرض عن جزء من الوجه واليدين في حالة واحدة فإن قيل : يبطل هذا التيمم عن جملة الطهارة حيث يسقط الفرض عن جميع الأعضاء جملة واحدة ؟ قلنا : إذا كان عن جملة الطهارة فالحكم له دونها وإن كان عن بعضها ناب عن ذلك البعض فاعتبر فيه ما يعتبره فيما ينوب عنه من الترتيب ويحتمل أن لا يجب هذا الترتيب لأن التيمم طهارة مفردة فلا يجب الترتيب بينها وبين الطهارة الأخرى كما لو كان الجريح جنبا ولأنه تيمم عن الحدث الأصغر فلم يجب أن يتيمم عن كل عضو في موضع غسله كما لو تيمم عن جملة الوضوء ولأن في هذا حرجا وضررا فيندفع بقوله تعالى : { وما جعل عليكم في الدين من حرج } وحكى الماوردي عن مذهب الشافعي مثل هذا وحكى ابن الصباغ عنه مثل القول الأول .
فصل : وإن تيمم الجريح لجرح في بعض أعضائه ثم خرج الوقت بطل تيممه ولم تبطل طهارته بالماء إن كانت غسلا لجنابة أو نحوها لأن الترتيب والموالاة غير واجبين فيها وإن كانت وضوءا وكان الجرح في وجهه خرج بطلان الوضوء على الوجهين اللذين في الفصل الذي قبل فمن أوجب الترتيب أبطل الوضوء ههنا لأن طهارة العضو الذي ناب التيمم عنه بطلت فلو لم يبطل فيما بعده لتقدمت طهارة ما بعده عليه فيفوت الترتيب ومن لم يوجب الترتيب لم يبطل الوضوء وجوز له أن يتيمم لا غير وإن كان الجرح في إحدى رجليه أو فيهما فعلى قول من لا يوجب الترتيب بين الوضوء والتيمم لا تجب الموالاة بينهما أيضا وعليه التيمم وحده ومن أوجب الترتيب فقياس قوله أن يكون في الموالاة وجهان بناء على الموالاة في الوضوء وفيها روايتان : إحداهما تجب فتجب ههنا ويبطل الوضوء لفواتها والثانية لا تجب فيكفيه التيمم وحده ويحتمل أن لا تجب الموالاة بين الوضوء والتيمم وجها واحدا لأنهما طهارتان فلم تجب الموالاة بينهما كسائر الطهارات ولأن في إيجابها حرجا فينتفي بقوله سبحانه : { وما جعل عليكم في الدين من حرج }