فصل : التيمم لمرض أو جرح .
فصل : واختلف في الخوف المبيح للتيمم فروي عن أحمد لا يبيحه إلا خوف التلف وهذا أحد قولي الشافعي وظاهر أنه يباح له التيمم إذا خاف زيادة أو تبأطؤ البرء أو خاف شيئا فاحشا أو ألما محتمل وهذا مذهب أبي حنيفة والقول الثاني ل الشافعي وهو الصحيح لعموم قوله تعالى : { وإن كنتم مرضى أو على سفر } ولأنه يجوز له التيمم إذا خاف ذهاب شيء من ماله أو ضررا في نفسه من لص أو سبع أو لم يجد الماء بزيادة على ثمن مثله كثيرة فلأن يجوز ههنا أولى ولأن ترك القيام في الصلاة وتأخير الصيام لا ينحصر في خوف التلف وكذلك ترك الاستقبال فكذا ههنا فأما المريض أو الجريح الذي لا يخاف الضرر باستعمال الماء مثل من به الصداع والحمى الحارة أو أمكنه استعمال الماء الحار ولا ضرر عليه فيه لزمه ذلك لأن إباحة التيمم لنفي الضرر ولا ضرر عليه ههنا وحكي عن مالك و داود إباحة التيمم للمريض مطلقا لظاهر الآية .
ولنا أنه واجد للماء لا يستضر باستعماله فلم يجز له التيمم كالصحيح والآية اشتراط فيها عدم الماء فلم يتناول محل النزاع على أنه لا بد فيها من إضماء الضرورة والضرورة إنما تكون عند الضرر ومنها أن الجريح والمريض إذا أمكنه غسل بعض جسده دون بعض لزمه غسل ما أمكنه وتيمم للباقي وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة و مالك : إن كان أكثر بدنه صحيحا غسله ولا تيمم عليه وإن أكثره جريحا تيمم ولا غسل عليه لأن الجمع بين البدل والمبدل لا يجب كالصيام والاطعام .
ولنا ما روى جابر قال : [ خرجنا في سفر فأصاب رجلا منا شجة ثم احتلم فسأل أصحابه هل تجدون لي رخصة في التيمم ؟ قالوا ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء فاغتسل فمات فلما قدمنا على النبي A أخبر بذلك فقال : قتلوه قتلهم الله ألا سألوا إذ لم يعلموا ؟ فإنما شفاء العي السؤال إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصب على جرحه ثم يمسح عليه ثم يغسل سائر جسده ] رواه أبو داود وعن ابن عباس مثله لأن كل جزء من الجسد يجب تطهيره بشيء إذا استوى الجسم كله في المرض أو الصحة فيجب ذلك فيه وإن خالفه غيره كما لو كان من جملة الأكثر فإن حكمه لا يسقط بمعنى في غيره وما ذكروه ينتقض بالمسح على الخفين مع غسل بقية أعضاء الوضوء ويفارق ما قاسوا عليه فأنه جمع بين البدل والمبدل في محل واحد بخلاف هذا فإن التيمم بدل عما لم يصبه الماء دون ما أصابه .
فصل : ما لا يمكن غسله من الصحيح إلا بانتشار الماء إلى الجريح حكمه حكم الجريح فإن لم يمكنه ضبطه وقدر أن يستنيب من يضبطه لزمه ذلك فإن عجز عن ذلك تيمم وصلى وأجزأه لأنه عجز عن غسله فأجزأه التيمم عنه كالجريح