مسألة وفصول : صفة التيمم .
مسألة قال : والتيمم ضربة واحدة .
المسنون عند أحمد التيمم بضربة واحدة فإن تيمم جاز وقال القاضي : الاجزاء يحصل بضربة والكمال ضربتان والمنصوص ما ذكرناه قال الأثرم : قلت ل أبي عبد الله : التيمم ضربة واحدة ؟ فقال : نعم ضربة واحدة للوجه والكفين ومن قال ضربتين فإنما هو شيء زاده قال الترمذي : وهو قول غير واحد من أهل العلم من أصحاب رسول الله A وغيرهم منهم علي وعمار وابن عباس و عطاء و الشعبي و مكحول و الأوزاعي و مالك و إسحاق قال الشافعي : لا يجزيء التيمم للوجه واليدين إلى المرفقين وروي ذلك عن ابن عمر وابنه سالم و الحسن و الثوري وأصحاب الرأي لما روى ابن الصمة [ أن النبي A تيمم فمسح وجهه وذراعيه ] وروى ابن عمر وجابر وأبو أمامة [ أن النبي A قال : التيمم ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين ] ولأنه يدل يؤتى به في محل مبدله وكان حده عنهما واحدا كالوجه .
ولنا : ماروى عمار قال : [ بعثني النبي A في حاجة فاجنبت فلم أجد الماء فتمرغت في الصعيد كما تمرغ الدابة ثم أتيت النبي A فذكرت ذلك له فقال : إنما يكفيك أن تقول بيديك هكذا ثم ضرب بيديه الأرض ضربة واحدة ثم مسح الشمال على اليمين وظاهر كفيه ووجهه ] متفق عليه ولأنه حكم علق على مطلق اليدين فلم يدخل فيه الذراع كقطع السارق ومس الفرج وقد احتج ابن عباس بهذا فقال إن الله تعالى قال في التيمم : { فامسحوا بوجوهكم وأيديكم } وقال : { والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما } وكانت السنة في القطع من الكفين إنما هو الوجه والكفان يعني التيمم وأما أحاديثهم فضعيفة قال الخلال : الأحاديث في ذلك ضعيفة جدا ولم يرو منها أصحاب السنن إلا حديث ابن عمر وقال أحمد ليس بصحيح عن النبي A إنما هو عن ابن عمر وهو عندهم حديث منكر وقال الخطابي : يرويه محمد بن ثابت وهو ضعيف وقال ابن عبد البر : لم يروه غير محمد بن ثابت وبه يعرف ومن أجله ضعف عندهم وهو حديث منكر وحديث ابن الصمة صحيح لكن إنما جاء في المتفق عليه فمسح وجهه ويديه فيكون حجة لنا لأن ما علق على مطلق اليدين لا يتناول الذراعين ثم أحاديثهم لا تعارض حديثنا فإنها تدل على جواز التيمم بضربتين ولا ينفي ذلك جواز التيمم بضربة كما أن ضوء النبي A ثلاثا ثلاثا لا ينفي الاجزاء مرة واحدة وإن قيل فقد روي في حديث عمار إلى المرفقين ويحتمل أنه أراد بالكفين اليدين إلى المرفقين ؟ قلنا : أما حديثه إلى المرفقين فلا يعول عليه إنما رواه سلمة وشك فيه فقال له منصور : ما تقول فيه فإنه لا يذكر الذراعين أحد غيرك ؟ فشك وقال : لا أدري أذكر الذراعين أم لا قال ذلك النسائي فلا يثبت مع الشك وقد أنكر عليه وخالف به سائر الرواة الثقاة فكيف يلتفت إلى مثل هذا وهو لو انفرد لم يعول عليه ولم يحتج به وأما التأويل فباطل لوجوه أحدهما أن عمارا الراوي له لفعل النبي A في التيمم للوجه والكفين عملا بالحديث وقد شاهد فعل النبي A لا احتمال فيه والثاني أنه قال ضربة واحدة وهم يقولون ضربتان الثالث أننا لا نعرف في اللغة التعبير بالكفين عن الذراعين والرابع أن الجمع بين الخبرين بما ذكرناه من أن كل واحد من الفعلين جائز أقرب من تأويلهم وأسهل وقياسهم ينتقض بالتيمم عن الغسل الواجب فإنه ينقص عن المبدل وكذلك في الوضوء فإنه في أربعة أعضاء والتيمم في عضوين وكذا نقول في الوجه فإنه لا يجب مسح ما تحت الشعور الخفيفة ولا المضمضة والاستنشاق .
فصل : ولا يختلف المذهب أنه يجزىء التيمم بضربة واحدة وبضربتين وإن التيمم بأكثر من ضربتين جاز أيضا لأن المقصود إيصال التراب إلى محل الفرض فكيفما حصل جاز كالوضوء .
فصل فان وصل التراب إلى وجهه ويديه بغير ضرب نحو أن ينسف الريح عليه غبارا يعمه فإن كان عمد ذلك وأحضر النية احتمل أن يجزئه كما لو صمد للمطر حتى جرى على أعضائه والصحيح أنه لا يجزئه لأنه لم يمسح به وقد أمر الله تعالى بالمسح به فإن مسح وجهه بما على وجهه احتمل أن يجزئه لأنه مسح بالتراب واحتمل أن لا يجزئه لأن الله تعالى أمر بقصد الصعيد والمسح به ولم يأخذ الصعيد وإن لم يكن قصد الريح ولا صمد لها فأخذ غير ما على جهه فمسح وجهه به جاز وأن أمر ما على وجهه منه على وجهه لم يجزه لأنه لم يأخذ التراب لوجهه .
فصل : إذا علا علا يديه تراب كثير لم يكره نفخه فان في حديث عمار [ أن النبي A ضرب بكفيه الأرض ونفخ فيهما ] قال أحمد : لا يضره فعل أو لم يفعل وأن كان خفيفا فقال أصحابنا يكره نفخه رواية واحدة فان ذهب ما عليها بالنفخ لم يجزه حتى يعيد الضرب لأنه مأمور بالمسح بشيء من الصعيد