فصل : تحديد القلتين .
فصل : اختلف أصحابنا هل القلتان خمسمائة رطل تحديدا أو تقريبا قال أبو الحسن الأمدي : الصحيح أنها تحديد وهو ظاهر قول القاضي وأحد الوجهين لأصحاب الشافعي لأن اعتبار ذلك كان احتياطا وما اعتبر احتياطا كان واجبا كغسل جزء من الرأس مع الوجه وإمساك جزء من الليل مع النهار في الصوم ولأنه قدر يدفع النجاسة عن نفسه فاعتبر تحقيقه كالعدد في الغسلات والصحيح أن ذلك تقريب لأن الذين نقلوا تقدير القلال لم يضبطوهما بحد إنما قال ابن جريج القلة تسع قربتين أو قربتين وشيئا وقال يحيى بن عقيل : أظنها تسع قربتين وهذا لا تحديد فان قولهما يدل على انهما قربا الأمر والشيء الزائد عن القربتين مشكوك فيه مع أنه يقع على المجهول والظاهر قلته لأن لفظه يدل على تقارب ما بين الأمرين المذكورين وكلما قل الشيء كان اقرب الى القربتين وكلام أحمد يد لعلى هذا فإنه روي عنه ان القلة قربتان وروي قربتان ونصف وروي وثلث وهذا يدل على أنه لم يحد في ذلك حدا ثم ليس للقربة حد معلوم فان القرب تختلف اختلافا كثيرا فلا تكاد قربتان تتفقان في حد واحد لهذا لو اشترى منه شيئا مقدرا بالقرب أو أسلم في شيء محدود بالقرب لم يجز ذلك ولأن النبي A قد علم أن الناس لا يكيلون الماء ولا يزنونه فلم يكن ليعرفهم الحد بما لا يعرف به وإنما أراد أن من وجد ماء فيه نجاسة فظنه مقاربا للقلتين توضأ منه وان ظنه ناقصا عنهما من غير مقاربة لهما تركه وفائدة هذا أن من اعتبر التحديد فنقص عن الحد شيئا يسيرا لم يعف عنه ونجس بورود النجاسة عليه ومن قال بالتقريب عفي عن النقص اليسير عنده وتعلق الحكم بما يقارب القلتين وإن شك في بلوغ الماء قدرا يدفع النجاسة أو لا يدفعها ففيه وجهان أحدهما يحكم بطهارته لأنه كان طاهرا قبل وقوع النجاسة فيه وشك هل ينجس به أو لا فلا يزول اليقين بالشك الثاني يحكم بنجاسته لأن الأصل قلة الماء فنبني عليه ويلزم من ذلك النجاسة