فصل : كيفية الاستجمار .
فصل : وكيفما حصل الانقاء في الاستجمار أجزأه وذكر القاضي أن المستحب أن يمر الحجر الأول من مقدم صفحته اليمنى إلى مؤخرها ثم يديره على اليسرى ثم يرجع به إلى الموضع الذي بدأ منه ثم يمر الثاني من مقدم صفحته اليسرى كذلك ثم يمر الثالث على المسربة والصفحتين لقول النبي A : [ أولا يجد أحدكم حجرين للصفحتين وحجرا للمسربة ؟ ] رواه الدار قطني وقال : إسناده حسن وينبغي أن يعم المحل بكل واحد من الأحجار لأنه إذا لم يعم به كان تلفيقا فيكون بمنزلة مسحة واحدة ولا يكون تكرارا ذكر هذا الشريف أبو جعفر و ابن عقيل وقالا معنى الحديث البداية بهذه المواضع ويحتمل أن يجزئه لكل جهة مسحة لظاهر الخبر والله أعلم .
فصل : ويجزئه الاستجمار في النادر كما يجزئ في المعتاد ولأصحاب الشافعي وجه أنه لا يجزئ في النادر قال ابن عبد البر : ويحتمل أن يكون قول مالك - لأن النبي A أمر بغسل الذكر من المذي والأمر يقتضي الوجوب قال ابن عبد البر : واستدلوا بأن الآثار كلها على إختلاف ألفاظها وأسانيدها ليس فيها ذكر استنجاء إنما هو الغسل ولأن النادر لا يتكرر فلا يبقى اعتبار الماء فيه فوجب كغسل غير هذا المحل .
ولنا : أن الخبر عام في الجميع وإن الاستجمار في النادر إنما وجب لما صحبه من بلة المعتاد ثم إن لم يشق فهو في محل المشقة فتعتبر مظنة المشقة دون حقيقتها كما جاز الاستجمار على نهر جار وأما المذي فمعتاد كثير وربما كان بعض الناس أكثر من البول قال علي بن أبي طالب Bه : كنت رجلا مذاء فقال النبي A : [ ذاك ماء الفحل ولكل فحل ماء ] وقال سهل بن حنيف : كنت رجلا مذاء فكنت أكثر منه الاغتسال ولهذا أوجب مالك منه الوضوء وهو لا يوجبه من النادر فليس هو من مسألتنا ويجب غسل الذكر منه والانثيين في إحدى الروايتين تعبدا والأخرى أنه لا يجب وأمر A بغسله للاستحباب قياسا على سائر ما يخرج والله أعلم .
فصل : ولا يستجمر بيمينه لقول سلمان في حديثه أنه لينهانا أن يستنجي بيمينه رواه مسلم وروى أبو قتادة أن رسول الله A قال : [ لا يمسكن أحدكم ذكره بيمينه ولا يتمسح من الخلاء بيمينه ] متفق عليه فإن كان يستنجي من غائط أخذ الحجر بشمالة فمسح به وإن كان يستنجي من البول وكان الحجر كبيرا أخذ ذكره بشماله فمسح به وإن كان صغيرا فأمكنه أن يضعه بين عقبيه أو بين أصابعه ويمسح ذكره عليه فعل وأن لم يمكنه أمسكه بيمينه ومسح بيساره لموضع الحاجة وقيل : يمسك بيمينه ويمسح بشماله ليكون المسح بغير اليمين والأول أولى لقول النبي A : [ لا يمسكن أحدكم ذكره بيمينه ] وإذا أمسك الحجر باليمين ومسح الذكر عليه لم يكن ماسحا باليمين ولا ممسكا للذكر بها وإن كان أقطع اليسرى أو بها مرض استجمر بيمينه للحاجة ولا يكره الاستعانة بها في الماء لأن الحاجة داعية إليه وإن استجمر بيمينه مع الغنى عنه أجزأه في قول أكثر أهل العلم وحكي عن بعض أهل الظاهر أنه لا يجزئه لأنه منهي عنه فلم يفد مقصوده كما لو استنجى بالروث والرمة فإن النهي يتناول الأمرين والفرق بينهما أن الروث آلة الاستجمار المباشرة للمحل وشرطه فلم يجز استعمال المنهي عنه فيها واليد ليست المباشرة للمحل ولا شرطا فيه إنما يتناول بها الحجر الملاقي للمحل فصار النهي عنها تأديب لا يمنع الاجزاء