باب الاستطابة والحدث .
مسألة : ليس على من نام أو حرجت منه ريح استجمار والاستجمار لما خرج من السبيلين .
الاستطابة هي الاستنجاء بالماء أو بالأحجار يقال استطاب إذا استنجى سمي استطابة لأنه يطيب جسده بإزالة الخبث عنه قال الشاعر : يهجو رجلا .
( يا رخما قاظ على عرقوب ... يعجل كف الخارئ المطيب ) .
والاستنجاء استفعال من نجوت الشجرة أي قطعتها فكأنه قطع الأذى عنه وقال ابن قتيبة هو مأخوذ من النجوة وهي ما ارتفع من الأرض لأن من أراد قضاء الحاجة استتر بها والاستجمار استفعال من الجمار وهي الحجارة الصغار لأنه يستعملها في استجماره .
مسألة : قال : وليس على من نام أو خرجت منه ريح استنجاء .
ولا نعلم في هذا خلافا قال أبو عبد الله : ليس في الريح استنجاء في كتاب الله ولا في سنة رسوله إنما عليه الوضوء وقد روي عن النبي A : [ من استنجى من ريح فليس منا ] رواه الطبراني في معجمه الصغير وعن زيد بن أسلم في قوله تعالى : { إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم } إذا قمتم ولم يأمر بغيره فدل على أنه لا يجب ولأن الوجوب من الشرع ولم يرد بالاستنجاء ههنا نص ولا هو في معنى المنصوص عليه لأن الاستنجاء إنما شرع لإزالة النجاسة ولا نجاسة ههنا .
مسألة : قال : والاستنجاء لما خرج من السبيلين .
هذا فيه إضمار وتقديره والاستنجاء واجب فحذف خبر الابتداء اختصارا وأراد ما خرج غير الريح لأنه قد بين حكمها وسواء كان الخارج معتادا كالبول والغائط أو نادرا كالحصا والدود والشعر رطبا أو يأبسا ولو احتقن فرجعت أجزاء خرجت من الفرج أو وطئ رجل امرأته دون الفرج فدب ماؤه إلى فرجها ثم خرج منه فعليهما الاستنجاء لأنه خارج من السبيل فأشبه الغائط المستحجر والقياس أن لا يجب من ناشق لا ينجس المحل للمعنى الذي ذكرنا في الريح وهو قول الشافعي وهكذا الحكم في الطاهر وهو المني إذا حكمنا بطهارته والقول بوجوب الاستنجاء في الجملة قول أكثر أهل العلم وحكي عن ابن سيرين فيمن صلى بقوم ولم يستنج لا أعلم به بأسا وهذا يحتمل أن يكون فيمن لم يلزمه الاستنجاء كمن لزمه الوضوء لنوم أو خروج ريح أو من ترك الاستنجاء ناسيا فيكون موافقا لقول الجماعة ويحتمل أنه لم ير وجوب الاستنجاء وهذا قول أبي حنيفة لقول النبي A : [ من استجمر فليوتر من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج ] رواه أبو داود ولأنها نجاسة يكتفى فيها بالمسح فلم تجب إزالتها كيسير الدم .
ولنا : قول النبي A [ إذا ذهب أحدكم إلى العائط فليذهب معه بثلاثة أحجار فإنها تجزئ عنه ] رواه أبو داود وقال : [ لا يستنجي أحدكم بدون ثلاثة أحجار ] رواه مسلم وفي لفظ ل مسلم : لقد نهانا أن نستنجي بدون ثلاثة أحجار فأمر والأمر يقتضي الوجوب وقال : : [ فإنها تجزئ عنه ] والاجزاء إنما يستعمل في الواجب ونهى عن الاقتصار على أقل من ثلاثة والنهي يقتضي التحريم وإذا حرم ترك بعض النجاسة فترك جميعها أولى وقال ابن المنذر : ثبت أن رسول الله A قال : [ لا يكفي أحدكم دون ثلاثة أحجار ] وأمر بالعدد في أخبار كثيرة وقوله : [ لا حرج ] يعني في ترك الوتر لا في ترك الاستجمار لأن المأمور به في الخبر الوتر فيعود نفي الحرج إليه وأما الاجتزاء بالمسح فيه فلمشقة الغسل لكثرة تكرره في محل الاستنجاء