النهي عن بيع بيعين في بيعة .
مسألة : قال : وإذا قال بعتك بكذا على أن آخذ منك الدينار بكذا لم ينعقد البيع وكذلك إن باعه بذهب على أن يأخذ منه دراهم بصرف ذكراه .
وجملته ذلك أن البيع بهذه الصفة باطل لأنه شرط في العقد أن يصافه بالثمن الذي وقع العقد به والمصارفة عقد بيع فيكون بيعتان في بيعة قال أحمد : هذا معنا وقد روى أبو هريرة قال : [ نهى رسول الله A عن بيعتين في بيعة ] أخرجه الترمذي وقال حديث حسن صحيح وروي أيضا عن عبد الله بن عمر عن النبي A وهكذا كل ما كان في معنى هذا مثل أن يقول بعتك داري هذه على أن أبيعك داري الأخرى بكذا أو على أن تبيعني دارك أو على أن أؤجرك أو على أن تؤجرني كذا أو على أن تزوجني ابنتك أو على أو على أن أزوجك ابنتي ونحو هذا فهذا كله لا يصح قال ابن مسعود : الصفقتان في صفقة ربا وهذا قول أبي حنيفة و الشافعي وجمهور العلماء وجوزه مالك وقال : لا أتلفت إلى اللفظ الفاسد إذا كان معلوما حلالا فكأنه باع السلعة بالدراهم التي ذكر أنه يأخذها بالدنانير ولنا الخبر وأن النهي يقتضي الفساد ولأن العقد لا يجب بالشرط لكونه لا يثبت في الذمة فيسقط فيفسد العقد لأن البائع لم يرض به إلا بذلك الشرط فإذا فات فات الرضا ولأنه شرط عقدا في عقد لم يصح كنكاح الشغار وقله لا أتلفت إلى اللفظ لا يصح لأن البيع هو اللفظ فإذا كان فاسدا فيكف يكون صحيحا ؟ ويتخرج أن يصح البيع ويفسد الشرط يناء على ما لو شرط ما ينافي مقتضى العقد كما سبق والله أعلم .
فصل : وقد روي في تفسير بيعتين وجه آخر وهو أن يقول بعتك هذا العبد بعشرة نقدا أو بخمسة عشر نسيئة أو بعشرة مكسرة أو تسعة صحاحا هكذا فسره مالك و الثوري و إسحاق وهو أيضا باطل وهو قول الجمهور لأنه لم يجزم له ببيع واحد فأشبه ما لو قال : بعتك هذه وأو هذا ولأن الثمن مجهول فلم يصح كالبيع بالرقم المجهول ولأن أحد العوضين غير معين ولا معلوم فلم يصح كما لو قال : بعتك أحد عبيدي وقد روي عن طاوس و الحكم و حماد أنهم قالوا لا بأس أن يقول أبيعك بالنقد بكذا وبالنسيئة بكذا فيذهب على أحدها وهذا محمول على أنه جرة بينهما بعد ما يجري في العقد فكأن المشتري قال : أنا آخذه بالنسيئة بكذا فقال : خذه أو قد رضيت ونحو ذلك فيكون عقدا كافيا وإن لم يوجد ما يقوم مقام الإيجاب أ ويدل عليه فلم يصح لأن ما مضى من القول لا يصلح أن يكون إيجابا لما ذكرناه وقد روي عن أحمد فيمن قال : ان خطته اليوم فلك درهم وان خطته غدا فلك نصف درهم أنه يصح فيحتمل أن يحلق به هذا البيع فيخرج وجها في الصحة ويحتمل أن يفرق بينهم من حيث أن العقد ثم يمكن أ يصح لكنه جعالة يحتمل فيها الجهالة بخلاف البيع ولأن العمل الذي يستحق هب الأجرة لا يمكن وقوع إلا على إحدى الصفقتين فتتعين الأجرة المسماة عوضا له فلا يفضي إلى التنازع وههنا بخلافه