نعم لو أزالها مجنون أو مغمى عليه أو صبي غير مميز على الصحيح في المجموع لم تلزمه الفدية .
والفرق بين هؤلاء وبين الجاهل والناسي أنهما يعقلان فعلهما فينسبان إلى تقصير بخلاف هؤلاء .
على أن الجاري على قاعدة الإتلاف وجوبها عليهم أيضا ومثلهم في ذلك النائم .
ولو أزيل ذلك بقطع جلد أو عضو لم يجب فيه شيء لأن ما أزيل تابع غير مقصود بالإزالة وشبهوه بالزوجة تقتل فلا يجب مهرها على القاتل .
ولو أرضعتها زوجته الأخرى لزمها نصف المهر لأن البضع في تلك تلفه تبعا بخلافه في هذه .
أما إذا لم يوال بأن أزالها في ثلاث أماكن أو في مكان واحد ولم يتحد الزمان فيجب عليه في كل واحدة منها ما يجب عليه لو انفردت وهو مد كما سيأتي .
وحكم ما فوق الثلاث حكمها كما فهم بالأولى حتى لو حلق شعر رأسه وشعر بدنه ولاء أو أزال أظفار يديه ورجليه كذلك لزمه فدية واحدة لأنه يعد فعلا واحدا . " .
والأظهر أن في " إزالة " الشعرة " الواحدة أو الظفر الواحد أو بعض شيء من أحدهما " مد طعام وفي الشعرتين " أو الظفرين " مدين " لأن تبعيض الدم فيه عسر والشارع قد عدل الحيوان بالإطعام في جزاء الصيد وغيره .
والشعرة الواحدة هي النهاية في القلة والمد أقل ما وجب في الكفارات فقوبلت الشعرة به .
والثاني في الشعرة درهم وفي الثنتين درهمان لأن الشاة كانت تقوم في عصره A بثلاثة دراهم فاعتبرت تلك القيمة عند الحاجة إلى التوزيع .
والثالث في الشعرة ثلث دم وفي الثنتين ثلثا دم عملا بالتقسيط .
ومحل الخلاف المذكور إذا اختار الدم فإن اختار الصيام ففي الواحدة منهما صوم يوم وفي الاثنتين صوم يومين أو الطعام ففي واحدة صاع وفي اثنتين صاعان نقل ذلك الإسنوي عن العمراني وغيره وقال إنه متعين لا محيد عنه .
قال بعضهم وكلام العمراني إن ظهر على قولنا الواجب ثلث دم لا يظهر على قولنا الواجب مد إذ يرجع حاصله إلى أنه مخير بين المد والصاع والشخص لا يتخير بين الشيء وبعضه .
وجوابه المنع فإن المسافر مخير بين ( 1 / 522 ) القصر والإتمام وهو تخيير بين الشيء وبعضه .
ولو انسل منه شعرة وشك هل سله المشط بعد انتتافه أو نتفه فلا فدية لأن النتف لم يتحقق والأصل براءة الذمة .
ويكره كما في المجموع أن يمتشط وأن يفلي رأسه ولحيته وأن يحك شعره لا جسده بأظفاره لا بأنامله . " .
وللمعذور " في الحلق لإيذاء قمل أو وسخ أو حر أو جراحة أو نحو ذلك " أن يحلق ويفدي " لقوله تعالى " فمن كان منكم مريضا " الآية .
وفي الصحيحين عن كعب بن عجرة قال في أنزلت هذه الآية أتيت رسول الله A فقال ادن فدنوت فقال أيؤذيك هوام رأسك قال ابن عوف وأظنه قال نعم قال فأمرني بفدية من صيام أو صدقة أو نسك .
تنبيه .
قال الإسنوي وكذا تلزمه الفدية في كل محرم أبيح للحاجة إلا لبس السراويل والخفين المقطوعين كما مر لأن ستر العورة وقاية الرجل عن النجاسة مأمور بهما فخفف فيهما .
والحصر فيما قاله قال شيخنا ممنوع أو مؤول فقد استثني صور لا فدية فيها منها ما إذا أزال ما نبت من الشعر في عينه وتأذى به ومنها ما إذا أزال قدر ما يغطيها من شعر رأسه وحاجبيه إذا طال بحيث ستر بصره ومنها ما لو انكسر ظفره فقطع المؤذي منه فقط .
ويأثم الحالق بلا عذر لارتكابه محرما .
ولو حلق شخص رأس محرم وهو قادر على منعه أو أحرقت نار شعره وهو قادر على دفعها لزمته الفدية لتفريطه فيما عليه حفظه .
ولو أذن له في الحلق كان الحكم كذلك لإضافة الفعل إليه .
فإن قيل المباشرة مقدمة على الأمر فلم قدم عليها أجيب بأن محل ذلك ما إذا لم يعد نفعه على الآمر بخلاف ما إذا عاد كما لو غصب شاة فأمر قصابا بذبحها لم يضمنها إلا الغاصب .
فإن حلق بلا إذن منه وليس قادرا على منعه أو كان نائما أو نحو ذلك كانت الفدية على الحالق ولو حلالا لأنه المقصر وللمحلوق مطالبته بها لأنها وجبت بسببه ولأن نسكه يتم بأدائها فكان له المطالبة بها .
ولو أخرجها المحلوق بغير إذن من الحالق لم تسقط عنه بخلاف قضاء الدين لأن الفدية شبيهة بالكفارة فإن أذن له في إخراجها سقطت .
ويجوز للمحرم حلق شعر الحلال ولو أمر شخص آخر أن يحلق شعر محرم نائم أو نحوه فحلق فالفدية على الآمر إن جهل الحالق الحال أو كان أعجميا يعتقد طاعة آمره أو أكره على ذلك وإلا فعلى الحالق . " .
الرابع " من المحرمات " الجماع " بالإجماع ولو لبهيمة في قبل أو دبر .
ويحرم على المرأة الحلال تمكين زوجها المحرم من الجماع لأنه إعانة على معصية .
ويحرم على الحلال جماع زوجته المحرمة .
وقد يفهم كلامه إن غير الجماع لا يحرم وليس مرادا بل تحرم المباشرة فيما دون الفرج بشهوة قبل التحللين وعليه دم وكذا الاستمناء باليد ويجب عليه الدم إن أنزل .
لكن يسقط عنه الدم في الصورتين إن جامع بعد ذلك لدخوله في بدنة الجماع . " .
وتفسد به العمرة " المفردة قبل الفراغ منها أما غير المفردة فهي تابعة للحج صحة وفسادا . " .
وكذا " يفسد " الحج " بالجماع المذكور " قبل التحلل الأول " قبل الوقوف بإجماع وبعده خلافا .
لأبي حنيفة لأنه وطء صادف إحراما صحيحا لم يحصل فيه التحلل الأول فأشبه ما قبل الوقوف ولو كان المجامع في العمرة أو الحج رقيقا أو صبيا مميزا للنهي عنه في الحج لقوله تعالى " فلا رفث " أي لا ترفثوا فلفظه خبر ومعناه النهي إذ لو بقي على الخبر امتنع وقوعه في الحج لأن أخبار الله تعالى صدق قطعا مع أن ذلك وقع كثيرا والأصل في النهي اقتضاء الفساد وقاسوا العمرة على الحج .
أما غير المميز من صبي أو مجنون فلا يفسد ذلك بجماعه وكذا الناسي والجاهل والمكره .
تنبيه .
قوله قبل التحلل الأول قيد في الحج خاصة كما تقرر لأن العمرة ليس لها إلا تحلل واحد كما مر .
واحترز به عما إذا وقع الجماع بعده فإن الحج لا يفسد به وكذا العمرة التابعة له كما تقدم وقيل تفسد وكلام المصنف يفهمه .
ولو أحرم مجامعا لم ينعقد إحرامه على الأصح في زوائد الروضة ولو أحرم حال النزع صح في أحد أوجه يظهر ترجيحه لأن النزع ليس بجماع . " .
ويجب به " أي الجماع المفسد لحج أو عمرة على الرجل " بدنة " بصفة الأضحية لقضاء الصحابة رضي الله تعالى عنهم بذلك .
وخرج بالجماع المفسد مسألتان إحداهما أن يجامع في الحج بين التحللين الثانية أن يجامع ( 1 / 523 ) ثانيا بعد جماعه الأول قبل التحللين ففي الصورتين إنما يلزمه شاة .
وبالرجل المرأة وإن شملتها عبارته فإنها على الخلاف المار في الصوم فلا فدية عليها على الصحيح سواء أكان الواطىء زوجا أم غيره محرما أم حلالا وإن كانت عبارة المجموع تدل على أنها إذا كانت محرمة دونه أن عليها الفدية .
ولنا هنا طريقة قاطعة باللزوم بخلاف الصوم .
وقيل إن كان الواطىء لا يتحمل عنها فعليها الفدية .
واعلم أن البدنة حيث أطلقت في كتب الحديث والفقه المراد بها البعير ذكرا كان أو أنثى وشرطها أن تكون في سن الأضحية كما مر ولا تطلق هذه على غير هذا .
وأما أهل اللغة فقال كثير منهم أو أكثرهم إنها تطلق على البعير والبقرة وحكى المصنف في التهذيب والتحرير عن الأزهري أنها تطلق على الشاة ووهم في ذلك .
فإن لم يجد البدنة فبقرة فإن لم يجدها فسبع شياه فإن لم يجدها قوم البدنة واشترى بقيمتها طعاما وتصدق به فإن عجز صام عن كل مد يوما .
وسيأتي إن شاء الله تعالى بيان مراتب الدماء . " .
و " يجب المضي " في فاسده " أي المذكور من حجة أو عمرة لإطلاق قوله تعالى " وأتموا الحج والعمرة لله " فإنه لم يفصل بين الصحيح والفاسد وروي ذلك عن إفتاء جمع من الصحابة ولا يعرف لهم مخالف .
والمراد بالمضي فيه أن يأتي بما كان يأتي به قبل الجماع ويتجنب ما كان يتجنبه قبله فإن ارتكب محظورا لزمته الفدية في الأصح وهذا بخلاف سائر العبادات لا يلزمه المضي في فاسدها للخروج منها بالفساد إذ لا حرمة لها بعده .
نعم يجب إمساك بقية النهار في صوم رمضان كما مر وإن خرج منه لحرمة زمنه . " .
و " يجب " القضاء " اتفاقا " وإن كان نسكه تطوعا " لأنه يلزم بالشروع فيه فصار فرضا بخلاف باقي العبادات .
وإذا جامع صبي أو عبد فسد نسكه ويجزئه القضاء حال الصبا والرق .
ويلزم المفسد في القضاء الإحرام مما أحرم به في الأداء من ميقات أو قبله من دويرة أهله أو غيرها فإن كان جاوز الميقات ولو غير مريد نسكا لزمه في القضاء الإحرام منه إلا إن سلك فيه غير طريق الأداء فإنه يحرم من قدر مسافة الإحرام في الأداء إن لم يكن جاوز فيه الميقات غير محرم وإلا أحرم من قدر مسافة الميقات .
وعلم من ذلك أنه لو أفرد الحج ثم أحرم بالعمرة من أدنى الحل ثم أفسدها كفاه أن يحرم في قضائها من أدنى الحل وأنه لا يتعين عليه سلوك طريق الأداء لكن يشترط أن يحرم من قدر مسافته .
ولا يلزمه في القضاء أن يحرم في الزمن الذي أحرم فيه بل له التأخير عنه والتقديم عليه في الوقت الذي يجوز الإحرام فيه وفارق المكان فإنه ينضبط بخلاف الزمان .
ولو أفسد القضاء الثاني بالجماع فعليه بدنة وقضاء واحد لأن المقضي واحد فلا يلزمه أكثر منه . " .
والأصح أنه " أي قضاء الفاسد " على الفور " لأنه وإن كان وقته موسعا يضيق بالشروع فيه .
واستشكل تسمية ذلك قضاء بأن من أفسد الصلاة ثم أعادها في الوقت كانت أداء لا قضاء لوقوعها في وقتها الأصلي خلافا للقاضي .
وأجاب السبكي بأنهم أطلقوا القضاء هنا على معناه اللغوي وبأنه يتضيق بالإحرام وإن لم يتضيق وقت الصلاة لأن آخر وقتها لم يتغير بالشروع فيها فلم يكن يفعلها بعد الإفساد موقعا لها في غير وقتها والنسك بالشروع فيه تضيق وقته ابتداء وانتهاء فإنه ينتهي بوقت الفوات ففعله في السنة الثانية خارج وقته فصح وصفه بالقضاء .
وأيد ولده في التوشيح الأول بقول ابن يونس إنه أداء لا قضاء وتصور قضاء العمرة على الفور واضح .
وأما الحج فيتصور عام الإفساد بأن يتحلل بعد للإحصار ثم يطلق من الحصر أو بان يرتد بعد أو يتحلل كذلك لمرض شرط التحلل به ثم يشفي والوقت باق فيشتغل بالقضاء .
ولو خرجت المرأة لقضاء نسكها لزم الزوج زيادة نفقة السفر من زاد وراحلة ذهابا وإيابا لأنها غرامة تتعلق بالجماع فلزمته كالكفارة ولو غضبت لزمه الإنابة عنها من ماله ومؤنة الموطوءة بزنا أو شبهة عليها .
وأما نفقة الحصر فلا تلزم الزوج إلا أن يكون معها ويسن افتراقهما من حين الإحرام إلى أن يفرغ التحللان وافتراقهما في مكان الجماع آكد للاختلاف في وجوبه .
فروع لو أفسد مفرد نسكه فتمتع في القضاء أو قرن جاز وكذا عكسه .
ولو أفسد القارن نسكه لزمه بدنة واحدة لانضمام العمرة في الحج ولزمه دم للقران الذي أفسده لأنه لزم بالشروع فلا يسقط بالإفساد ولزمه دم آخر للقران الذي التزمه بالإفساد في القضاء ولو أفرده لأنه متبرع بالإفراد .
ولو فات القارن الحج لفوات الوقوف فاتت العمرة تبعا له ولزمه دمان ( 1 / 524 ) دم للفوات ودم لأجل القران وفي القضاء دم ثالث .
ولو ارتد في أثناء نسكه فسد إحرامه فيفسد نسكه كصومه وصلاته فلا كفارة عليه ولا يمضي فيه وإن أسلم لعدم ورود شيء فيهما بخلاف الجماع فإنه وإن أفسد به نسكه لم يفسد به إحرامه حتى يلزمه المضي في فاسده كما مر . " .
الخامس " من المحرمات " اصطياد كل " صيد " مأكول بري " وحشي كبقر وحش ودجاجة وحمامة . " .
قلت وكذا المتولد منه " أي المأكول البري الوحشي " ومن غيره " كمتولد بين حمار وحشي وحمار أهلي أو بين شاة وظبي " والله أعلم " .
أما الأول فلقوله تعالى " وحرم عليكم صيد البر " أي أخذه " ما دمتم حرما " .
وأما الثاني فللاحتياط .
وإنما لم تجب الزكاة في المتولد بين زكوي وغيره لأنها من باب المواساة .
وخرج بما ذكر ما تولد بين وحشي غير مأكول وإنسي مأكول كالمتولد بين ذئب وشاة وما تولد بين غير مأكولين أحدهما وحشي كالمتولد بين حمار وذئب وما تولد بين أهليين أحدهما غير مأكول كالبغل فلا يحرم التعرض لشيء منها . " .
و " حينئذ " يحرم ذلك " أي اصطياد المأكول البري والمتولد منه ومن غيره " في الحرم على الحلال " بالإجماع كما قاله في المجموع ولو كان كافرا ملتزم الأحكام ولخبر الصحيحين أنه A يوم فتح مكة قال إن هذا البلد حرام بحرمة الله لا يعضد شجره ولا ينفر صيده رواه الشيخان أي لا يجوز تنفير صيده لمحرم ولا حلال فغير التنفير أولى .
وقيس بمكة باقي الحرم . " .
فإن أتلف " من حرم عليه ما ذكر " صيدا " مما ذكر مملوكا أو غير مملوك " ضمنه " بما يأتي لقوله تعالى " لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا " الآية .
وقيس بالمحرم الحلال في الحرم الآتي ذكره بجامع حرمة التعرض فيضمن سائر أجزائه كشعر وريش بالقيمة وكذا لبنه ويضمن أيضا ما تلف في يده ولو وديعة كالغاصب لحرمة إمساكه بخلاف ما لو أدخل الحلال معه إلى الحرم صيدا مملوكا له لا يضمنه بل له إمساكه فيه وذبحه والتصرف فيه كيف شاء لأنه صيد حل .
ولو دل المحرم آخر على صيد ليس في يده فقتله لم يضمنه لأنه لم يلتزم حفظه أو في يده والقاتل حلال ضمن المحرم لأنه ترك حفظه وهو واجب عليه فصار كالمودع إذا دل سارقا على الوديعة .
ولو رمى صيدا قبل إحرامه فأصابه بعده أو عكس ضمن تغليبا لحالتي الإحرام فيهما وفارق ذلك ما لو رمى إلى مسلم فارتد ثم أصابه فقتل بأنه مقصر بما أحدثه من إهداره .
ولو نصب نحو شبكة وهو محرم أو في الحرم ضمن ما وقع فيها وتلف سواء أنصبها في مكة أم في غيره ووقع الصيد قبل التحلل أم بعده أم بعد موته .
ولو نصبها للخوف عليها من مطر ونحوه لم يضمن كما يدل عليه كلام الرافعي .
ولو نصبها في غير الحرم وهو حلال ثم أحرم لم يضمن .
ولو أرسل المحرم كلبا أو حل رباطه والصيد حاضر أو غائب ثم ظهر فقتله ضمن كحلال فعل ذلك في الحرم وكذا لو انحل بتقصيره .
ولو رمى صيدا فنفذ منه إلى صيد آخر فقتلهما ضمنهما لأنه لا فرق في الضمان بين العامد والخاطىء والجاهل بالتحريم والناسي للإحرام والتعمد في الآية خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له لكن يستثنى من الضمان مسائل منها ما لو باض حمام أو غيره في فراشه أو نحوه وفرخ ولم يمكن دفعه إلا بالتعرض له ففسد بذلك .
ومنها ما لو انقلب عليه في نومه فأفسده أو جن فقتل صيدا .
فإن قيل هذا إتلاف والمجنون فيه كالعاقل .
أجيب بأنه وإن كان إتلافا فهو حق لله تعالى ففرق فيه بين من هو من أهل التمييز وغيره وتقدم مثل ذلك في حلق الشعر ويأتي أيضا ما تقدم هناك .
ومنها ما لو أخذ الصيد تخليصا من سبع أو مداويا له أو ليتعهده فمات في يده .
ومنها ما لو صال عليه فقتله دفعا فلا ضمان في الجميع ولو اضطر المحرم وأكل الصيد بعد ذبحه ضمن وكذا لو أكره المحرم على قتله ضمنه ويرجع بما غرمه على المكره له .
تنبيه .
قول المصنف في الحرم حال من ذا المشار به إلى الاصطياد وهو متعلق بالصائد والمصيد صادق بما إذا كان في الحرم أو أحدهما فيه .
والآخر في الحل كأن رمى من الحرم صيدا في الحل أو عكسه أو أرسل كلبا في الصورتين فيضمن في جميع ذلك أو رمى صيدا من الحل إلى الحل فاعترض السهم الحرم ضمن .
وفي مثله إرسال الكلب إنما يضمن ( 1 / 525 ) إذا لم يكن للصيد مهرب إلا بالدخول في الحرم .
ولو أرسل الكلب في الحل إلى الصيد في الحل فدخل الحرم فقتله فيه أو قتل فيه صيدا غيره لم يضمن بخلاف نظيرهما في السهم .
ولو رمى صيدا بعض قوائمه في الحرم فقتله ضمن .
ولو سعى الصيد من الحرم إلى الحل فقتله الحلال أو سعى من الحل إلى الحل ولكن سلك في أثناء سعيه الحرم فإنه لا ضمان قطعا قاله في المجموع .
ولو ذبح المحرم الصيد أو الحلال صيد الحرم صار ميتة وحرم عليه أكله بالإجماع كما في المجموع ولأنه إذا حرم ما أعان عليه فما ذبحه أولى .
وهل يتأبد عليه التحريم أم مدة إحرامه قولان أظهرهما الأول وعليه الجزاء لله تعالى وضمنه لمالكه ويحرم أكله على غيره حلالا كان أو محرما لأنه ممنوع من الذبح لمعنى فيه كالمجوسي .
ولو كسر المحرم أو الحلال في الحرم بيض صيد أو قتل جرادا كذلك ضمنه ولم يحرم على غيره كما صححه في المجموع في موضع وجزم به ابن المقري في روضه ويحرم عليه ذلك تغليظا عليه .
ولو حلب لبن صيد ضمنه بقيمته خلافا للروياني .
ولا يملك المحرم الصيد بالبيع والهبة وقبول الوصية ونحو ذلك بناء على أن ملكه يزول عنه بالإحرام لأن من يمنع من إدامة الملك فأولى أن يمنع من ابتدائه ولأنه A أهدي إليه حمار وحش فرده فلما رأى ما في وجه المهدي فقال إنا لم نرده عليك إلا إنا حرم فليس له قبضه فإن قبضه بشراء أو عارية أو وديعة لا هبة وأرسله ضمن قيمته للمالك وسقط الجزاء بخلافه في الهبة لا ضمان لأن العقد الفاسد كالصحيح في الضمان والهبة غير مضمونة وإن رده لمالكه سقطت القيمة لا الجزاء ما لم يرسل ويملكه بالإرث ولا يزول ملكه عنه إلا بإرساله كما صرح بتصحيحه في المجموع لدخوله في ملكه قهرا .
ويجب إرساله كما لو أحرم وهو في ملكه فلو باعه صح وضمن الجزاء ما لم يرسل حتى لو مات في يد المشتري لزم البائع الجزاء .
وإن كان في ملكه صيد فأحرم زال ملكه عنه ولزمه إرساله لأنه لا يراد الدوام فتحرم استدامته كاللباس بخلاف النكاح فلو لم يرسله حتى تحلل لزمه إرساله إذ لا يرتفع اللزوم بالتعدي بخلاف من أمسك خمرا غير محترمة حتى تخللت لا يلزمه إراقتها وفرق بأن الخمرة انتقلت من حال إلى حال .
فإن قيل هلا كان تحلله كإسلام الكافر بعد أن ملك عبدا مسلما حيث لا يؤمر بإزالة ملكه عنه أجيب بأن الإحرام أضيق من ذلك بدليل أنه يمتنع على المحرم استعارة الصيد واستيداعه واستئجاره بخلاف الكافر في العبد المسلم .
وإذا زال ملكه عنه لا غرم إذا قتل أو أرسله .
ومن أخذه ولو قبل إرساله وليس محرما ملكه لأنه بعد لزوم الإرسال صار مباحا .
ولو مات في يده ضمنه ولو لم يتمكن من إرساله إذا كان يمكنه إرساله قبل الإحرام كنظيره في إلزام الصلاة لمن جن بعد مضي ما يسعها من وقتها دون الوضوء لأنه كان متمكنا من فعله قبل دخول الوقت .
ولا يجب إرساله قبل الإحرام بلا خلاف ولو أحرم أحد مالكيه تعذر إرساله فيلزمه رفع يده عنه ذكره في المجموع .
قال الزركشي ولو كان في ملك الصبي صيد فهل يلزم الولي إرساله ويغرم قيمته كما يغرم قيمة النفقة الزائدة بالسفر فيه احتمال ا . ه " .
وينبغي اللزوم ولو حفر المحرم بئرا حيث كان أو حفرها حلال في الحرم فأهلك صيدا نظرت فإن حفرها عدوانا ضمن وإلا فالحافر في الحرم فقط عليه الضمان لأن حرمة الحرم لا تختلف .
ولو استعار حلال صيدا وأتلفه محرما ضمنه بقيمته لمالكه وبمثله لحق الله تعالى وقد نظم بعضهم هذه المسألة في بيتين فقال عندي سؤال حسن مستظرف فرع على أصلين قد تفرعا قابض شيء برضا مالكه ويضمن القيمة والمثل معا ولو دخل كافر الحرم وأتلف صيدا ضمنه وقيل لا لأنه لم يلتزم حرمته .
وعلى الأول يكون كالمسلم في كيفية الضمان إلا في الصوم .
واعلم أن الصيد ضربان ما له مثل من النعم في الصورة والخلقة تقريبا فيضمن به وما لا مثل له فيضمن بالقيمة إن لم يكن فيه نقل .
ومن الأول ما فيه نقل بعضه عن النبي A وبعضه عن السلف فيتبع .
وقد شرع المصنف في بيان ذلك فقال " ففي " إتلاف " النعامة " بفتح النون ذكرا كان أو أنثى " بدنة " كذلك فلا تجزىء بقرة ولا سبع شياه أو أكثر لأن جزاء الصيد يراعى فيه المماثلة . " .
وفي " واحد من " بقر الوحش و " في واحد من ( 1 / 526 ) حماره " أي الوحش " بقرة " أي واحد من البقر " و " في " الغزال " وهو ولد الظبية إلى أن يطلع قرناه معز صغير .
ففي الذكر جدي أو جفرة والأنثى عناق أو جفرة على حسب جسم الصيد .
فإن طلع قرناه سمي الذكر ظبيا والأنثى ظبية .
وفيها " عنز " وهي أنثى المعز التي تم لها سنة . " .
و " في " الأرنب عناق " وهي أنثى المعز إذا قويت ما لم تبلغ سنة ذكره المصنف في تحريره وغيره في أصل الروضة وغيره أنها أنثى المعز من حين تولد حتى ترعى ويمكن حمله على الأول . " .
و " في " اليربوع " أو الوبر بإسكان الموحدة " جفرة " وهي كما في أصل الروضة أنثى المعز إذا بلغت أربعة أشهر وفصلت عن أمها .
والذكر جفر سمي به لأنه جفر جنباه أي عظما هذا معناهما لغة .
قال الشيخان لكن يجب أن يكون المراد بالجفرة هنا ما دون العناق إذ الأرنب خير من اليربوع .
وفي الضبع كبش وفي الثعلب شاة وفي الضب أو أم حبين بضم المهملة وفتح الموحدة وهي دابة على خلقة الحرباء عظيمة البدن جدي . " .
وما لا نقل فيه " من الصيد عمن سيأتي " يحكم بمثله " من النعم " عدلان " لقوله تعالى " يحكم به ذوا عدل منكم " الآية .
والعبرة في المماثلة بالخلقة والصورة تقريبا لا تحقيقا فأين النعامة من البدنة لا بالقيمة فيلزم في الكبير كبير وفي الصغير صغير وفي الذكر ذكر وفي الأنثى أنثى وفي الصحيح صحيح وفي المعيب معيب إن اتحد جنس العيب ولو اختلف محله كأن كان عور أحدهما في اليمين والآخر في اليسار فإن اختلف كالعور والجرب فلا وفي السمين سمين وفي الهزيل هزيل كما في المجموع ولو فدى المريض بالصحيح أو المعيب بالسليم أو الهزيل بالسمين فهو أفضل ويجزىء فداء الذكر بالأنثى وعكسه لكن الذكر أفضل ويجب في الحامل حامل ولا تذبح بل تقوم فإن ألقت جنينا ميتا وماتت فكقتل الحامل وإن عاشت ضمن نقصها أو حيا وماتا ضمنهما أو مات دونها ضمنه ونقصها وهو ما بين قيمتها حاملا وحائلا .
ويجب أن يكون العدلان فقيهين فطنين لأنهما حينئذ أعرف بالشبه المعتبر شرعا